خطاب ابو مازن.. وهذا ما قاله عرفات عن مصيدة اوسلو

الساعة 12:56 م|24 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم : بسام ابو شريف

لا نقصد من وراء هذا المقال حول الوضع في الساحة الفلسطينية التجريح الشخصي أو الاساءة لقيادات معينة ، بل نستهدف الاستفادة من دروس التجربة ، ولوضع حد لجعل التجربة ميدان الحركة السياسية الوحيد للقيادة الفلسطينية … فالخطأ السياسي المتصل بمسار قضية عادلة قد يؤدي الى كارثة سياسية تلحق بالتنظيم وبالشعب خسارة لايمكن تعويضها ، وكم من خطأ سياسي كبير في التاريخ دمر أحزابا وحركات شعوب .

عندما تبنى المجلس الوطني الفلسطيني يرنامج ” حل الدولتين ” ، كان يستند الى انتفاضة شعبية عارمة حاصرت اسرائيل تحت وضع احتلال اجرامي للأراضي الفلسطينية وللشعب الفلسطيني . فقد خلقت الانتفاضة الأولى ميزان قوى مكن م .ت . ف جر الاحتلال الاسرائيلي لطاولة مفاوضات في مدريد تحت رعاية روسية أميركية ومشاركة أوروبية وأقليمية فاعلة .

والأهم أن مفاوضات مدريد انطلقت على أساس من الشرعية الدولية واضح كل الوضوح ، وهو تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و338 ، والتي تنص حرفيا على ” الانسحاب الفوري للقوى الاسرائيلية المحتلة ” من الأراضي التي احتلتها عام 1967 . ورغم معارضة شامير ، رئيس وزراء اسرائيل لمشاركة م .ت .ف عمل الراعيان على ايجاد حل تعين من خلاله م .ت .ف أعضاء الوفد المفاوض ، وشكل الوفد برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي ” رحمه الله وأحسن اليه ” ، وكان جيمس بيكر وشيفارنادزة وزيران للخارجية الأميركية  والروسية آنذاك .

واصطدم الاثنان برفض اسرائيلي لتطبيق القرارين ، وشكلت لجان مختصة لبحث آلية الانسحاب وتوقيتاته الزمنية ، ومطمطمت اسرائيل وتلكأت ورفضت لكن الارادة الدولية كانت حاضرة ، وان كانت غير قادرة على استخدام أدوات ضغط أفعل ، وذلك بسبب الرعاية الأميركية لاسرائيل وعدم رغبة الروس آنذاك باغضاب الأميركيين .

وحتى مع هذه المعطيات وثق التاريخ مؤتمرا صحفيا لوزير الخارجية جيمس بيكر يقول فيه بغضب : ” اذا أراد الاسرائيليون التجاوب مع جهود السلام وتطبيق القرارات الدولية فهذا هو رقم هاتف البيت الأبيض ليتصلوا بنا ” .

وكان تصريح بيكر هذا غير مسبوق في العلاقة الاسرائيلية الأميركية ، وشكل نوعا من الغضب الأميركي العلني من عدم تجاوب الاسرائيليين مع الجهود الدولية لتطبيق قرارات مجلس الأمن ، رغم ذلك استمرت الجهود …لانجاح مؤتمر مدريد .

في هذه الفترة الحساسة بالذات أظهر بعض الفلسطينيين الذين شغلوا مناصب رفيعة تمكنهم من التأثير في صنع القرار انزعاجا من الوقت الطويل الذي تستهله المفاوضات ، وتسرب الى نفوسهم الشك حول أهمية وقدرة مؤتمر مدريد على تحقيق أهدافه ، ولاشك أن العامل الرءيسي الذي جعل من مؤتمر مدريد يتمدد زمنيا ويبتعد عن تحقيق أهدافه هو خطأ كبير ارتكبه بعض منظري الحل السياسي ، ” وهو الموافقة  بالتعهد على وقف الانتفاضة مع بداية مؤتمر مدريد ” ، وكان هذا الخطأ هو المقتل لفاعلية مؤتمر مدريد ، اذ كيف يمكن لمفاوضات أن تأتي بنتائج مستهدفة دون أن يكون للطرف المفاوض لانتزاع حقوقه من ” القوة ” ، مايؤهله لانتزاع مايريد ، كيف يمكن أن تجبر اسرائيل على الانسحاب بعد عقود من رفض تنفيذ قراري مجلس الأمن دون أن يخلق ميزان قوى يؤدي الى ذلك ؟ ، مع غياب النية للقوى العظمى على استخدام أدوات الضغط لاجبار اسرائيل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن .

