تسببت بعاهات مستديمة وقضايا قانونية

تقرير الحصاد: 186 حالة وفاة جراء 14.700 حادث سير في غزة والضفة

الساعة 02:41 م|01 يناير 2018

فلسطين اليوم

كان الطفل ميسرة البالغ من العمر (7 سنوات) في طريق عودته من المدرسة إلى البيت، حاملاً حقيبته الصغيرة ويسير بسعادة وفرح كبيرين إلى جانب أقرانه من الاطفال، قبل أن تختطف روحه البريئة عجلات لشاحنة كبيرة وسط استهتار من السائق لحديثه عبر الجوال.

"ميسرة" هو ضحية من بين 186 أخرى وقعت نتيجة حوادث السير التي شهدتها الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة عام 2017 وبلغت حوادث السير خلالها نحو 14.700 حادثٍ مسجل لدى الشرطة الفلسطينية أدت إلى جانب الوفيات بإصابة نحو 5.400 مواطناً بينهم 321 خطيرة وخطيرة جداً، والعام الماضي 2016 شهد مصرع 241 حالة وفاة جراء وقوع قرابة 10 آلاف حادث سير.

في قطاع غزة توفي نحو 79 مواطناً نتيجة حوادث السير عام 2017 وبلغت الحوادث نحو 3500 حادثٍ، وأصيب خلالها نحو 1200 إصابة بينهم 161 إصابة خطيرة وخطيرة جداً، وفقاً للمقدم فهد حرب مدير مكتب تحقيقات الحوادث.

أما في الضفة المحتلة فقد توفي نحو 107 مواطناً نتيجة حوادث السير عام 2017 وبلغت الحوادث نحو 11.200 حادث سير، وأصيب خلالها نحو 8.200 مواطن بينهم 160 إصابة خطيرة وخطيرة جداً وفقاً للناطق باسم الشرطة في الضفة لؤي ازريقات.

وتُشكل الحوادث المرورية في فلسطين حربًا ضروسًا قاتلة، وخطراً يحدق بالمجتمع ويهدد حياة أبنائه، ويثير العديد من النزاعات والمشاكل الاجتماعية والصحية والنفسية، ويخلف العديد من المآسي الأسرية والاجتماعية؛ فضلًا عن التكاليف المالية والاقتصادية التي تنهك ميزانية العائلة.

فاجعة وفاة الطفل ميسرة

"ميسرة ابني البكر والوحيد كان يكبر يوماً بعد يوم يدخل الفرحة والبهجة إلى قلبي وقلب والدته وفجأة اختفى من حياتي، اختطفت روحه بفعل استهتار سائق شاحنة، لا أحد يشعر بألآمي وعذباتي سوى الله عز وجل، ولأنني مُؤمن بقضاء الله وقدره وكلتُ أمري إليه" قول معتصم الدردساوي والد الطفل ميسرة.

ويروي الدردساوي لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، حادثة طفله بحزن عميق، قائلاً: "كان معتصم في طريق عودته إلى البيت من المدرسة والشارع مكتظ بطلبة مدارس خاصة أن منطقة وسط الشجاعية فيها 7 مدارس وآلاف الطلبة، والاشكالية الأخرى أن جانبي الطريق (الرصيف) مكتظ بالمواد والسلع التجارية ولا يوجد متسع لسير الأطفال وكان سائق الشاحنة يسير دون مبالاة لحديثه عبر الجوال حتى أن المارة نادوا عليه ليرى ما تسبب به من دهس طفلي".

واتهم والد الضحية السائق بالاستهتار والحكومة لعدم فرز شرطي أو شرطيين لتنظيم مرور المركبات والطلبة خاصة في أوقات الذهاب والعودة إلى المدرسة، كما اتهم الجهات المختصة في تنظيم الطرق والأرصفة المخصصة لسير المارة.

حادث سير.jpg
 

أرقام حوادث الطرق وأسبابها بغزة

مسؤول مكتب تحقيقات حوادث الطرق في غزة المقدم فهد حرب بين أن حوادث الطرق تسببت منذ بداية عام 2017 حتى أخر يوم في العام بوفاة 79 مواطناً بينهم 54 طفلاً، ومن بين حالات الوفاة 13 حالة تسببت بها الدراجات النارية و"التكتك"، وبالمقارنة بالعام الماضي 2016 الذي سجل نحو 93 حالة وفاة قال: "هناك انخفاضاً في عدد الوفيات لكنها ليست بالشكل المطلوب".

وكشف المقدم حرب أن عدد الوفيات للعام الحالي أقل من عام 2016 لكن؛ هناك نحو 10 حالات وفاة لم تُسجل في مكتب التحقيقات وهذا يؤكد أن لا فارق كبير بين العامين من حيث عدد الوفيات".

وعن عدم تسجيلها، أشار إلى أن المتسبب بالوفاة إما أن يكون والد المتوفى أو عمه أو شقيقه وتسجل تحت اسم "سقط عن علو" أو تضليل الشرطة لإنهاء الحادثة بالتراضي بين الطرفين.

في شهر أكتوبر من عام 2017 كان سائق دراجة نارية يبلغ من العمر 17 عاماً يسير بسرعة جنونية على خط البحر السريع متجهاً من الجنوب إلى الشمال وبرفقته الطفل (ج-ج) البالغ من العمر 14 عاماً وأثناء وصولهما إلى منحنى لم يستطيع الساق السيطرة على الدراجة ما أدى لانزلاقها عن طريق السير وسقوط الشابين ووفاة أحدهما على الفور والأخر أصيب بصورة خطيرة جداً ولا زال يتلقى العلاج وأصبح عالة على أسرته والمجتمع بسبب السرعة الجنونية"، القول للمقدم فهد حرب.

