في تطوير انتفاضة القدس..المقاطعة وحشد الشتات إلى حدود فلسطين

الساعة 09:36 ص|03 يناير 2018

فلسطين اليوم

عامر خليل

خلق قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال واقعا جديدا بتفاعلات مختلفة عما كان عليه الحال قبل الاعتراف سواء على الصعيد الرسمي الفلسطيني او الشعبي فلم يعد خيار التفاوض والتسوية ممكنا وهو ليس كذلك حتى خلال المرحلة السابقة بل الجديد انه لم يعد ممكنا حتى لأصحاب نهج التسوية والتفاوض واستدعاء راع اخر لهذا النهج لن يفيد السلطة الفلسطينية اما لرفض الكيان الاسرائيلي لراع غير الولايات المتحدة وعدم استعداد أي طرف اخر ان يأخذ دور الوسيط .

على الصعيد الشعبي ولد الاعتراف حراكا شعبيا فلسطينيا وعربيا واسلاميا ودوليات بخروج المظاهرات والمسيرات في كل عواصم العالم رفضا واستنكارا وما يلاحظ ان هذا الحراك لم يتوقف بعد يوم او يومين او اسبوع بل متواصل حتى الان وتحولت الجمعة الى تجمعات حاشدة في اكثر من مكان خرج في بعضها مئات الالاف وملايين الناس الى الشوارع وقد بات هذا الحراك يشكل تحديا اولا على صعيد استمراره وتوظيفه ليتحول الى اداة ضغط تحقق نتائج سياسية لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته.

ويتبدى التحدي الثاني في الحراك الشعبي الفلسطيني الذي ولده قرار الاعتراف وهو يطرح سؤالا مهما في كيفية تطويره والوصول به الى حالة الاستمرارية والتجدد وهو اخذ اسم "انتفاضة القدس" وهذا الاسم يعني خروج مظاهرات جماهيرية واسعة وكبيرة للتعبير عن رفضها للقرار ولكن الواقع وهنا يجب الاعتراف ان الخروج لم يكن كبيرا وشاملا من قطاعات المجتمع الفلسطيني وبرز فيها العنصر الشبابي والنسائي خاصة في الضفة المحتلة.

يجب الاشارة هنا الى ان الواقع الفلسطيني المعقد المختلف عما كان عليه  الحال في انتفاضة 1987 حيث لم تكن هناك سلطة فلسطينية ما يفسر الطابع الجماهيري الواسع لهذه الانتفاضة وكذلك انتفاضة الاقصى عام 2000 في ظل  وجود السلطة لكنها كانت معنية بعد فشل مفاوضات كامب في هذا العام ومحاولة الكيان الاسرائيلي عبر الولايات المتحدة تمرير تسوية تسقط الحقوق الفلسطينية ان تلجأ الى خيار الشعب الفلسطيني للتصدي للمخطط الاسرائيلي في فرض التسوية وفق الرؤية الاسرائيلية.

اليوم الواقع السياسي للسلطة الفلسطينية مختلف تماما فهي ترى ان السلام والتفاوض خيارا وحيدا وترفض اللجوء الى الخيارات الشعبية في مواجهة القرار الامريكي في ظل معطيات هي اخطر مما كان عليه الوضع في عام 2000 وحتى المقاومة الشعبية التي تؤيدها السلطة فهي لا تتبناها ويجب الاشارة الى مخارف السلطة في انزلاق الاحتجاجات الشعبية الى حالة مواجهة شاملة في نقاط التماس لا تستطيع ان تسيطر عليها ويذهب المحللون الاسرائيليون الى ان دخول فتح الى الصورة سيقلب الصورة تماما بالنسبة لانتفاضة القدس، ويشار هنا الى السلطة وقفت مراقبة في  محطتين من انتفاضة القدس عام 2015 وهذا العام في شهر اب الماضي في انتفاضة البوابات الالكترونية واستقطبت علماء الدين وبدت والذين كان لهم دور مهم في هذه الانتفاضة.

كل ذلك لا يعني الصمت او السكون وعدم التحرك فالفعاليات الشعبية متواصلة في كل مكان بالضفة والقدس المحتلين وظهرت اسماء محددة تدعو لهذه الفعاليات وتقودها منها اسم الحراك الشبابي من اجل القدس واللجان الشعبية لمواجهة الاحتلال وائتلاف شباب الانتفاضة وهي تعمل بطريقة ذكية كي لا تكتشف امنيا وبرز في فعالياتها على سبيل المثال غير التوجه الى نقاط التماس دعوتها الى اغلاق الطرق الالتفافية المؤدية الى المستوطنات واغلاق المؤسسات الامريكية في الاراضي الفلسطينية وبشكل خاصة USAID   ، ودعت اللجان الشعبية لمواجهة الاحتلال والتيارات الشعبية الفلسطينية للغضب من اجل القدس والخروج في مسيرات الى نقاط التماس والاشتباك مع جيش الاحتلال يوم الجمعة 15-12.

لا شك ان الانتفاضة بحاجة الى تطوير وتنظيم اكثر وغطاء اعلامي كامل والتفكير في انماط متعددة لها لا تقتصر فقط على الصدام مع الاحتلال ومنها على سبيل المثال لا الحصر تفعيل اداة المقاطعة الفلسطينية الشعبية للبضائع الامريكية والاسرائيلية والاجواء مهيئة الان لنجاح مثل هذه الخطوة، وفي قطاع غزة يمكن منع دخل البضائع الاسرائيلية وايجاد بديل لها، والتوجه الى الاراضي المهددة بالمصادرة الموجودة بجانب المستوطنات وتقديم العون المادي في زرع ارضيهم وقطف ثمارهم، مع تشكيل لجان شعبية للتصدي لاقتحامات المستوطنين للقرى وتخرب الممتلكات والسيارات، وارباك حركة المستوطنين على الطريق التي يسيرون عليها سواء الالتفافية او غيرها من خلال وضع حواجز حجرية عليها او مسامير، والدعوة الى مقاطعة العمل في المستوطنات.

ويبرز دور الشتات الفلسطيني في انتفاضة القدس وهو ما يبدو شبه غائب سوى فعاليات تضامنية في مخيمات اللاجئين في الدول المحيطة بفلسطين  وفي ظل التضامن العربي فان التفكير في خطوة اكثر تطورا يبدو ملحا وضروريا في تنظيم مظاهرات حاشدة الى حدود فلسطين تكون سلمية ترفع اعلام فلسطين وتقيم اعتصامات دائمة امام الحدود وصولا الى اقتحام الحدود بمئات الاف او ملايين المشاركين .

من الواضح ان انتفاضة القدس تسير حتى الان بجهود ناشطين شبابين دون تنسيق بينهم فيما تشكل الاعتقالات اليومية والليلية عائقا امام توحد تلك الجهود الا ان الحفاظ على استمرارية وتنوع فعاليات الانتفاضة تتطلب التفكير والولوج الى خطوات اخرى غير الصدام مع الاحتلال في نقاط التماس والقاء الحجارة.

كلمات دلالية