مستقبل يلفه الضباب.. معاريف

الساعة 11:52 ص|04 يناير 2018

بقلم

(المضمون: في قرارات حكومات اسرائيل على أجيالها، لا مكان للاعتبارات المتعلقة برفاه وحقوق سكان القدس الشرقية. هكذا كان في القرار لاقامة سور الفصل وهكذا في المشروع لفصل الاحياء. في هذا الموضوع لا يوجد أي تشويش - المصدر).

ان إقرار الكنيست لمشروع قانون "القدس الموحدة"، والذي يقضي بان كل قرار يتخذ بشأن اراضي القدس، حتى في حالة التسوية السلمية، سيستوجب موافقة اغلبية 80 نائبا، دفع سكان القدس الى الاستيقاظ أول امس وهم في حالة تشوش. ففي المساء السابق كان يخيل أن ها هي حكومة اسرائيل تفصل شمال المدينة وتقيم فيه سلطة بلدية جديدة تدير الاحياء الفلسطينية خلف سور الفصل. غير أنه قبل ساعات قليلة من التصويت النهائي في الكنيست على التعديلات على القانون الاساس : القدس – والتي يفترض بها ضمن امور اخرى ان تشق الطريق بخطوة الفصل – قرروا في البيت اليهودي تعديل التعديل.

لقد ازيل التهديد الفوري. والان، اذا كانت الحكومة ترغب في أن تقسم القدس، فستضطر مع ذلك الى العمل على الخطوة من خلال تشريع في الكنيست. ولكن مستقبل 140 الف من سكان الاحياء خلف السور لا يزال ملفوفا بالضباب. فهل ستعمل الحكومة على مثل هذا المشروع؟ واذا كان نعم، فمتى؟ وهل الكنيست ستوافق على اقراره؟ وكيف ستبدو علاقتها بالقدس بعد الانقسام؟ هل مكانتها ستتغير؟ لهذه الاسئلة لا توجد اجوبة.

مثلما في جولات سابقة، يعيش السكان الفلسطينيون في القدس في غموض وانعدام لليقين. فمن فوق رؤوسهم تتخذ قرارات وخطوات من حكومة لا تمثلهم ومن كنيست لا يحق لهم ان ينتخبوها. ويدور الحديث عن قرارات ذات آثار هائلة على حياتهم وعلى حقوقهم، ولكن ليس للسكان أي سبيل للتأثير. هكذا تبدو "الديمقراطية" على نمط القدس الشرقية.

ان عدم اليقين قاس على نحو خاص لسكان الاحياء والجيوب التي خلف سور الفصل. فمنذ اقيم السور قبل أكثر من عقد في مسار فصل احياء مقدسية عن باقي اجزاء المدينة اختفت عن هذه المناطق بلدية القدس، الشرطة، وزارة التعليم والسلطات الاخرى. فقد تركت هذه المؤسسات الاحياء لمصيرها، رغم ان القانون يلزمها بتقديم الخدمات لسكانها. وكنتيجة لها التسيب، فان شبكات المجاري والمياه انهارت، وسيارات الاسعاف كفت عن الدخول، وحالة الطرق والبنى التحتية اصبحت في وضع سيء للغاية، أما الجريمة، السلاح والمخدرات فتزدهر.

ان المؤيدين لمبادرة فصل الاحياء عن المدينة، وعلى رأسهم وزير شؤون القدس زئيف الكين، يدعون بانها ستؤدي في النهاية الى التسيب في الاحياء. غير أنه ليس الذكي كصاحب التجربة: قبل أكثر من عقد، في إطار التماس رفعه السكان الى محكمة العدل العليا، وعدت الدولة القضاة بان اقامة السور لن تمس بمكانة السكان في هذه الاحياء وبالخدمات التي يتلقونها. ولكن هذه الوعود لم تنفذ ابدا، واصبحت الاحياء ارضا سائبة.

يمكن الافتراض وبقدر كبير من الثقة بان المبادرة لقطع هذه الاحياء عن القدس لن تحسن وضعها بل وستدهوره. فهل صحيح أنه ستأتي ميزانيات جديدة للسلطة المحلية الجديدة؟ فحتى قبل عقد وعد بالميزانيات في اطار قرارات الحكومة والوعود للمحكمة العليا. ولكن هذه لم تعطى ابدا إذ ان الميزانيات للسكان الفلسطينيين – المقدسيين لا توجد أبدا. واقامة سلطة محلية جديدة ستكون خطوة اخرى ستؤدي الى زيادة الفوضى، الفقر والعنف في القدس، بالضبط مثلما حصل في اعقاب اقامة السور، وبدون أي استثمار ومراعاة لحياة الناس الذين يسكنون في المنطقة.

في قرارات حكومات اسرائيل على أجيالها، لا مكان للاعتبارات المتعلقة برفاه وحقوق سكان القدس الشرقية. هكذا كان في القرار لاقامة سور الفصل وهكذا في المشروع لفصل الاحياء. في هذا الموضوع لا يوجد أي تشويش.