وأضاف: "السبب الأخر هو التراخي في تطبيق القانون من قبل الشرطة والمحكمة والقضاء ففي حال تم القبض على سائق لا يحمل رخصة قيادة أو أن سياراته لا تصلح للسير أو أنه ارتكب مخالفات عديدة يتم الإفراج عن السائق أو مخالفته بشكل خفيف جداً للتحجج بالأوضاع الاقتصادية المزرية التي يعشها السكان في غزة أو بورقة صلح مع عائلة الضحية".

ولفت إلى أن شهر 11 الماضي شهد إصابة طفلة جراء حادث سير والسائق هرب ولم يبلغ الشرطة وعند البحث والمتابعة الدقيقة تبين أن السائق لا يحمل رخصة ومركبته لا تصلح للسير ومع ذلك يعمل سائق أجرة وهذه مشكلة كبيرة يجب الاهتمام بها من القضاء والمحاكم.

حوادث الضفة المحتلة

بينما أشار الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات إلى أن الضفة المحتلة شهدت نحو 11.200 حادث سير خلفت نحو 107 حالة وفاة بينها 160 إصابة خطيرة ونحو 8.200 إصابة متوسطة تقريباً.

وأكد ارزيقات لـ"فلسطين اليوم الإخبارية" أن حالات الوفاة في حوادث السير انخفضت عن العام الماضي لكن الحوادث زادت وهذا يتطلب جهوداً كبيرة لمحاولة منع تكرار حوادث السير، مبيناً أن العام القادم 2018 سيشهد خطة وآلية للتركيز على المناطق التي شهدت حوادث مميتة وخطيرة.

لا يمكن إنهاء حوادث السير مطلقاً

من جهته أكد الباحث في السلامة المرورية فتحي أبو سمرة، أن حوادث السير في كافة دول العالم لا يمكن انهائها بشكلٍ كاملٍ، ما دام هناك (إنسان ومركبة وطرق للسير)؛ ولكن يمكن تقليل الحوادث من خلال إعداد خطط وبرامج قائمة على الاحصائيات والأسباب والحلول.

وقال أبو سمرة لـ"فلسطين اليوم الإخبارية": تقليل حوادث السير يكون من خلال اتباع مسارين هامين الأول المنع والردع وذلك قائم بتحرير المخالفات للأخطاء الخطيرة والثاني التوعية للسائقين سواء من شرطة المرور أو من مكاتب السياقة".

وأضاف: "السبب الأول والرئيسي في وقوع حوادث السير يتحمله السائق، هناك لا مبالاة واستهتار كبيرين من السائقين أثناء قيادة المركبة خاصة في طريق مزدحم أو طريق سريع أو عدم تأمين وترخيص المركبة".

ويعتقد الباحث أبو سمرة، أن (10% إلى 15%) من السائقين لديهم تأمين للمركبة والباقي لا يؤمن، مشيراً إلى أن الشخص الذي يحرص على تأمين مركبه هو (رجل مثقف لديه وعي وإدراك ولا يُريد تحمل المسؤولية كما ان لديه قناعة بأن القانون سيحميه، أو شركات أو مؤسسات خاصة).

وعرض أبو سمرة بعض الأسباب التي قد تتسبب بحوادث سير خطيرة، منها (قطع الإشارة الضوئية، سياقة مركبة دون تأمين أو ترخيص، سياقة مركبة غير صالحة، عدم الوقوف على الكف، التجاوز غير القانوني)، مشدداً أن تلك المخالفات خطيرة يجب تحرير مخالفات لمرتكبها ونقلها للنيابة".

 

معالجة حوادث السيرحادث سير في غزة.jpg

ووجه الباحث أبو سمرة رسالة إلى شرطة المرور طالب فيها "إعداد خطة شهرية بكافة الحوادث وأسبابها وطرق تفاديها كإحصائية شهرية، وفي نهاية العام عليهم دراستها بشكل متقن ومتفاني ووضع الخطط والإرشادات لمحاولة تفادي الأسباب بشكل كامل".

وطالب شرطة المرور ووزارة التربية والتعليم بتخصيص حصص دراسية لتعليم الأطفال طرق السير لأن "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" كما كان سابقاً في عهد السلطة القديمة، واعداد ورش عمل لمن يرتكب حوادث الطرق بشكل متكرر ليستفيد من أخطائه.

معيقات انقاذ الأرواح بالضفة

وفي الضفة الغربية المحتلة قال مدير العلاقات العامة والاعلام في الدفاع المدني الرائد نائل العزة، هناك الكثير من المعيقات التي تواجه الدفاع المدني في إنقاذ أرواح الناس من أهمها "المساحة الجغرافية الكبيرة أمام 48 مركز فقط مسؤولين عن 860 تجمع سكني سواء (قرية أو مدينة أو بلدات).

وأشار العزة لـ"فلسطين اليوم الإخبارية" إلى ان العامل الثاني الاحتلال "الإسرائيلي" حيث تعرضت طواقم الدفاع المدني خلال عام 2017، لـ37 اعتداء أثناء توجهها لإطفاء الحرائق وإنقاذ المواطنين، فيما سجل الدفاع المدني 6 حالات منع من قبل قوات الاحتلال.

وبين أن التحدي الأبرز الذي يواجه الدفاع المدني هو توعية المواطن بخطورة الحوادث ومعالجتها قدر الإمكان.

 

 

كلمات دلالية