تقرير فضيحة تنصت الأجهزة الأمنية ..محاولات خجولة للمحاسبة وقانون عاجز امام القوة

الساعة 10:50 ص|24 يناير 2018

فلسطين اليوم

لاتزال فضيحة تنصت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة على عدد من قيادات الفصائل الفلسطينية والمقاومة، وعدد من المحامين وأصحاب القرار في فلسطين، محل نقاش وبحث لتقديم القائمين على مثل هذه الجريمة للقضاء ومنع تكرار مثل تلك الإجراءات الغير قانونية, والتي تحمل في طياتها تحضير ملفات ابتزاز وانتهاك للحقوق الشخصية واعدادها للوقت المناسب, وهو يخالف ما كفله القانون الفلسطيني .

أول بلاغ للنائب العام

مؤسسة الحق كانت أول المتقدمين ببلاغ للنائب العام، الاثنين الماضي، وطالبت بفتح تحقيق جزائي شامل في قضية التنصت على مكالمات المواطنين.

بيان صدر عن المؤسسة، في ضوء ما نشر في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من قيام أجهزة أمنية بعمليات تنصت واسعة خلافاً للقانون، شملت قوى وأحزاباً سياسية وأعضاء في المجلس التشريعي ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وصحافيين وعائلاتهم وأعضاء في مجلس نقابة المحامين، وتوفر دلائل لدى المؤسسة بوقوع عمليات التنصت.

وأكدت "الحق" في بلاغها الجزائي على وجوب احترام الحماية التي منحها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للحق في الخصوصية.

وشددت "الحق" وجوب احترام الضمانات التي كفلها قانون الإجراءات الجزائية بشأن مراقبة الاتصالات.

وأوضحت المؤسسة في بلاغها الجزائي المقدم بأن عمليات التنصت على مكالمات المواطنين حال ثبوتها تشكل جريمة موصوفة في القانون الأساسي الفلسطيني.

وطالبت النائب العام عملاً بأحكام المادة (24) من قانون الإجراءات الجزائية بفتح تحقيق جزائي شامل بقضية التنصت على مكالمات المواطنين.

الاعتراف جاء منهم

رغم نفي الأجهزة الأمنية بأنها قامت بأي عمليات تنصت، إلا أن الاعتراف كان من نفس البيت، خاصة بعد نشر ضابط فلسطيني، كان يعمل في "وحدة المراقبة الإلكترونية" بجهاز الأمن الوقائي في رام الله، تسريبات مرفقة بالصور والوثائق والأسماء، شارحًا فيها طبيعة دور جهازي الأمن الوقائي والمخابرات، في تنفيذ مشروع قدمه مسؤول الأمن الوقائي "زياد هب الريح" إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) لطلب التمويل الكامل للتنصت الإلكتروني في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) ومراقبة مكالمات صادرة وواردة لقيادات رفيعة في فصائل المقاومة الفلسطينية ذكرهم الضابط بالاسم.

وقال الضابط في تقريره المسرب الذي نشر على وسائل إعلام محلية ومواقع تواصل اجتماعي: "يا أهلي.. إنني أعلن توبتي"، كاشفًا أن الشروط الأمريكية على تمويل المشروع، تضمنت أن يكون المشروع بإدارة مشتركة بين الوقائي والمخابرات، وأن تقوم كل جهة أمنية بترشيح عدد من الأشخاص لا يتم اعتمادهم إلا بموافقة (CIA)، التي تقوم باختيار أدوات وبرمجيات التجسس، في المقابل تقوم أجهزة أمن السلطة بتذليل كل العقبات التي تعترض طريق تنفيذ المشروع.

وكشف الضابط الفلسطيني عن أسماء المتورطين في هذا المشروع من جهازي "الأمن الوقائي" و"المخابرات"، موضحًا أن العاملين في "وحدة المراقبة الإلكترونية"، كان لهم دور كبير في تقديم معلومات للاحتلال الإسرائيلي عن المقاومة الفلسطينية في حرب 2014م، مقابل تلقيهم دعمًا ماليًا للمشروع من الولايات المتحدة يبلغ 70 ألف دولار فضلًا عن رواتبهم التي تدفع لهم من وزارة المالية برام الله.

من ناحية قانونية

سمير زقوت منسق وحدة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان اعتبر ان التنصت على مكالمات المواطنين تعتبر جريمة قانونية , يتم تجريم من يرتكبها, مشيراً الى انه في حال أثبتت الأدلة أن القانون أجاز التنصت وبإذن من النيابة العامة بهدف الوصول لقضية أمنية خطيرة فهو قانوني .

وقال زقوت لمراسلنا تعقيباً على قضية التنصت التي أثارت الرأي العام: "إن القانون الفلسطيني أجاز التنصت في حال أخذ إذن من النيابة العامة، وإذا ما شك الشخص أنه ارتكب جريمة ولابد من وضعه تحت المراقبة, ولكن ما جرى الكشف عنه تنصت عام بهدف الحصول على خبر أو معلومة أو حديث قد لا يلتزم بمعايير الأدب والأخلاق، وقد تكون مصدراً لابتزاز الأشخاص, بهدف وضع الأشخاص تحت ضغط, مشيراً إلى أن تلك السلوكيات جرائم مهما كان هدف الأجهزة الأمنية .

وتابع: "الأجهزة الأمنية في معظم دول العالم وعبر التاريخ يكون لها ممارسات مخالفة وغير قانونية لبسط سيطرتها على أي نظام سياسي غير ديمقراطي، حتى في الانتخابات وغيرها تلجأ للتجسس والتنصت لملاحقة الخصوم والبحث عن أمور شخصية بهدف التمسك بها كأداة ضغط، مشدداً على انه في حال لم تخضع الأجهزة الأمنية لرقابة من القضاء والتشريع فهذا سيعزز من مكانة أجهزة الأمن واتباعها لمزيد من الأساليب غير الأخلاقية .

وأوضح زقوت، أنه في الأراضي الفلسطينية وفي ظل ظروف الاحتلال كان لابد أن يتم حماية الحريات والعمل على تحسين حالة حقوق الانسان بدلاً من فرض المزيد من التغول والانتهاك في حقوق الانسان, مشدداً على ضرورة مراجعة القانون الفلسطيني, ولابد من حمايته ووضع ضوابط من السلطات التنفيذية .

وطالب زقوت، بضرورة حماية حقوق الانسان وعدم انتهاك الخصوصية, بمشاركة من مؤسسات حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني , معتبراً انه ومن منطق المصلحة الوطنية لا بد من تعزيز الحريات وليس العكس.

ويشار الى انه بالرغم من انكشاف خيوط تنصت الأجهزة الأمنية هذه المرة على عدد من القيادات تبقى فرص محاسبتهم في ظل غياب القانون ضئيلة , واغلاق ملفات سابقة لم يعلم بها احد , وسط مطالبات بالمحاسبة وتقديم المتورطين للقضاء.

كلمات دلالية