ميزان القوى – حشر اسرائيل في زاوية الانتفاضة – هو الذي أجبرها على حضور مؤتمر مدريد ، فكيف تلقي القيادة الفلسطينية سلاحها جانبا مع انحناء اسرائيل وحضورها مؤتمر مدريد لبحث تطبيق قراري 242 و338 .

كان هذا خطأ سياسيا فادحا ، وذلك على عدم معرفة بعض القيادالت المؤثرة بقانون علمي لاغنى عنه وهو : ” ان ميزان القوى هو الذي يقرر نتائج مفاوضات بين طرفين متنازعين ومتصارعين ” ، وفي حالة فلسطين كانت ترجمة هذا القانون هو ماسجلناه ونشرناه علنا وهو : ” ان القوة التي يحتاجها الطرف الفلسطيني لانتزاع حقوق الشعب من المحتل الاسرائيلي ، واقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وضمان حق العودة هي نفس المقدار من القوة التي يحتاجها الفلسطينيون لهزيمة اسرائيل ” ، وقف الانتفاضة مع بداية المفاوضات أفقدت الطرف الفلسطيني القدرة على مراكمة القوة لخلق ميزان كفيل باجبار اسرائيل على الانسحاب ، وللتوضيح نحن لانعني ميزان القوى الميزان العسكري فقط ، بل نقصد كافة مكونات الميزان – ومن ضمنها الحركة الشعبية المقاومة ، والحركة الاعلامية ، وتنشيط دور الرأي العام العالمي ، وتأييد الشعوب وحشد التأييد الدولي ، واستخدام الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة ، والعلاقات مع دول افريقيا واميركا اللاتينية وآسيا واوروبا .

اوسلو… الخطيئة المميتة

في هذه الأثناء جاء من يهمس في أذني القيادة الفلسطينية بأن حزب العمل الذي فاز بالانتخابات يبدي استعدادا للتفاوض المباشر والسري مع م .ت .ف ، وبشكل مباشر ودون تدخل أو معرفة الولايات المتحدة وروسيا !!! ، وكان رد فعل ياسر عرفات الأولي : ” هذا مجرى مختلف تماما عن المؤتمر الدولي ! ومن سيضبط الأمور بغياب الدولتين العظميين الضامنتين لقرارات مجلس الأمن ؟ ” ، وتحدثت مطولا مع الرئيس الراحل ، ونبهت الى خطورة هذا وانه ” فخ ” ينصب لمنظمة التحرير ليفقدها الزخم الدولي الداعم لتطبيق قراري 242 و338 ، وانهالت الاتصالات على الرئيس الراحل للضغط بهذا الاتجاه ، وكانت معظمها من قيادات فتحاوية !!! يلعب بعضها الآن دورا أساسيا في صنع القرار الفلسطيني الخاطىء .

واستمر النقاش بيننا ، كان الرئيس عرفات منشدا الى هدفه : تحقيق الحلم الفلسطيني بقيادته باقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس ، واحتد النقاش بيننا في احدى الليالي حول خطورة المجرى التفاوضي الذي يقترحه حزب العمل ، وقلت له : اسأل نفسك السؤال ..اذا كان لدى حزب العمل نوايا مختلفة فلماذا لايستمر في مؤتمر مدريد ؟ لماذا يريد مفاوضات سرية دون رقابة من الدول العظمى ؟ ، واتبعت بالقول : الجواب واضح .. انهم يريدون م .ت .ف وحدها ليستفردوا وليستغلوا الانشداد لانجاز الدولة ، لكنهم في الحقيقة يريدون من  م .ت .ف أن تكون حاكما اداريا للأراضي الفلسطينية نيابة عن الاحتلال الذي سيحتفظ بالسيادة ، ولن يوافق على اقامة الدولة ، وهذا يعني التهرب من تطبيق 242 و338 الذي اعتبرته الدولتان الراعيتان واشنطن وموسكو اساسا لمفاوضات مدريد ! .

