خبر قدس الابتزاز- هآرتس

الساعة 09:56 ص|27 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

كم من المليارات يساوي الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل. هذا سؤال في محله عندما يقرر دونالد ترامب أن الاعتراف ليس سياسة بل صفقة، بموجبها من لا يعترف بالقدس ستسحب منه مخصصات المساعدة الامريكية. في الشرطة كان سيسمون صفقة كهذه ابتزاز تحت التهديد، وفي الوضع الاقل سوء فان تهديد ترامب يمنح القدس مكانة العروس القبيحة، التي يفرض والدها على الجميع الزواج منها كي يستطيعوا مواصلة الحصول على مخصصاتهم الضرورية منه.

ولكن هذه المخصصات لم تقنع الفلسطينيين، ولم ينفعل منها ايضا المصريون (الذين يحصلون على مساعدة تبلغ 1.3 مليار دولار) والاردن (زبون يحصل على مبلغ 1.2 مليار دولار) ودول عربية واوروبية وآسيوية وجنوب امريكية، التي اعتبرت عرض الرشوة والابتزاز الامريكي في الاساس اهانة اسرائيل مسؤولة عنها. عندما شكلت الولايات المتحدة التحالف الدولي الغربي لمحاربة داعش، لم تهدد بهذا الشكل دول من اجل اجبارها على الانضمام للتحالف. وهذا الابتزاز الآن لا تستطيع كما هو معروف أن توجهه ضد الدول الغنية مثل السعودية ودولة اتحاد الامارات أو قطر التي تستضيف القاعدة الامريكية الاكبر في الشرق الاوسط. الفتوات كما هو معروف أقوياء على الضعفاء. اسرائيل بصفتها جندية مخلصة في جيش ترامب حصلت على المطلوب، لكن الرئيس الامريكي رتب لها ايضا شبكة علاقات بالاكراه مع الدول التي تخشى من فتوة الحارة.

الاخطر من ذلك هو أن الرئيس الذي يستخدم الابتزاز بالتهديد يمهد الطريق لرؤساء امريكيين في المستقبل للامساك بنفس العصا الثقيلة، التي ستكون موجهة بالذات ضد اسرائيل. وماذا ستقول اسرائيل اذا قرر رئيس امريكي بعد ست سنوات (أو سنتين اذا لم يتم انتخاب ترامب مرة اخرى) تبني فكرة ترامب ويطلب منها الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وإلا فانه سيقلص المساعدة التي تتلقاها وسيتم تجميد التعاون الامني معها؟ عندما شد الرئيس براك اوباما قليلا حدود علاقاته مع اسرائيل، سارع بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت الى تهدئة الجمهور بقصص تقول إن اسرائيل تستطيع الوجود ايضا اذا فرضوا عليها المقاطعة، لأن الهاي تيك في اسرائيل يشغل التكنولوجيا المتطورة في كل دول العالم. إن قصص كهذه لم تعد تقنع الجمهور في اسرائيل.

ولكن لا يجب الذهاب بعيدا حتى النهاية من اجل معرفة أن اسرائيل تحولت الى أداة في منافسة لي الأيدي بين عدد كبير من دول العالم والولايات المتحدة. لقد منح ترامب اسرائيل مكانة المستشارة في شؤون النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، وهي مكانة هامة جدا في المافيا، لكنها ايضا مكانة تجذب اليها النار عندما يريدون ارسال رسالة الى الزعيم. لو أن ترامب استخدم مكبس الضغط الخاص به على اسرائيل لاقناعها باجراء المفاوضات مع الفلسطينيين مقابل الاعتراف بالقدس، ولو أنه قام بعقد مؤتمر من اجل طرح خطة سياسية امريكية، ولو أنه قام بتجنيد تحالف دولي لبرنامج سياسي ولم يتوقف عند القدس، لكان يمكن أن يربح كثيرا. ولكنه فقط عرض قطعة حلوى على اسرائيل ولم يقدم أي شيء للفلسطينيين.

          صحيح أن رد محمود عباس بأنه لن يوافق بعد ذلك على أي اقتراحات امريكية لأن واشنطن لم تعد وسيط نزيه، يثير الشفقة. لم يكن لمحمود عباس أي مشكلة في الاعتراف بغربي القدس كعاصمة لاسرائيل حيث أنه أعلن قبل نحو اسبوعين بأنه « لا يوجد سلام ولا أمن دون القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين ». الرئيس الفلسطيني كان يمكنه، وبضمير وطني نقي، الانضمام والقول بأن غربي القدس هو عاصمة اسرائيل وشرقي القدس هو عاصمة فلسطين، لكن ليس هذا هو الاساس. قرار ترامب والهزيمة القاسية في الامم المتحدة أبقت اسرائيل مع « القدس في يد ولا شيء في الافق ».

كلمات دلالية