"أنا راحل"، الصيغة الفلسطينية- يديعوت

الساعة 01:38 م|15 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: الون بنكاس

(المضمون: كل بضع سنوات أبو مازن يرحل، ولا يرحل. جعل الضعف العضال قوة شخصية ووطنية. هو ضعيف وعديم كل شيء ولكن لديه رافعتا قوة: حل السلطة والمطالبة بدولة واحدة متساوية الحقوق. لعله من الافضل الا يرحل - المصدر).

 

محمود عباس، ابو مازن، لا يعرف شمعون يزدي من شاطيء بوغراشوف. سيرة حياتهما، عملهما وخلفيتهما هي بشكل يجعل من المنطقي فقط الافتراض بانهما لم يلتقيا ابدا. خطان متوازيان يقتسمان ذات الشمس والسماء الزرقاء. خسارة، لانه اذا كان ثمة احد ما يذكرنا ابو مازن باسلوبه وبتهديداته فهو شمعون يزدي.

 

يزدي، لمن لا يعرفه، يبيع البوظة منذ 37 سنة على قاطع شاطيء تل أبيب، بين الدولفيناريوم في الجنوب وشمالا حتى شاطيء بوغراشوف. وعلى مدى السنين خلف يزدي بعض المفاهيم الشعرية بالعبرية على شواطيء تل أبيب: بوظة ليمون تمنع الحمل؛ بوظة توت فحماتك لا تموت.

 

ولكن التعبير الذي يميز يزدي ويشكل اساس التشبيه مع ابو مازن، هو التصريح الذي ينهي هتافات "بوظة، بوظة، شوكو بنانا" خاصته. يزدي يطلق الى الهواء ما يشبه التهديد او بيان عن الاستسلام: أنا راحل. هكذا ببساطة. أنا راحل. ولا يرحل. ابو مازن هو شمعون يزدي موسم الاستجمام الفلسطيني. كل بضع سنوات هو "راحل". ولا يرحل.

 

ملَّ، لعل له بيت في ابو ظبي، لعل له شقة في قطر، ملَّ عرفات، ملَّ شقاقه مع محمد دحلان، لا يريد ان يكلم هاني الحسن، هو راحل. لا توجد مسيرة سياسية، الامريكيون اثاروا اعصابه، رئيس وزراء اسرائيل لا يوافق، هو راحل. السعودية تطرح مطالب، مصر تطلب ايضياحات، هو راحل. حماس تتآمر، ترامب يصرح، هو راحل.

 

أمس أعلن بان عمليا لم يعد أساس لاتفاقات اوسلو (رغم ان بقوتها اقيمت السلطة الفلسطينية التي يقف على رأسها كرئيس). فضلا عن ذلك، اعلن، من الان فصاعدا لن تكون وساطة امريكية أو دور أمريكي. كل مسيرة سياسية ستتم في اطار دولي وبوساطة الامم المتحدة. والا، فهو سيرحل. مثلما رحل في 2003، 2011، 2014 ومرة اخرى في 2015، مع بعض "انصاف الرحيل" لاسباب حقيقية تتعلق بالصحة والتعب.

 

ابو مازن ليس هو الزعيم الضعيف الاول في التاريخ السياسي الفلسطيني. فلو وافقوا فقط على خطة لجنة بيل في 1937، لو وافقوا على خطة التقسيم في 1947، لو نفذوا كما ينبغي اتفاقات اوسلو وقاتلوا الارهاب في اثناء 1994 – 1995، لو قبلوا العرض الاكثر شمولا منها جميعا، من ايهود باراك في كامب ديفيد في تموز 2000 أو صيغة كلينتون التي نشرت في كانون الاول – كانون الثاني – 2000 – 2001 ولو أنه قال هو نفسه "نعم" للمحادثات مع اولمرت في 2008. كله "لو فقط".

 

رغم انه "راحل" ابو مازن جعل الضعف العضال قوة شخصية ووطنية. هو ضعيف وعديم كل شيء. ولكن لديه روافع قوة: بوسعه أن يقوم بعملين ينبغي لاسرائيل أن تخشاهما: حل السلطة الفلسطينية أو التوجه نحو تنازل تصريحي عن دولة فلسطينية والمطالبة بدولة واحدة متساوية الحقوق. اذا لعله مع ذلك من الافضل الا يرحل؟