الازمة في غزة- يديعوت

الساعة 01:29 م|17 يناير 2018

فلسطين اليوم

الازمة في غزة- يديعوت

العمل في اسرائيل كمصلحة متبادلة

بقلم: عوديد شالوم

(المضمون: في المستوى العملي يمكن تنفيذ تسهيلات يستفيد منها الطرفان، ارباب العمل الاسرائيليون والغزيون المحتاجون للعمل على حد سواء -المصدر).

 

المطر، الذي من المتوقع ان يهطل في منطقتنا في الليلة ما بين الخميس والجمعة، لن يستقبل ببركة في مخيم جباليا للاجئين. فالحديث يدور عن احد الاماكن الاكثر اكتظاظا في العالم: اكثر من 110 الف نسمة يعيشون في 1.4 كيلو متر مربع، مع بنى تحتية للعالم الثالث التي تجعل الطرق في المخيم عجينة لزجة يكاد لا يمر بها أحد. ولكن دعك من البنى التحتية المتخلفة. فمن يهمه الوحل حين لا يكون هناك مصدر رزق.

 

على مدى عشرات السنين خرج معظم الرجال الذين يسكنون في جباليا للعمل في اسرائيل. بنوا المباني والاحياء التي نعيش فيها وحرثوا حقولنا، الى أن بدأت الانتفاضة الثانية في 2000. بعدها اندثر العمل في اسرائيل، الى أن توقف تماما بعد فك الارتباط في 2005. والان، نجد أن معظم سكان مخيم اللاجئين عاطلين عن العمل، يعيشون من مخصصات الغذاء التي توزعها الوكالة.

 

قطاع غزة يوشك على الانهيار في كل المجالات المدنية. وضع المستشفيات سيء، البنى التحتية المتهالكة من شأنها أن تؤدي الى اندلاع الامراض والاوبئة، الاقتصاد محطم، ونحن نصف قوة العمل هناك تجلس في البيوت عاطلة عن العمل. وليست منظمات الاغاثة الدولية فقط هي التي تحذر من الوضع الرهيب هناك، بل وجهاز الامن الاسرائيلي ايضا.

 

قبل نحو شهر، في زيارة الى معبر ايرز على حدود القطاع التقيت نبيل البواب، رجل أعمال غزي يملك مصنع نسيج في المنطقة الصناعية كرني شمالي غزة. البواب هو واحد من 551 رجل أعمال من القطاع يحملون تصريح دخول الى اسرائيل. حتى قبل سنتين اقرت اسرائيل لـ 3.300 رجل اعمال غزي تصاريح للدخول الى نطاقها والقيام بالاعمال التجارية هنا. اما الانخفاض في عدد التصاريح فينبع لاسباب امنية، ولكن ليس فقط امنية. فالوضع الاقتصادي الصعب لسكان غزة قلص جدا القوة الشرائية، والعديد من الاعمال التجارية اغلقت. اما عن الوضع الصعب فتدل ايضا كميات البضائع الوافدة عبر معبر كرم سالم، والتي قلت في السنة الاخيرة جدا. عندما لا يكون لدى الناس مال، فلا معنى لادخال الملابس، الاغذية وباقي منتجات الاستهلاك.

 

يشغل البواب 370 عاملا في مصنع ينتج الملابس لعشر شركات اسرائيلية. كل مدخول المصنع والعمال هو من السوق الاسرائيلية. وهو يجتاز المعبر ثلاث مرات في الاسبوع على الاقل

 

ويسافر الى تل أبيب والى حيفا كي يلتقي رجال الشركات التي يعمل معها ويتلقى الطلبيات. 370 عاملا ولديه وعائلاتهم يرتزقون بكرامة، ولديهم المال لشراء الغذاء حتى وان كان على نحو ضيق.

 

على مسافة غير بعيدة من مصنع البواب، في دفيئات البلدة الزراعية نتيف هعسرا يتوق المزارع ساعر بيلتس للايدي العاملة. "اعطني الان 40 عاملا غزيا، فآخذهم الى العمل دون أن افكر مرتين"، يقول ويشكو من الكلفة العالية لاستخدام التايلنديين. كما أن المزارعين في بلدات غلاف غزة جوعى للعمال الذين سيفلحون الحقول المجاورة للقطاع. قبل نحو نصف سنة حاولوا اتخاذ خطوة لادخال 5 الاف عامل من غزة للعمل في حقول الغلاف. وكان الجيش مؤيدا للخطوة، وكذا الادارة المدنية اوصت بذلك، ولكن القيادة السياسية مترددة.

 

الكل يحذر من مصيبة انسانية في القطاع، بما في ذلك الوزراء في حكومة اسرائيل، ولكن السياسة صحيح حتى الان هي عدم عمل شيء. وسؤال شرعي هو كم ينبغي لاسرائيل أن تساعد، اذا كان ينبغي لها على الاطلاق، سكان القطاع. وبالتأكيد حين تكون حماس والجهاد الاسلامي يحفرون الانفاق الهجومية الى اراضينا لغرض العمليات. ولكن في المستوى العملي يمكن تنفيذ تسهيلات يستفيد منها الطرفان، ارباب العمل الاسرائيليون والغزيون المحتاجون للعمل على حد سواء. مثلما في الضفة، ستكون المخابرات العامة هي المسؤولة عن خروج العمال من غزة بحيث ترشح من من شأنه أن يكون خطرا أمنيا. يمكن أن نبدأ بمشروع تجريبي من بضع مئات الاشخاص، وفحص كيف ينجح الامر. ومثلما يقول الصناعي البواب: "عندما يكون للناس مصدر رزق، يكون الهدوء ولا يهمهم أي شيء آخر".