تحولات المشهد "الإسرائيلي" الداخلي عام 2017

الساعة 10:56 ص|07 يناير 2018

فلسطين اليوم

عامر خليل

يتجه المشهد الداخلي الاسرائيلي خلال العام الحالي 2018 الى الحسم الكامل  في العديد من المسائل ذات الصلة بإعادة تشكيل وجهة الكيان الاسرائيلي نحو اليمينية الفاشية ذات الصبغة القومية الدينية وهو التحول الاهم الذي اخذ يتبلور مع هيمنة اليمين واحزاب الحريديم على الحكومة في آيار 2015 دون مشاركة ما يسمى اليسار والوسط ما اتاح لتلك الاحزاب تمرير ما تشاء من قوانين لها علاقة بهوية المجتمع الاسرائيلي وثقافته الا ان هذا التحول لم يأخذ مداه الكامل وهو ينتظر المزيد من التحولات خاصة ان المعركة لم تنته من قبل حزب البيت اليهودي ضد المحكمة العليا التي تريد وزيرة القضاء آيليت شكيد تحجيمها بقانون جديد يمنع تدخلها والغائها لقوانين تشرعها الكنيست ترى المحكمة انها تتعارض مع قوانين اساس  سنتها الكنيست وتقيد المبنى الايديولوجي للصهيونية الدينية.

لا يعني فتح اليمين معركة مع المحكمة العليا انها ذات توجهات تتعارض مع مواقف اليمين فكل ما اراده اليمين بشأن الارض والمستوطنات جرى اقراره من قبل المحكمة فلم يحدث ان اوقفت مخططات استيطانية او مصادرة للأراضي او ابطلت قوانين تخص الاستيطان ومنها قانون التسويات لتبييض البناء على الاراضي التي تقع بملكية فلسطينية خاصة وكذلك اقرت بقاء اكثر من 150  بؤر استيطانية يطلق اسم غير قانونية عليها منها فيما طلبت تفكيك اثنتين منها ، ولم تعترض المحكمة العليا  على اعتقال الاطفال الفلسطينيين وتعديل قانون فرض احكام عليهم بسن 14 عاما وهي صادقت على ابعاد عشرات الفلسطينيين ورفضت التماسات لتحسين اوضاع السجناء او اطلاق سراح المرضى.

معركة اليمين على مناهج الاسرائيلية اكتملت ايضا فقطب ورئيس حزب البيت اليهودي هو وزير التعليم نفتالي بينيت الذي اعاد صياغة مناهج التاريخ والجغرافيا وكتب المدنيات وارفدها برؤية اقصائية كاملة للشعب الفلسطيني وابقى على الرواية الاسرائيلية المليئة بالأكاذيب حتى انه فرض هذه الرواية على فلسطينيي 48 لتدرس الحركة الصهيونية واعتداءات الكيان الصهيوني على انها حرب استقلال ودفاع عن النفس ورد على العدوان العربي واكثر من ذلك فقد فرض على المدارس التعليم الرسمي التي يدرس فيها اسرائيليون غير متدينون دراسة التوراة والتناخ وتعاليم الدين اليهودي.

ايضا فقد فتح بينيت المعركة على اوسعها مع مناهج التعليم الفلسطينية في القدس المحتلة وبدأ تنفيذ خطة طوعية لحث المدارس الفلسطينية على تبني منهاج التعليم الاسرائيلية مقابل اغراءات مالية بتوفير الميزانيات والظروف المناسبة للدراسة في مبان غير مزدحمة وقد نجح جزئيا في استقطاب عددا من المدارس الفلسطينية والتي بدأت تشارك في انشطة تطبيعية مشتركة مع مدارس اسرائيلية الامر الذي استدعى من نشطاء مقدسيين اطلاق حملة وطنية لتطهير مدارس القدس من مناهج التعليم الاسرائيلية وتداعى مجلس اولياء طلاب القدس للاجتماع واصدر بيانا حول نفس الموضوع دعا فيه اولياء الامور الى تطهير حقائب الطلاب من الكتب الاسرائيلية وحذر من المخاطر الكامنة في التعامل مع المناهج الاسرائيلية.

ولا يقتصر الامر على ذلك فقد استطاع الحريديم من حزب شاس ويهودوت هتوراة المشاركين في ائتلاف حكومة نتنياهو من فرض النمط الحياتي الحريدي على المجتمع الاسرائيلي باكمله بمنع حركة المواصلات واغلاق الدكاكين يوم السبت وايقاف تجنيد الحريديم وفق خطة الجيش بشكل تدريجي ومنع النساء والرجال من اتباع التيار الاصلاحي اليهودي من الصلاة امام حائق البراق ما فجر ازمة مع يهود الولايات المتحدة  بعدما خضع نتنياهو لمطالب الحريديم.

على مستوى الاعلام يمكن القول ان اليمين الاسرائيلي اكمل مخططه على صعيد تحجيم الاعلام المعارض له وقد كشفت التحقيقات في قضية 2000 حول لقاءات نتنياهو مع مالك صحيفة يديعوت احرنوت ارنون موزس والتي تتبنى نهجا معارضا وفاضحا له ولزوجته محاولة واضحة لشراء الصحيفة ونقلها الى المربع المؤيد له مقابل تقليل الغاء ملحق السبت وخفض اعداد صحيفة "اسرائيل اليوم" الموالية له والمدعومة من ادلسون المليونير اليهودي الامريكي، وعدا عن ذلك نجح نتنياهو في ادخال تعديلات على كل وسائل الاعلام الفضائية ففكك سلطة البث الممولة من الحكومة واقر قانونا اصلاحيا لها وحولها الى اسم اتحاد البث العام " كان" واستطاع اقصاء العشرات من الصحفيين الذين ينتقدونه بمن فيهم جيئولا ايفن زوجة الوزير السابق جدعون ساعر المنافس لنتنياهو على رئاسة الليكود والتي كانت تقدم برنامجا اخباريا يوميا وايضا فكك القناة الثانية الاسرائيلية الى قناتين باسم قناة 12 و14 لاضعاف تأثيرها وتقليص مدخولاتها من الاعلانات وبذلك استطاع نتنياهو اضفاء اجواء من الخوف على الصحفيين ووسائل الاعلام التي كانت التحقيقات معه بمثابة الجائزة لها فعادت للحديث في هذه القضايا والانشغال بنتنياهو مجددا والذي اتهمها بدوره بمحاولة اسقاطه بطريقة غير الانتخابات.

المحكمة العليا والتعليم والاعلام احد ابرز التغييرات التي طرأت في عام 2017 في المشهد الداخلي الإسرائيلي وسيواصل نتنياهو هذا المسار اذا لم يجبر على الاستقالة هذا العام بسبب التحقيقات لكن هذه التغييرات تركت انعكاساتها على الجمهور الاسرائيلي الذي بات اكثر انزياحا نحو اليمين وفي أي انتخابات قادمة فان احزابه ستكون كتلة تتجاوز الواحد ستين مقعدا وبالتالي تشكل حكومة بمفردها ومن هنا فان حكم اليمين سيتواصل ما يعني ان المشهد لداخلي الاسرائيلي يسير مزيد التطرف اليميني القومي الديني ويغلق أي باب في وجه اية اوهام حول تسوية او السلام فهو بمفرده ومن جانب واحد يحسم كل قضايا الحل النهائي وقانون القدس الموحدة الذي مرره في الكنيست بالقراءة الثالثة الاسبوع  الماضي يؤكد على ذلك.

كلمات دلالية