وللتدليل على أهمية ما أقوله أجرينا في تلك الليلة اتصالا هاتفيا مع أحد الأصدقاء اللبنانيين الذي كان على صلة وعلاقة حميمة مع جيمس بيكر ، وطلبنا منه أن يكلمه ليستفسر عن أمور مدريد ، وكان الاتفاق بيننا أن يبقي مكالماتهما الهاتفية مفتوحة لدينا لنستمع لما يقوله بيكر ، وبالفعل تم ذلك ، وسمع الرئيس ياسر عرفات بأذنيه جيمس بيكر يقول ان مؤتمر مدريد معركة وان أطرافا في واشنطن ضالعة وان علينا أن نصبر ونتابع ، وانه سيعمل على مشاركة م .ت .ف مباشرة في بعض اللجان المنبثقة عن مدريد .

اتخذ القرار وذهب المفاوضون الى اوسلو حاملين ومتحملين نتائج فقدان القوة الداعمة لأي وفد مفاوض ، ذهب الوفد بدون الانتفاضة ليفاوض الاسرائيليين في اوسلو !! ، وجاءت النتائج كما توقعت ، كانت اوسلو فخا سياسيا واداريا وماليا وسياديا .

وعزلت نفسي أكثر من عام من الزمن الى أن اتصل بي الرئيس الراحل من غزة ، وكنت في بيت والدي في عمان وسألني ان كنت أريد التوجه لفلسطين لأنه يريدني هناك ، فكان جوابي : اذا كنت بحاجة لي سوف أدخل للأرض المحتلة ، ورتب الأمر وعبرت من نهر الأردن وتوجهت الى غزة .

وصلت غزة قبل يوم من موعد تسليم مدينة الخليل للرئيس ياسر عرفات ، وكان بنيامين نتنياهو قد فاز بالانتخابات لرئاسة الوزراء لأول مرة .

رافقت الرئيس في رحلته من غزة الى الخليل وكنت مستغربا ومندهشا من الطريق الذي سلكته طائرة هيلوكبتر خاصة بالرئيس تقودها طائرتا هيلوكبتر اسرائيليتين تحددان لها المسار . ويبدو أن نتنياهو أعطى تعليمات لتسلك الطائرات طريقا التفافيا كي يرى ياسر عرفات مواقع المستوطنات الحصينة على كل تلة وجبل في الضفة الغربية ، وبعد وصولنا الخليل بدأت تتضح معالم فتح جديد هو أن يضاف للاضافة حق اسرائيل في ابقاء مستوطنات قرب الحرم الابراهيمي ، رفض الرئيس عرفات ، وانهالت عليه الضغوطات ، ووقفت صامتا أشاهد العجب ، خالد سلام ” محمد رشيد ” ، كان واسطة بين المخابرات الاسرائيلية والسلطة، وأحاطت بالرئيس شلة منتفعين تباهى أحدهم أمامي بالقول : نتنياهو يناديني باسمي الأول وهو لطيف ؟! ، فنظرت اليه شزرا ، كان الرئيس غاضبا ومتوترا وعدنا وهو على هذه الحالة ، وفي غزة خلا مكتبه الا منه ومني ، لم أفه بكلمة ، بل رحت أنظر اليه وأشعره بأنني أنتظر منه أن يتكلم أو أن يعلق ، ” نوايا سيئة ” ، قالها الرئيس وكأنه يخاطب نفسه ، والتفت الي وقال : شفت المستوطنات ؟! ، قلت نعم وابتسمت ، ” ايه بتبتسم على ايه ؟ ، قلت : الفرنجة أقاموا بلدات ومدن لهم ميزان القوى يا ابو عمار ، هز رأسه … ، وبدأت حسابات ياسر عرفات بعد الخليل تختلف ، بدأ يفكر في ” الكمين الذي نصب له ..!!.

