"زيارة ساينفلد" -يديعوت

الساعة 01:16 م|22 يناير 2018

فلسطين اليوم

"زيارة ساينفلد" -يديعوت

رجل لطيف جاء من أجل لا شيء

بقلم: الون بنكاس

(المضمون: منذ اشهر وهم يتحدثون عن "صفقة القرن"، والتي تبدو كالوحش الجبار: عشرات الالاف يتحدثون عنه، عشرات يدعون بانهم رأوه، افراد يقسمون بانه لديهم أدلة على وجوده، ولكنه لا يوجد. لا توجد اي خطة سلام امريكية اكثر من "قص والصق" جزئي لمباديء كلينتون مثلما فعل كعادته صائب عريقات - المصدر).

 

هو يؤمن بخلق العالم في ستة ايام، وليس بالنشوء والارتقاء. هو لم يسمع بانه يمكن التسوية بين الامرين. من ناحيته، ليس هناك بالضرورة برهان قاطع على أن الكرة الارضية مدورة، ولا يوجد اي دليل على وجود احتباس حراري عالمي. على الاجهاض أن يكون محظورا وغير قانوني، وكذا الزواج المثلي. وهو لن يكون وحده مع النساء في غرفة واحدة، الا اذا كانت زوجته الى جانبه.

 

هو لطيف، عاطف، يحب الفوتبول، وحسب اعترافه افنجيلي مسيحي قبل أن يكون امريكيا. يحب الشعب اليهودي لان له غاية تاريخية، ويحب اسرائيل لانها تشكل مؤقتا وطن الشعب اليهودي قبل أن يتنصر بعد حرب جوج وماجوج. هذا هو الرجل الذي يوجد "على مسافة نبضة قلب" من الرئاسة الامريكية، نائب الرئيس مايك بينيس، الحاكم السابق لولاية انديانا وقبل ذلك عضو مجلس النواب. رجل لطيف.

 

هو لم يفلس خمس مرات، لا يشهر بخصومه بفظاظة. لم يغرد ضد الاعلام في منتصف الليل، لا يهدد كوريا الشمالية، لم يلتقِ دون أن يبلغ عن ذلك برجالات الحكم الروسي، وعلى اي حال لم يعدهم بشيء. كما أنه لم يتحرش بالنساء ولم يدفع كبدل سكوت مبلغ 130 الف دولار لممثلة تعرية. هو ببساطة مايك، الافنجيلي اللطيف من انديانا.

 

وها هو يأتي لزيارة في البلاد. ظاهرا زيارة سياسية، هي جزء من السياسة الخارجية. زيارة سبقها تفكير وتخطيط، هدفها وسلم اولوياتها بحثا بعناية. وظاهرا فقط. أما عمليا، فهذه هي "زيارة ساينفلد". زيارة على لا شيء. زيارة بلا اهداف، بلا انجازات لازمة، بلا تواصل في سلسلة سياسية مرتبة. مجرد زيارة. لطيفة، ولكن مجردة. رجل لطيف جاء للزيارة، وهنا كان يمكن انهاء المقال.

 

الكليشيه هي أن لكل زيارة للرئيس الامريكي أو نائبه توجد قيمة لمجرد وجودها ومساهمة في تعزيز وبروز العلاقات بين أمريكا واسرائيل صحيح. فعلاقات اسرائيل مع امريكا، منذ نهاية الستينيات، ولا سيما منذ وفي اعقاب حرب يوم الغفران في 1973، هي مضاعف قوة للامن القومي الاسرائيلي. وعليه فمحظور الاستخفاف حتى ولا بزيارة ساينفلد كهذه. ومع ذلك، ولاخراج الحماسة وسموم الادرينالين من اجزاء الحكومة وفي الاعلام مسموح أن نسأل من أجل ماذا كل هذا وهل توجد هنا دوافع واهداف.

 

في الماضي، كانت زيارة نائب الرئيس ذات مضمون، معنى وغاية سياسية. تعزيز سياقات سياسية، رسائل مباشرة من الرئيس في مستوى فوق وزير الخارجية، حل مشاكل بتكليف من الرئيس، اطلاق بالونات تجريب من الرئيس بشكل غير مباشر لمنحه "القدرة المعقولة على النفي" اذا لم ينجح هذا و "مفعول رئاسي" اذا ما نجحت التجربة.

 

هذه مهام كلف بها نائب الرئيس ال غور في عهد بيل كلينتون، ريتشارد تشيني في عهد جورج دبليو بوش، جو بايدن في ثماني سنوات ادارة براك اوباما. لهؤلاء الثلاثة كانت تجربة وخبرة في السياسة الخارجية. اما بينيس فليس له. وفضلا عن ذلك لا توجد على الاطلاق سياسة خارجية امريكية واضحة في الشرق الاوسط. كما أنه لا توجد اخفاقات مثلما يشكو الفلسطينيون واجزاء من الساحة السياسية في اسرائيل. ببساطة لا يوجد شيء.

 

منذ اشهر وهم يتحدثون عن "صفقة القرن"، والتي تبدو كالوحش الجبار: عشرات الالاف يتحدثون عنه، عشرات يدعون بانهم رأوه، افراد يقسمون بانه لديهم أدلة على وجوده، ولكنه لا يوجد. لا توجد اي خطة سلام امريكية اكثر من "قص والصق" جزئي لمباديء كلينتون مثلما فعل كعادته صائب عريقات.

 

جدول اعمال سياسي؟ لا يوجد. خطط سياسية؟ لا يوجد. ازمات سياسية وجود بينيس حيوي لحلها؟ لا توجد حقا. في الازمات القائمة: سوريا، اليمن، تركيا – سوريا، قطر – السعودية، علاقات اسرائيل والسلطة الفلسطينية، الولايات المتحدة لا تتدخل وتكتفي بتغريدات عظيمة الانطباع وتباهي ذاتي لترامب على التويتر. إذن مع ذلك، لماذا جاء بينيس، رغم أن الفلسطينيين يقاطعونه والعالم العربي متحفظ تجاهه وتجاه ترامب؟ لانه قبل كل شيء افنجيلي. لانه حقا صديقا للشعب اليهودي، حتى وان كان بالمعنى الثيولوجي اساسا، ولانه يعرف بان نبضة القلب الناقصة التي تقسم بينه وبين الرئاسة تنشأ من نبضة تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر.

 

كلمات دلالية