هذا ليس بيبي، غولدا كانت هناك قبله -هآرتس

الساعة 01:35 م|18 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: دان مرغليت

(المضمون: نتنياهو راض عن خطاب محمود عباس لأنه يريد استغلاله سياسيا من اجل التدليل على أن الفلسطينيين لا يريدون السلام، وهذه الطريقة هي نفس الطريقة التي استخدمتها قبله غولدا مئير عندما رفضت اقتراح موشيه ديان الانسحاب من قناة السويس قبل حرب يوم الغفران - المصدر).

هجوم محمود عباس على دونالد ترامب بكلمات "لتذهب الى الجحيم" و"يخرب بيتك" يعيد الى الاذهان مقولة آبا ايبان أن "الفلسطينيين لم يفوتوا أي فرصة لتفويت الفرص". صحيح أنه منذ سنوات وهذه المقولة لا تخص الفلسطينيين فقط، فاسرائيل ايضا هي ممن يفوتون الفرص.

 

البداية كانت في صيف 1970 عندما قالت غولدا مئير نعم، والتي تعني لا، لمبادرة موشيه ديان للانسحاب من قناة السويس - بموافقة أنور السادات – وتحملت المسؤولية السلبية عن حرب يوم الغفران. منذ ذلك الحين زادت الدلائل على أن اسرائيل ايضا تصد كل مبادرة سياسية جدية، لكن الفلسطينيين هم شركاء كاملين في هذا الوضع. هكذا، عندما عادوا في التسعينيات الى الارهاب الذي أنهى اتفاقات اوسلو ورفع الى الحكم بنيامين نتنياهو، وهكذا عندما ياسر عرفات ومحمود عباس رفضا استعداد اهود باراك للبحث بصورة متساهلة في مستقبل القدس، وعندما لم يردا مطلقا على الخريطة النهائية التي عرضها اهود اولمرت عليهم.

 

إن استعراض المفترقات التي خيبت الآمال منذ ذلك الحين يوصف بنموذج سلوك موحد: طالما أن العالم سلم بادعاء اسرائيل أن الفلسطينيين هم المسؤولون عن الجمود السياسي – وتوجد على ذلك براهين كثيرة – توقفت اسرائيل في مكانها ولم تطلب شيء أكثر. فقد ارادت أن يصادق الامريكيون على أنها تتصرف بشكل سليم، ولم يكن لها أي شأن في التقدم نحو اتفاق جدي (مناحيم بيغن كان شاذا بصورة ايجابية). ولم يكن ايضا لدى القيادة الفلسطينية ما يلح عليها.

 

ولكن عدم مبالاة الحكومات في العالم تلاشت مع اندلاع المواجهات بين الطرفين، سواء كان ذلك في حرب اسرائيل ضد الدول العربية أو ضد الانتفاضة. حقيقة أنه حتى ذلك الحين توصلت اسرائيل الى تفاهمات مع حكومات صديقة بأنه لا حاجة الى التقدم في المسار السياسي، فقدت أهميتها. فجأة الاشارات التي اعطاها هنري كيسنجر لغولدا مئير، الذي كان يستطيع فعل أي شيء، التي حلت محل ادارة مفاوضات جدية، تبدو غير ذات صلة. مرة واحدة تغير الواقع وكل شيء التهمته النار.

 

الواقع في العام 2018 مشابه. نتنياهو وصل الى الهدف، بالتحديد في خطاب نفاد الصبر لعباس. لقد وجد له دليل حاسم على أن الفلسطينيين لا ينوون صنع السلام مع اسرائيل. لقد تم

 

استكمال المهمة ونجح كل شيء. وحسب القناة الثانية أول أمس فان عباس حصل من السعودية على معلومات تفيد بأن اقتراح الحل الامريكي فارغ من المضمون بالنسبة للفلسطينيين، وبدل المساومة قام بالقاء زجاجة حارقة في قلب الصراع، وحكومة اسرائيل سعيدة. كل شيء سيبقى متجمدا في مكانه.

 

في نفس تلك النشرة في القناة الثانية كشف عن أن نائب وزير الدفاع ايلي بن دهان يعمل على تسوية وضع مستوطنات غير قانونية في يهودا والسامرة. لقد تم اختراق الحدود، وظهرت صورة وضع مسعور، أن يتم أخذ كل ما هو في متناول اليد، مثل العجوز في اسطورة السمكة الذهبية. اسرائيل تحت حكم نتنياهو فقدت كل الكوابح – هي فرحة برفض اجراء المفاوضات من قبل الفلسطينيين بدل علاج الطريق المسدود، والنتائج الخطيرة على المدى البعيد لغياب اتصالات سياسية.

 

ترامب هو شرك من العسل لاسرائيل. امريكا التي ستتبنى بشكل كامل موقف نتنياهو ستحبط أي مفاوضات. ورغم أن الحكومة راضية، فمن الحيوي وجود شخص مسؤول يوقف هذا الامر ويقول بانجليزية سليمة "من المفضل أن تكون صادقا". ذات يوم، سواء بوجود ترامب أو عدمه، فان الواقع العنيف سينفجر في وجه اسرائيل التي لم تحسن التصرف بصورة معتدلة ولم تعرض على الامريكيين العمل من اجلها بصورة حذرة اكثر وتواضع.

 

نتنياهو يقوم باستغلال الخطاب الحقير لعباس لاغراض سياسية من اجل تحقيق الفشل الذي يقوده هو نفسه. يجب علينا تذكر أن هذه الطريقة لم يخترعها نتنياهو. فغولدا مئير كانت هناك قبله. وهي ايضا كانت راضية عن فشلها، وجميعنا وصلنا الى قناة السويس في اعقاب غبائها في سيارة كانت تحمل الاحتياط.