سقط في المعركة.. هآرتس

الساعة 12:41 م|12 يناير 2018

بقلم

(المضمون: من يصفون البناء في المناطق كاعمال رد على الهجمات الفلسطينية، ومن يرون في تسوية البؤر غير القانونية سلاحا في الحرب في مواجهة العنف الفلسطيني، يبيحون دماء المستوطنين ويعرضونهم للخطر كهدف لعمليات الرد الفلسطينية - المصدر).

"الثأر الوحيد هو البناء"، حاول الوزير نفتالي بينيت تهدئة الهتافات الداعية للثأر التي انطلقت في جنازة الحاخام رزئيل شيفح، الذي قتل بالنار قرب بؤرة حفات جلعاد حيث يسكن. هذه محاولة زائفة لعرض البناء كبديل انساني على ثأر الدم، وذاته كوزير متوازن ومعتدل يحاول تهدئة الخواطر وتبريد مشاعر الحداد في لحظة ألمها، مثابة مهاتما غاندي المستوطنين.

ظاهرا، بينيت وشريكته في قيادة المستوطنين، وزيرة العدل آييلت شكيد – التي سارعت هي الاخرى للاعلان بان "ردنا سيكون تسوية بلدة حفات جلعاد – ليسا متحمسين. فهما لا يصرخان "الموت للعرب"، لا يدعوان الى "الدخول فيهم". لا يبدو أنهما يؤيدان هذه المرة حملة عسكرية. بشكل عام، موقف بينيت من الارهاب هو متقدم ظاهرا إذ انه يعترف بالارهاب اليهودي، يعارض العنف المبادر اليه في الطرفين (باستثناء عنف الجيش الاسرائيلي بالطبع)، ولكن محظور علينا أن نقع في هذا الفخ.

ان محاولة تصنيف "البناء" ككفاح غير عنيف هو تلاعب كاذب. فبينيت لا يقترح على المستوطنين استخدام "قوة الحب" اليهودية؛ لا يدعوهم الى المقاومة السلبية، لا يوجد اي شيء سلبي في ثأر بينيت: فالمقصود هو البناء للفلسطينيين في داخل البيت، اي السطو على اراضيهم، اراضي دولتهم المستقبلية، في ظل تعميق التواجد العسكري، بينما لا يوجد للفلسطينيين اي قدرة للدفاع عن أنفسهم. وهم يقفون بلا وسيلة امام العدوان الاسرائيلي: الشرطة الفلسطينية ممنوعة من وقف الاجتياح لاراضيهم، ليس من صلاحيتها وقف البناء غير القانوني، وبالطبع لا يوجد جيش فلسطيني يبعد الغزاة. من ناحية اسرائيل كل شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية ليس شرعيا. والبناء في المناطق مثله كالسطو على بيت يقيد سكانه بالكراسي، ويتم برعاية الشرطة.

كما أن الوزير افيغدور ليبرمان أمر بالنظر في تحويل حفات جلعاد الى "بلدة عادية في يهودا والسامرة". ووزير الزراعة اوري ارئيل شرح يقول: "نحن نريد ثأر الرب تبارك اسمه: نحن نقسم بان نبني بلاد اسرائيل. هذه نغمة إلهية نحن فيها الرسل".

ليس فقط محظور ان نرى في البناء كفاحا غير عنيف، بل نحن ملزمون بان نفهم ما ينطوي عليه الفكر الذي يرى في البناء "ردا صهيونيا مناسبا"، وبالمستوطنين – رُسل. اذا كان البناء في المناطق هو ثأر، بمعنى عمل رد تنفذه اسرائيل بواسطة المستوطنين، فانه حسب من يحمل هذا الفكر، فان المستوطنين مثلهم كمثل الجنود؛ أي: المس بالمستوطنين هو كالمس بالجنود. ومع ان هذا عمل مقاوم عنيف، الا انه لا يمكن حسب هذا المنطق، تصنيفه عمل ارهابي، لان الارهاب موجه ضد المدنيين.

المستوطنون، مثل الكثير من الاسرائيليين ايضا، يحتجون على ان العمليات ضد المستوطنين ينظر اليها بشكل مختلف عن العمليات ضد المدنيين في داخل الخط الاخضر، ولكن يوجد في ذلك ازدواجية اخلاقية كبيرة. فمن جهة تهدد اسرائيل الفلسطينيين سلاح الاستيطان، ومن جهة اخرى تكفر بشرعية عمليات الرد على المستوطنين.

ان من يحدد المستوطنين كرُسل اسلحة التوسع الامبريالي، يشوشون التمييز بين الجنود والمستوطنين ويضعون الحاخام شيفح في ميدان المعركة العسكرية، وليس المدنية. وهكذا يصبح قتله قتل مقاتل في ميدان المعركة. من يصفون البناء في المناطق كاعمال رد على الهجمات الفلسطينية، ومن يرون في تسوية البؤر غير القانونية سلاحا في الحرب في مواجهة العنف الفلسطيني، يبيحون دماء المستوطنين ويعرضونهم للخطر كهدف لعمليات الرد الفلسطينية.

كلمات دلالية