الانتفاضة ، السلاح .. وقامت اسرائيل باغتياله لأنها تريد التفاهم مع قادة يريدون ” السلام ” وليس مع ارهابيين . وكان هذا فخا آخر لمن ظنوا أن” خطهم المسالم ” ، والمهادن والمنحني لرغبات الاحتلال سوف يؤدي الى نتائج وعد بها شارون ؟!

ولم يفكر عقلهم القاصر بأن اسرائيل لاتريد السلام وأن من يحكم اسرائيل ليس حكومة اسرائيل ، ولم يدرك هؤلاء القاصرين في تفكيرهم والجاهلين لحقائق أساسية ان اغتيال رابين كان قرارا من ” الكوكس ” ، الذي يحكم اسرائيل كما يحكم أجهزتها خاصة الشاباك ، ولم يتسع دماغهم الصغير لمعرفة أن شارون مات اغتيالا ايضا بسبب انسحابه من غزة ووعوده ، وحتى الآن يتصرف هؤلاء وكأن الذين يحكمون اسرائيل يمكن التفاوض معهم للوصول الى سلام !!! .

بعد اغتيال الرئيس ياسر عرفات ومجيء الرئيس محمود عباس ليترأس السلطة ومنظمة التحرير ، بدأت عملية انغماس أعمق في الرهان على موقف الحكومتين الاسرائيلية والأميركية ، وكان هذا ليس تكريسا للخطأ فقط بل امعانا في ارتكابه ، فقد تجاوبت السلطة مع كافة طلبات الحكومة الاسرائيلية لملاحقة المناضلين والقضاء على المقاومة ، وذلك تحت بند التنسيق الأمني .

اذ كان شارون قد أعلن أكثر من مرة وطرح في أكثر من اجتماع مشترك مع السلطة ان التخلص من عرفات هو المقدمة الضرورية ” للقضاء على الارهاب ” .

وأعلن الرئيس محمود عباس انه لن يسمح بأي مقاومة مسلحة وانه سيلاحق ويعتقل من يقوم بأي عملية عسكرية ، وعبر عن ذلك بقوله : ” لن أسمح باستخدام السلاح ولن يتم ذلك الا على جثتي ” ، وفي مقابلة اخرى وردا على حرب السككين قال للتليفزيون الاسرائيلي : ” اننا نفتش حقائب أطفال المدارس لمنع السكاكين ” ، مدللا بذلك على حرصه على منع أي مقاومة للعدو حتى بالسكاكين .

وحول الاسرائيليون والأميركيون السلطة الى ألعوبة وأداة مستفيدين من الوقت للتمدد الاستيطاني ، وتهويد القدس ، وترحيل العائلات وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي وبناء عشرات اللآف من الوحدات السكنية والمستوطنات .

وأمام صمت السلطة تمادى الكنيست فراح يشرع قوانين لم يسبق للتاريخ أن رأى أبشع منها :

اعتقال الأطفال ، تقديم الأطفال لمحاكم عسكرية ، اعطاء الحق للجنود باطلاق الناردون أوامر ، اعطاء الحق لأي اسرائيلي بمصادرة أملاك الفلسطينيين في كافة المناطق في الضفة ، تهويد القدس ، تدنيس الأقصى ، التوسع في الاعتقال الاداري ، هدم بيوت عائلات ينتمي لها مقاومون ، هدم بيوت تحت حجج عدم وجود ترخيص ، الانتشار العسكري المباشر في كافة المناطق بمافيها مناطق تقع تحت سيطرة أمنية فلسطينية . اقتحام المدن والبلدات والقرى والمخيمات بقوات عسكرية رسمية ومستوطنين مسلحين ” هم في الواقع جنود في اجازة ” ، اطلاق النار على المدنيين ، قتل الأطفال ، وأبشع تلك الحوادث احراق طفل رضيع وامه التي احتضنته  بهجوم مستوطنين على منزل عائلة في الشمال ، اعتقال الالآف من الفلسطينيين دون تهم وبأوامر ادارية .

