الخطيئة الكبرى

فلسطين اليوم - غزة
الساعة 01:26 م
08 يناير 2018
خالد صادق

 خالد صادق

زيارة البطريرك اليوناني ثيوفيلوس الثالث لكنيسةِ المهدِ ما كان لها ان تتم لولا الانتشار الواسع والقبضة الحديدية التي استخدمها الأمن الفلسطيني ضد المواطنين الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين الذين رفضوا زيارة هذا البطريرك لكنيسة المهد ببيت لحم, وذلك بعد جريمته البشعة ببيع أوقافَ الكنيسةِ الأرثوذكسية للكِيانَ الصهيوني, وكأن أمن السلطة يسخر كل طاقاته وجهوده وأوقاته لمواجهة الشعب الفلسطيني وتمرير الصفقات المشبوهة لهذا البطريرك وأمثاله, لقد شاهدنا انتشارا مكثفا وتمويها لنقل البطريرك إلى كنيسة المهد بأمن وأمان, واستخدام القوة المفرطة لمواجهة المحتشدين الذين احتجوا على زيارة هذا البطريرك الذي وصفوه بالخائن والعميل والسمسار, ورغم ان السلطة تعلم جيدا مدى بشاعة الجريمة التي ارتكبها هذا البطريرك اليوناني, وهى أول من أدان إقدامه على بيع العقارات التابعة للكنيسة الأرثوذكسية لليهود, إلا أنها ارتأت كعادتها ان تتحدى إرادة الفلسطينيين , وتواجه تحركهم الهادف لمنع هذا البطريرك من زيارة كنيسة المهد, ولا نعرف سبب ذلك, لكننا على يقين ان امن السلطة مهمته تنحصر فقط في قمع الفلسطينيين والتصدي لهم وإحباط أي محاولات لإيقاع ضرر في صفوف الإسرائيليين أو عملائهم وهذا بفضل التنسيق الامني.

على العموم جل المسيحيين قاطعوا هذه الزيارة وكذلك رؤساء بلديات منطقة بيت لحم, ولم يستقبل هذا البطريرك إلا مندوبون رسميون بتكليف رسمي من السلطة, حتى الوفد الأردني الذي كان مرافقا للبطريرك اليوناني انسحب وعاد إلى القدس خوفا من ردة فعل الفلسطينيين, واعتقد ان رسالة الفلسطينيين وصلت لهذا البطريرك ولأمثاله من الذين يتماهون مع السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد القدس بالكامل, وطرد سكانها الأصليين المقدسيين منها, وبدلا من ان تضع السلطة الفلسطينية مخططا لمقاومة محاولة الاحتلال السيطرة على القدس بالكامل خاصة بعد ان أعلنها عاصمة موحدة له, وجدنا السلطة تحمي هؤلاء وتدافع عنهم, غير آبهة بردة الفعل الفلسطينية على ذلك, بل ومستعدة للمواجهة مع أي جهة كانت لتثبت لنفسها ثم للاحتلال الصهيوني أنها سيدة الميدان, وأنها التي تمسك بزمام الأمور, ولن تسمح لأي طرف كان بفرض إرادته عليها, حتى وان كان تصرفها في غير صالحها ولا يخدم الشعب الفلسطيني ويضر بالقضية الفلسطينية.

في مقابل هذه السياسة الثابتة والمملاة التي تنتهجها السلطة, نشرت صحيفة الأيام السبت الماضي مقالا للصحفي الصهيوني نير حسون بعنوان «أسرار صفقات التهويد بالقدس» نقلا عن صحيفة هارتس العبرية, يتحدث فيه عن أساليب رخيصة ودنيئة وخسيسة يستخدمها الاحتلال الصهيوني لانتزاع أراضي المقدسيين بالقوة وطردهم منها, والعمل على إنهاء الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة, وبغض النظر عن حقيقة ما جاء في هذا المقال, إلا انه يدل على ان «إسرائيل» تستخدم كل أدواتها الرخيصة والغير مشروعة لطرد الفلسطينيين من مدينتهم, ويساعدها في ذلك عملاؤهم في الداخل والخارج, ويستخدمون الحيل والمصائد والمؤامرات للإيقاع بالمقدسيين, فلو استمعت إلى ما قاله الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل, أو ما قاله نائبه الشيخ كمال الخطيب عن تورط رسميين عرب, وجمعيات عربية رسمية, تشتري عقارات الفلسطينيين المقدسيين بأموال طائلة, وتقوم بإهدائها طوعا وعن طيب خاطر «لإسرائيل» كعربون للتقارب والتقاء المصالح وحماية العروش وكسب ود «إسرائيل» لأصابك الذهول من وقع الصدمة, وهذا موثق بوثائق وأوراق رسمية تدين هؤلاء المتورطين في عمليات الشراء المشبوهة.

أيها العرب والمسلمون في شتى بقاع العالم, القدس تهود وتتغير معالمها العربية والإسلامية, وأصوات نشاز عربية ومسلمة بدأت تظهر وتعلو لتشكك المسلمين في ان المسجد الأقصى ليس مكانه القدس, وانه في مكان آخر عليكم ان تبحثوا عنه, وذلك لتمرير مخطط الكيان الصهيوني بهدمه وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضة, القدس تحتاج إلى رجالها المخلصين الأوفياء لكي يدافعوا عن هويتها العربية والإسلامية, ان الخطيئة الكبرى تنال الصامت والعاجز والمتخاذل والنائم الذي يغمض عينيه عن الحق, القدس التي أهداها ترامب بجرة قلم لإسرائيل تحتاج إلى كل عربي ومسلم وحر في العالم كي يدافع عنها, انه عار على امة المليار ونيف ان تضيع القدس وتقف مكتوفة الأيدي عاجزة عن الدفاع عنها وحمايتها من الصهاينة المجرمين, عار على أكثر من عشرين دولة عربية وأكثر من 57 دولة مسلمة هي عضو في منظمة التعاون الإسلامي أن تعجز عن حماية مسرى نبيها محمد صلى الله عليه وسلم, ولا تنتفض ضد هذا الظلم والقهر والذل الذي تمارسه أمريكا و"إسرائيل", القدس تحتاج إلى رجالها الأطهار فهل نلبي النداء؟!