سبيل الأحرار.. خالد صادق

الساعة 07:22 م|01 يناير 2018

فلسطين اليوم

الغارات التي يشنها الاحتلال الصهيوني على مواقع عدة في قطاع غزة, تأتي وفق سياسة صهيونية ينتهجها الاحتلال أطلق عليها اسم «سياسة الردع», والهدف منها توجيه رسائل للمقاومة الفلسطينية ان أي صاروخ يطلق من غزة سيأتي الرد عليه فورا وبشكل عنيف, وقال رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو أنه «منذ تدمير آخر نفق على حدود غزة هاجم جيش الاحتلال الصهيوني نحو 40 هدفا في قطاع غزة, واعتبر ان حركة حماس هي المسؤولة عن كل الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة, وعليها ان تدفع ثمن ذلك, وهدد نتنياهو برد صارم جدا إن استهدفت الفصائل الفلسطينية أهدافا إسرائيلية, خاصة بعدما تعرض لهجوم عنيف من رئيس حزب المعسكر الصهيوني المعارض أفي غباي، الذي انتقد نتنياهو قائلا إنه لم ينبس ببنت شفة ردا على الهجمات الصاروخية من قطاع غزة.

المقاومة الفلسطينية لم ترد فعليا حتى الآن على الغارات الصهيونية التي تشنها طائرات الاحتلال على قطاع غزة, فسياسة المقاومة في التعامل مع التصعيد الصهيوني مدروسة بعناية, وتتسم بالمسؤولية وعدم الانجرار بعشوائية وراء استفزازات الاحتلال, لكن هذا لا يعني مطلقا ان المقاومة في غزة ستقف مكتوفة الأيدي أمام التصعيد الصهيوني, وهى لديها القدرة على الرد بقوة على غارات الاحتلال, لكنها هي من يحدد طبيعة الرد وزمانه ومكانه, خاصة أنها تدرك نوايا الاحتلال تجاه قطاع غزة, وماذا يريد من وراء هذا التصعيد والقصف.

يجب ان يكون واضحا للجميع أن هذا التصعيد مهما كان حجمه ونوعيته لن يردع المقاومة أو يدفعها للتراجع أمام ضربات الاحتلال وغاراته المستمرة على قطاع غزة, وان الرهان الصهيوني على استمرار عدم الرد بقوة على التصعيد الصهيوني غير مضمون, خاصة ان الفصائل الفلسطينية حذرت مرارا وتكرارا من هذا التصعيد الخطير, فحركة الجهاد الإسلامي حذرت على لسان القيادي في الحركة خالد البطش العدو الصهيوني من التمادي في غيه ، وأن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى تعسف المحتل الصهيوني, بينما هددت حركة حماس على لسان الناطق باسمها حازم قاسم من خطورة سياسة حكومة الاحتلال وأكدت على استمرار الانتفاضة وتصعيد المقاومة للتصدي للاحتلال ومخططاته.

عاموس هرئيل المعلق العسكري والأمني بصحيفة هآرتس قال أن الخطر الرئيسي ليس بإطلاق الصواريخ من غزة تجاه «إسرائيل» فحسب، ولكنه يتمثل في الوضع الإنساني والخوف من انهيار البنية التحتية وانخفاض مستوى الآمال بنجاح المصالحة، وهذا دليل على ان الاحتلال يستخدم كل أدواته ويدفع باتجاه التصعيد من خلال تضييق الخناق على الفلسطينيين, رغم ان ما يسمى بوزير الجيش الصهيوني السابق موشيه يعلون، أوصى حكومته «بأنه يجب تأجيل جولة الحرب القادمة مع قطاع غزة قدر الإمكان طالما أنه بالإمكان خلق وضع أمني نسبي فيجب الاستمرار بذلك على حد قوله، لكن السياسة الإسرائيلية قائمة دائما على المفاجآت ولا يمكن ان تتوقع ردة الفعل الصهيونية إلا إذا كنت متيقظا وحذرا تماما من أية خطوات تصعيدية.

نحن على يقين ان الاحتلال يسعى من خلال هذا التصعيد في قطاع غزة, إلى توتير الجبهة الداخلية الفلسطينية, وخلق حالة من البلبلة والأزمات في القطاع, لأن الاحتلال يستهدف من وراء الرد على الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة بقصف أهداف تابعة لحركة حماس إشعال فتيل الأزمات الداخلية, لكن حماس والمقاومة الفلسطينية تتعامل بمسؤولية كبيرة مع الكل الفلسطيني, وتدرك نوايا الاحتلال جيدا واهدافه من وراء القصف في غزة, والذي يعلمه الجميع ان من أهم مميزات الجبهة الداخلية الفلسطينية حالة الانسجام والتلاقي والتعاضد بين فصائل المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني, ومتانة الجبهة الداخلية ليست وليدة اللحظة لكنها ممتدة عبر سنوات طويلة من الكفاح والنضال, فالشعب الفلسطيني يقف دائما مع مقاومته الباسلة, ويحميها من بطش الأعداء ويفتديها بكل ما يملك, لأنه يدرك ان مقاومته هى السبيل الوحيد لانتزاع حقوقه من بين أنياب الصهاينة, وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة, والاحتلال الصهيوني لن يمنح الفلسطينيين حقوقهم بالمجان, والشعب كله مستعد ان يدفع ثمن حريته واستقلاله بالمزيد من العطاءات والتضحيات, فهذا هو سبيل الأحرار الذي يصل بنا حتما إلى النصر والتحرير.