أزمة حماس- معاريف

الساعة 01:36 م|15 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي ميلمان

(المضمون: معضلة حماس: هل ترد على الكشف المنهاجي للانفاق وتعرقل اقامة العائق وهكذا تخاطر بجولة حرب اضافية مع اسرائيل ام تتجلد وتواصل بناء قوتها وتعاظمها - المصدر).

 

يدفع اكتشاف النفق في مثلث الحدود غزة – اسرائيل – مصر ليلة الاحد وتدمير سلاح الجو له بحماس أكثر فأكثر الى الزاوية. فهذا هو النفق الثالث الذي يكتشفه الجيش الاسرائيلي في الاشهر الثلاثة الاخيرة، ومثلما قال الناطق بلسان الجيش: "ليست هذه صدفة".

 

في السنوات الماضية اكتشف الجيش الاسرائيلي نفقان آخرين، ولكن الحديث يدور عن انفاق قديمة حفرت على ما يبدو قبل "الجرف الصامد" في صيف 2014. في حماس ايضا يفهمون بان اسرائيل تنجح بجملة وسائل في تحسين قدرتها على العثور على الانفاق. وتتضمن هذه الوسائل معلومات استخبارية عن مسار الانفاق، استخدام تكنولوجيات جديدة، بما فيها استخدام الدساسات والاشعة لاكتشاف الحفريات والفضاءات في بطن الارض، وآليات هندسية ولا سيما الاف حفر تنتشر على طول الحدود وتبني العائق التحت أرضي. كل هذه الوسائل تساعد اسرائيل على سحب احدى ادوات المعركة الاستراتيجية من المنظمة الغزية – اي الانفاق الهجومية.

 

سيكون وضع حماس اصعب عندما تنهي اسرائيل بعد نحو سنة بناء العائق التحت ارضي في باطن الارض على الحدو، على طول 65 كيلومتر، ليحيط كل القطاع. ومع اقامة العائق المسنود بجدار علوي، وبوسائل تكنولوجية كالجساسات والوسائل الاستخبارية، فان قدرة حماس على حفر الانفاق والتسلل عبرها الى اهداف هجومية في الاراضي الاسرائيلية ستتضرر اكثر فأكثر.

 

وهذه معضلة حماس: هل ترد على الكشف المنهاجي للانفاق وتعرقل اقامة العائق وهكذا تخاطر بجولة حرب اضافية مع اسرائيل ام تتجلد وتواصل بناء قوتها وتعاظمها.

 

كما كشف اكتشاف النفق ايضا تضليل حماس لمصر. ففي الاشهر الاخيرة تحسنت علاقات الطرفين ومن أجل مصالحة القاهرة قلصت حماس علاقاتها مع لواء سيناء للدولة الاسلامية (داعش). فالنفق الذي حفر من رفح الى ما وراء الحدود في كرم سالم ومن هناك الى مصر هو دليل آخر على ان حماس لا تريد قطع علاقاتها مع داعش في سيناء، والذي يشكل لها جبهة داخلية لوجستية.

 

يمكن الافتراض بان اسرائيل نقلت منذ الان كامل المعلومات عن النفق الى مصر. كما أن ما لا ينشر على الملأ وهذا الاكتشاف سيغيظ المصريين ويهز ما تبقى لهم من ثقة، اذا كانت كهذه، بصدق المنظمة الغزية في المصالحة.

 

ان وضع حماس معقد ايضا لان اتفاق المصالحة الذي وقعته مع السلطة الفلسطينية لا يتقدم كما كانت تأمل. فقد سعت حماس من خلال اتفاق المصالحة لان تكرر في غزة نموذج حزب الله ولبنان. ان تنقل الى السلطة المسؤولية عن الادارة والحرص على الاحتياجات المدنية لمليوني مواطن، ولكن ان تبقي في ايديها السلاح والوحدات العسكرية. حاليا لم تفلح في ذلك.

 

فضلا عن ذلك، فان الحرب النفسية – الدعائية التي تخوضها اسرائيل ضد حماس في توجهها المباشر الى السكان تحقق في الفترة الاخيرة نجاحا كبيرا. فاسرائيل تشدد على ان حماس تعمل ضد رفاه السكان، لا تحرص على حل مشاكلهم وفي واقع الامر تتسلح على حسابهم. تعبير عن ذلك كان ايضا في النفق الذي انكشف في الايام الاخيرة. فهذا حفر وتسلل الى اراضي معبر كرم سالم، وهو المعبر الوحيد الذي تمر فيه كل البضائع – عشرات ملايين الاطنان من الغذاء، الادوية، الوقود، الملابس، مواد البناء وغيرها – الى سكان القطاع. في كل يوم تمر عبر هذا المعبر نحو الف شاحنة بضاعة مصدرها في الضفة الغربية وفي اسرائيل وكذا الاستيراد من الخارج عبر ميناء اسدود. وكان الجيش الاسرائيلي أغلق امس المعبر لاسباب امنية كي يكمل تدمير النفق، اغلب الظن من خلال سده بالاسمنت ولكن في الاغلاق توجد ايضا اشارة واضحة لسكان القطاع:

تفضلوا لتروا جدية حماس، التي تزعم انها تمثلكم، ولكنها تمس بكم عمليا وتدهور اكثر فاكثر مستوى معيشتكم وضائقتكم التي هي على اي حال من الاشد في العالم.

 

ان التقدير الاستخباري في اسرائيل والذي يقول ان حماس لا تسارع الى الحرب في المدى المنظور يبقى على حاله، ولكن الخوف هو أن دحرها الى الزاوية سيؤدي في نهاية المطاف الى الرد، ولا سيما حين تكون المنظمات السلفية تحاول في الخلفية قضم صلاحياتها السلطوية وعرضها كخائنة في مبادئها في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.

 

رد حماس سيدهور الوضع الى مسيرة تصعيد من شأنها ان تخرج عن السيطرة. اسرائيل هي الاخرى غير معنية بذلك ولهذا فانها تجتهد لان تنفذ اتفاق وقف النار في 2014 والا تنفذ اعمالا عسكرية تعتبر خرقا لسيادة غزة. ولكن محظور النسيان بان الحرب السابقة في غزة هي الاخرى، قبل ثلاث سنوات ونصف اندلعت دون أن يكون الطرفان يريدان ذلك.