خبر يهودية ليفني ما بين الزمان والمكان الآخر..أحمد الطيبي

الساعة 07:11 ص|25 ديسمبر 2008

لم تكن هذه المرة الأولى التي تطلق فيها تسيبي ليفني مثل هذه التصريحات التي أرادت أن تقول من خلالها شيئاً واحداً: إن إسرائيل هي دولة يهودية والترجمة الواحدة والوحيدة لهكذا إسرائيل يهودية هي أن تكون يهودية خالصة وخالية من العرب.

ليفني قالت انه «في حالة إقامة دولة فلسطينية نستطيع أن نأتي إلى الفلسطينيين في إسرائيل والذين نسميهم «عرب إسرائيل» ونقول لهم إن الحل القومي لكم هو في مكان آخر»!

تحدثت ليفني عن «حل» وتحدثت عن «مكان». أي أنها ربطت المصير بالجغرافية ولا تفسير لذلك سوى أنها تريد أو تقترح أو تتمنى أو تؤمن بأن الفلسطينيين مواطني إسرائيل يجب أن يهاجروا أو يُهجّروا إلى الدولة الفلسطينية التي ستقوم في الضفة الغربية وغزة.

كلام ليفني هذه المرة أخطر مما قالته في المرّة السابقة لأنها تتحدث اليوم كمرشحة لرئاسة الوزراء وكرئيسة للحزب الحاكم.

ليفني لا تتميز بآراء محددة وواضحة في مجالات الحياة المختلفة سواء في السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع والبيئة، ولكن في هذا الموضوع فإنها تقول فكرها بجهارة وتؤمن بما تقول. ربما هذا هو الموضوع الوحيد الذي تملك فيه رؤية واضحة. فهي صاحبة الطرح الذي يتحدث عن ضرورة التركيز على يهودية الدولة والدولة القومية أو بالأحرى الدولتين القوميتين، دولة إسرائيلية يهودية ودولة فلسطينية. وهي تتطرق في تفسيرها لاصطلاح يهودية الدولة لتجعلها كما قلنا يهودية خالصة خالية من غير اليهود وتحديداً العرب، لمجرد انتمائهم إلى الشعب الفلسطيني وليس بسبب نضالهم ضد الاحتلال أو مواقفهم السياسية كسبب رئيس. هي أرادت أن تفرض على منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل يهودية، وعملت أمام الإدارة الأمريكية من أجل هذا الهدف ففشلت ولكنها عوضت عن ذلك بإلزام الإدارة الأمريكية بالتصريح حول يهودية إسرائيل كما فعل الرئيس الأمريكي جورج بوش.

ليس صدفة انه عندما طرحت ليفني نفس الكلام من على منصة الكنيست وواجهناها مطالبين حضرتها بأن تفسر ما تقول: «هل تقصدين طردنا أو ترحيلنا من البلاد ؟»، ليس صدفة أنها لم ترد ولم توافق على شرح موقفها. هي تدرك ونحن ندرك ما تقصده تماماً، والجمهور الذي استمع إليها والصحافة فهموا كلامها كما أرادت هي أن نفهمه.

ولكنها اضطرت للتراجع قليلاً وتكتيكياً أمام الضغط الإعلامي والجماهيري الذي بادرنا إليه فقالت إنها لا تقصد الترحيل أو الترانسفير. وإذاً تقصدين ماذا؟ فنحن لا نطالب كمواطنين أن نقيم دولة لنا داخل دولة ولا نطالب بحق تقرير مصير سياسي من أجل 20 في المائة من السكان بالمفهوم الدولي للاصطلاح، بل نطالب بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس إلى جانب دولة إسرائيل. ونطالب بوقف سياسة التمييز العنصري ضد الأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل وتغيير مكانتنا القانونية والسياسية والمدنية على حد سواء. فمن أين جاءت أقوال السيدة ليفني إذاً؟

لقد جاءت أقوالها من غياهب الفكر اليميني الذي ما زالت تؤمن به ليفني اليمينية بامتياز والتي تسوّق نفسها (وبنجاح يجب أن نعترف!) بأنها نموذج «الاعتدال الإسرائيلي» في هذه المرحلة مقارنة مع الآخرين، وكأن الاعتدال هو مجرد الجلوس الى طاولة المفاوضات مع الوفد الفلسطيني.

تسيبي ليفني مغرمة بالمفاوضات والحوار وليس بالحل أو السلام. مفاوضاتها مع أبو علاء كانت فاشلة لأنها كانت متشددة ولم تقترب للحد الأدنى لمطالب الثوابت الفلسطينية. هل سمعتموها مرة تتحدث عن حقوق العرب في إسرائيل، اللهم إلا عندما تفاخرت برغبتها في تعيين سفير أو دبلوماسي عربي، وهو تماما ما لا نسعى إليه!

ويبدو أن السيدة ليفني نسيت أو تناست مَن الذي كان هنا، ومَن الذي هاجر إلى هنا. سيدة ليفني: كنا هنا قبلك وسنبقى هنا بعدك ونحن أصحاب الأرض والبلد.. بل نحن ملح هذه الأرض.. ونكبة 1948 لن تتكرر، فلا أنتم ما كنتم عليه ولا نحن ما كنا عليه والأهم تعلمنا من أخطائنا الكثير وما زلنا نتعلم. أما لمنتسبي حزب كديما العرب فماذا عسانا أن نقول؟ اسمعوا زعيمة حزبكم جيداً. اقرأوا وافهموا وحكّموا ضمائركم. هناك من يريد أصواتكم فقط بينما لا يزال يحلم في إبعادكم عن وطنكم وإهانة شعبكم وتشريده.

ألم يحن الوقت للعودة إلى الحضن الدافئ للوطن؟

* رئيس «الحركة العربية للتغيير» في إسرائيل