كل هذا يتم وتم ولم تحرك السلطة نفسها لتقدم شكوى لمحكمة الجنايات أو لمحكمة العدل الدولية ، ولم تستخدم المحاكم الأميركية لاثارة مقتل وجرح اميركيتين من أصل فلسطيني ، في الواقع لم تعر السلطة أي اهتمام لفضح اسرائيل وتعريتها في المحافل الدولية بينما هدرت الأموال على المصفقين     لها ونهب الفاسدين ، الخطيئة الكبرى للسلطة بعد اغتيال ابو عمار كانت انغماسها في السراب والمراهنة  على الأعداء والاعتقاد أن الدولة يمكن أن تقام دون امتلاك ميزان قوى يمكنها من فرض ذلك .

ووصلت الأمور الى ضم القدس واعلانها من قبل حليف السلطة المزعوم ” الولايات المتحدة ” عاصمة لاسرائيل ، وتوج انغماس السلطة في الوهم وتساوقها مع مطالب الأعداء الى حد اعلان الادارة الأميركية عن نيتها ” فرض حل يؤدي الى ترحيل الشعب الفلسطيني الى سيناء وتسليم كامل الأراضي الفلسطينية لاسرائيل واطلاق اسم يهودا والسامرة على الضفة الغربية ” . هذه الأخطاء المدمرة ونتائجها دفعت الشعب الفلسطيني للهبة ضد مخططات العدو خاصة فيمايتصل بالقدس وقرار ترامب اعتبارها عاصمة لاسرائيل .

وتعاملت السلطة بلا مبالاة مع كل هذا ممايدلل على انعدام الشعور بالمسؤولية ، وعدم أهلية الحاكمين لمواجهة المخاطر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية .

وأمام تراكم الغضب الشعبي على مواقف السلطة دعي لاجتماع المجلس المركزي لبحث الوضع ، وهذا هو أول اجتماع يتم منذ أن اتخذ ترامب قراراته المعادية للشعب الفلسطيني .

المجلس المركزي ” لمن لا يعلم ” ، هو هيئة أضيفت لهيكلية م .ت .ف وكحلقة وسيطة بين المجلس الوطني ” البرلمان ” ، واللجنة التنفيذية ” الهيئة القيادية التنفيذية ” والمجلس المركزي لايحق له اتخاذ قرارات بل توصيات قد تأخذ بها اللجنة التنفيذية وقد لاتأخذ ، لذلك فان أي بيان يصدر عن المجلس المركزي لايعتبر ملزما للقيادة الفلسطينية ” اللجنة التنفيذية ” ، واذا دققنا في اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف نجد أنها غير شرعية من حيث عضوية عدد لابأس به من أعضائها .

يضاف الى ذلك أن هذه اللجنة لم تجتمع بنصاب قانوني وبشكل شرعي منذ سنوات ، فاللجنة التنفيذية تنتخب من المجلس الوطني ، والجواب على سؤال بسيط يدل على عدم شرعية عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية ، منذ متى لم يعقد المجلس الوطني جلساته ؟ سنوات عديدة ، وكم عضو لجنة تنفيذية عين تعيينا دون اجتماع مجلس وطني لينتخب بدائل عن المتوفين أو ممثلين لتنظيمات اندثرت ، ومازال ممثلوها كأفراد يحضرون اللجنة التنفيذية ويقبضون أموالا كرواتب لمقاتلين غير موجودين ؟؟؟ ، هؤلاء الأعضاء لايحترمون أنفسهم لأنهم لايحترمون شعبهم ولايحترمون منظمة التحرير ونظامها الداخلي ، فلو كانوا يحترمون أنفسهم لما قبلوا بأن يكونوا أعضاء غير منخبين ؟! وهم يعرفون أنفسهم ,

رغم هذا فان الاجتماع الذي عقد في رام الله لم يكن اجتماع مجلس مركزي بنصاب ، بل كان تجمعا لموظفي السلطة ووزرائها والعاملين في المقاطعة ليستمعوا لخطاب الرئيس محمود عباس .

من لاحظ منكم الفوارق بين البيان الختامي الذي صدر عن ” المجلس المركزي ” وقرأه رئيس المجلس الوطني الأخ ابو الأديب وبين خطاب الرئيس محمود عباس ، عليه أن يسارع لفهم أن بيان المجلس المركزي غير ملزم ، بينما كلام الرئيس محمود عباس هو التعبير عن المنهج والسياسة التي ستسير عليها السلطة .

