مصالحنا القومية في المناطق -إسرائيل اليوم

الساعة 01:33 م|14 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: غيرشون هكوهن

(المضمون: في تثبيت ميل الاستيطان الواسع يكمن ايضا المفتاح للاستقرار الاستراتيجي، في اقامة الوعي بان تمسكنا بالمجال هو حائط حديدي من الافضل أن نسلم بوجوده ونستند اليه - المصدر).

 

في ثلاثة مقالات في هذه الصفحة صدر في الاسبوع الاخير اخطار اسخباري بانعطافة استراتيجية في الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. فقد حذر خبراء في الساحة العربية يوسي

 

كوبرفاسر، ايال زيسر وروبين باركو – من مسيرة تصل الى منتهاها. وركز الخبراء على الآلية الناشئة في جانب الخصم، وليس صدفة. وفي اطار تقويم الوضع المتبع في الجيش الاسرائيلي وفي مداولات الكابنت، يبدأ البحث في الغالب باستعراض استخباري عن وضع العدو.

 

ولكن المسألة الحاسمة، التي ليست من الصلاحية البحثية لخبراء الاستخبارات، هي قبل كل شيء ما هي تطلعاتنا - من ناحية الرؤيا القومية – وكيف تجد تعبيرها في التركيز على المصالح التي نريد أن نحققها. في هذا النقاش، كما اجاد التشديد بن غوريون يجب ان تتصدر القيادة القومية وليس الخبراء المهنيين.

 

تمتد اعتبارات الامن القومي الى ما هو ابعد بكثير من الجوانب الامنية الفنية. ومثلما تعرف الامر أدبيات عقيدة الجيش الاسرائيلي فان: "الامن القومي هو المجال الذي يعنى بضمان القدرة القومية على المواجهة الناجعة مع كل تهديد على الوجود القومي وعلى المصالح الحيوية القومية...".

 

وبالفعل، في مسألة مصالحنا الحيوية القومية في المناطق يكمن جذر الخلاف بين اليمين واليسار بالنسبة لمستقبلنا. في غياب التوافق على مسألة الرؤيا القومية، نقلنا النقاش الى الخبراء الامنيين، وتقلصت قائمة مصالحنا في المناطق الى المطالب الامنية فقط.

 

ان المصلحة الوحيدة التي شذت عن مساعي الحماية الفنية هي الانفصال عن الفلسطينيين، والتي اصبحت مصلحة قومية عليا. فالحديث المتكرر عن واجب الانفصال يتنكر لحقيقة أن الانفصال تحقق في معظمه بقيادة رئيس الوزراء اسحق رابين. في ايار 1994 انتهى حكم اسرائيل على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وفي كانون الثاني 1996 انتهى حكم الادارة المدنية الاسرائيلية على الفلسطينيين في مجالات أ و ب في السامرة ويهودا. 90 في المئة من الفلسطينيين الذين يسكنون في المجال الذي احتل في حزيران 1967، يدارون منذئذ من السلطة الفلسطينية.

 

ان الشكل الذي رسم فيه رابين مناطق أ، ب و ج، يعبر عن الحيوية الكبيرة التي شخصها في سيطرتنا في مجالات ج. ولهذا السبب، بعد تحقق الانسحاب من معظم المناطق المأهولة، فان استمرار المطالبة بالانفصال عن الفلسطينيين معناه، عمليا، انسحاب اسرائيلي شبه كامل من مناطق

 

يهودا والسامرة بما في ذلك غور الاردن. بينما الكتل الاستيطانية ليست اكثر من 4 في المئة من عموم المنطقة.

 

انطلاقا من هذا الفكر، بعد العملية الارهابية كقتل الحاخام رزئيل شيفح في ضواحي حفات جلعاد، يثير محبو الانفصال المسألة الحاسمة: ما الذي لنا نبحث عنه هناك، واذا كان الجيش الاسرائيلي في هذه الاثناء مطالبا بالعمل، فلماذا ينبغي ان يعيش هناك مواطنون اسرائيليون؟ وبالفعل فان مصالحنا القومية في المناطق ليست فقط أمنية. والفلسطينيون يفهمون افضل منا، كما يقول عباس زكي من مؤسسي فتح، بانهم اذا نجحوا في دحرنا الى قاطع الشاطيء الضيق، وفي اطار ذلك دفعنا لان نفقد صلتنا بالبلاد كوطن الاباء والاجداد، فليست سوى مسألة وقت الى أن نختفي كما اختفى الصليبيون.

 

اضافة الى ذلك، فانه من ناحية اقليمية وبيئية، فان اسرائيل المتقلصة الى قاطع الشاطيء، تصبح من نهاريا حتى عسقلان تواصلا مدينيا مكتظا ولا يطاق. ومنذ اليوم وصلت مشكلة الاكتظاظ نقطة الغليان. وجهت التعليمات لسلطة التخطيط مثلا بالتخطيط للعام 2040، باقامة 2.6 مليون شقة جديدة، كلها في اسرائيل التي داخل الخط الاخضر. ولكن البشرى الاقليمية توجد في المجال الشاغر – في مجالات غور الاردن، من خط الاردن وحتى ظهر الجبل – لاسكان مليوني يهودي في تواصل شرقي موازٍ لقاطع الشاطيء.

 

ان الشكل الذي رسم فيه رئيس الوزراء رابين مناطق ج، مع انتباه شخصي لكل محور وتلة، هو التعبير عن ترسيم المصالح الاقليمية لدولة اسرائيل في المناطق. ولتعابير هذا الفكر مطلوب مشروع استيطاني بثلاث ميول اساسية: تطوير القدس الموسعة – ولا سيما شرقا حتى البحر الميت؛ تطوير مجال غور الاردن؛ وتطوير الاروقة من قاطع الشاطيء الى غور الاردن. وهذا، ضمن امور اخرى، هو المعنى الحيوي لحفات جلعاد، بصفتها تقع على احد الاروقة من الغرب الى الشرق. يدور الحديث بالطبع عن ميل لا يمكن الا لمواطني الطلائع فقط ان يحققوه.

 

في تثبيت ميل الاستيطان الواسع يكمن ايضا المفتاح للاستقرار الاستراتيجي، في اقامة الوعي بان تمسكنا بالمجال هو حائط حديدي من الافضل أن نسلم بوجوده ونستند اليه.