فماهو المستخلص من كل هذا ؟ ، ماهي السياسة التي ستتبعها السلطة ، وماهو موقف السلطة ؟؟

الرئيس محمود عباس كان واضحا جدا ، ولم يفصح في خطابه الا عن الموقف الذي سيتخذه والسياسة التي سيتبعها ، وحدد ذلك بالنقاط التالية :

انه ضد التصدي للمخطط التصفوي الذي شرعت اسرائيل والولايات المتحدة في تنفيذه الا بالعمل الدبلوماسي والسياسي .

سيبقى في اطار التفاوض مع اسرائيل تحت شعار ” مع من نتفاوض اذا لم نتفاوض مع اسرائيل ” .

انه سيستمر في السعي للحصول على قرار الاعتراف بالدولة رغم الفيتو الأميركي حتى لو تطلب ذلك عشرين عاما .

ابقى الباب مفتوحا للعلاقة مع الادارة الأميركية عبر تعابير خلافية من نوع قوله لترامب ” عيب ” تقطع المعونات ” وكان جواب ترامب وقف المساهمة في مالية وموازنة ” الاونروا ” .

خطاب الرئيس ابو مازن يبقي أوضاع م.ت.ف على حالها ويرفض آراء شركائه في ” المصالحة ” ، ويبقي على التنسيق الأمني ، ولايستخدم أسلحة هامة كمحكمة الجنايات ، ويرفض العمل العسكري ، ويحافظ على مشاركة السلطة في المفاوضات !!!، رغم أن المفاوضات لاتعني الآن سوى بحث مشروع ترامب الذي تدعمه اسرائيل والسعودية ودول خليجية . من هذا نستخلص أن مواجهة مخطط تصفيةقضية فلسطين يتطلب من قوى المقاومة الفصل التام بين نهج السلطة ونهجها ، وهذا يتطلب الشروع في تطهير م .ت .ف رغم أنف السلطة تماما كما حصل عندما تسلمت مقاليد م .ت .ف فصائل الكفاح المسلح عام 1968 ، ولهذا التطوير مقدمات ضرورية أهمها أن تكون ” فتح ” مشاركة في هذه العملية ، ففتح تبقى التنظيم الكبير الذي قاد الثورة وبزعامة ياسر عرفات ، وأعضاء فتح وكوادرها وطنيون ويتحرقون شوقا لنضال حقيقي لصد العدوان وتحرير الوطن ، ولذلك فان مشاركتها الفاعلة في عملية التطهير خطوة وشرط ضروري لانجاح العملية .

والخطوة المتلازمة هي بناء داخلي جديد يجعل الصلة بين القيادات والشعب صلة مباشرة ووثيقة ، وليس على طريقة سادت منذ أن أقيمت السلطة ، ولابد من نقلة نوعية جديدة نابعة من ترابط أطراف العدوان وعملهم المشترك لفرض مشروع ترامب ، وهي تنظيم الروابط والتعاون والعمل المشترك بين فصائل المقاومة العربية ، فترابط أطراف معسكر الأعداء وقيادتها المشتركة للعدوان ، مطلوب ترابط الأطراف للدفاع عن الأمة وعملها المشترك ايضا اذ لم يعد مفيدا أو فاعلا أن يعزل الصراع في مواقع جغرافية يحددها العدو ، بل لابد من مواجهة المخطط في كل الساحات ، فالمعارك في سوريا هدفها اجراء وفرض تغييرات كي تشطب قضية فلسطين من جدول أعمال سوريا ، ومخطط تقسيم سوريا هو وسيلة من وسائل توصل الاعداء الى هذاالهدف ، وكذلك العراق واليمن وليبيا ومصر ، تأسيس قيادة موحدة للمقاومة تعنى بالمواجهة على كافة الساحات والربط فيما بينها أصبحت ضرورة ماسة ، ولاشك أن هذه القيادة ستتوصل الى المعادلة الصحيحة في المواجهة الكبرى ، وهي أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع .