خبر اولا الديمقراطية وبعد ذلك الاحتلال- هآرتس

الساعة 09:52 ص|27 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: حيمي شليف

زميلي جدعون ليفي يعتقد أنه لا توجد أهلية اخلاقية لاحتجاج اليمين ضد الفساد الحكومي. حسب رأيي، دعم زعماء ومتظاهرو اليمين لمواصلة الاحتلال الفاسد تسحب البساط من تحت احتجاجهم ضد حرب نتنياهو على محققيه. حسب رأيه فان زعيم يميني مستقيم، يحترم سلطة القانون، أكثر خطرا من رئيس الحكومة الذي يعتبر مخالف للقانون ومراوغ لأنه « اكثر فسادا منه في خداعه ». طالما لا يوجد حل متفق عليه للمشكلة الفلسطينية، هكذا يمكن الاستنتاج، فان ليفي يفضل الصيغة المنسوبة خطأ الى لينين والتي تقول إنه كلما زاد الامر سوء فذلك افضل – ايضا بالنسبة الديمقراطية الاسرائيلية التي يتم الهجوم عليها.

ولكن بدون ديمقراطية اسرائيلية تقوم بأداء دورها، مثل تلك المختلة في تعريفها بسبب الاحتلال، فان السيطرة على الفلسطينيين ستستمر الى الأبد. هذا هو الهدف الرئيسي للمعركة التي يديرها اليمين الايديولوجي ضد انتقاد قضائي وحق الاحتجاج: ازالة كل العقبات الممكنة في الطريق أمام ضم المناطق والغاء أبدي نظيف بقدر كبير لحقوق الفلسطينيين. في هجماته ضد الشرطة ووسائل الاعلام فان نتنياهو يركب على الموجة القومية والشعبوية ضد توازنات وكوابح الديمقراطية الاسرائيلية، التي هو أحد مرتكبيها. إن انتصاره سيكون ايضا يوم عيد بالنسبة لمن يؤبدون الاحتلال، لذلك فان معظمهم يكمون أفواههم ويؤيدونه، على الاقل الفريدين في نوعهم.

 

          اضافة الى ذلك، فان احتمالات حدوث اختراق قريب مع الفلسطينيين تراوح في المكان، والمسيرة السلمية مدفونة عميقا في بئر حفره دونالد ترامب الآن من خلال اعترافه بالقدس كعاصمة لاسرائيل، الحرب ضد الديمقراطية الاسرائيلية تحتدم على كل الجبهات بما فيها حرب بقاء نتنياهو. إن استعداد الائتلاف للمصادقة على قانون التوصيات المرفوض، رغم أنه من الواضح لآخر اعضائها أن الامر يتعلق بعملية تثير السخرية وباطلة، ليس ضريبة سياسية شخصية اليمين الاسرائيلي مستعد لأن يدفعها مقابل تأييد الاحتلال، بل هي وليدة ديمقراطية فقدت البوصلة والضمير. إن المصادقة على القانون تمنح الالهام لمبادرة شكيد/ بينيت لاخضاع محكمة العدل العليا، لمسيرة القوانين الوطنية غير الديمقراطية التي تصادق عليها الكنيست بشكل عرضي، بهدف تضييق الحرية الاكاديمية وحقوق الابداع، في محاولة لاسكات منظمات الاحتجاج مثل « نحطم الصمت »، وكما هو معروف، سلب الشرعية لنتنياهو واصدقائه بصورة مستمرة وبشكل متعمد، لوسائل الاعلام الحرة وحرية الوصول للمعلومات.

 

          هذه الحرب هي حرب وجودية لا تقل عن النضال ضد المشروع النووي الايراني، أو ضد الارهاب الاسلامي. ومن اجل عدم الخسارة فيها فان حماة الديمقراطية، بمن فيهم من يعارضون الاحتلال، بحاجة الى أي حليف ممكن، ايضا في اوساط من يخلدون الاحتلال. إن تعريف الاحتلال كفاسد ربما هو وسيلة بلاغية ناجعة في النقاش الفكري، ولكن ليس بامكانها رفض كل من هو مستعد للتجند ضد الخطر الواضح والفوري والاضرار بالديمقراطية. إن زعيم يميني مستقيم يحترم الديمقراطية وسلطة القانون ربما يستحسن تخليد الاحتلال، لكنه ايضا يحافظ على القانون ويخضع للمحاكم ويحترم القرارات الديمقراطية ويساعد على منع تحويل الفضاء العام في اسرائيل الى جهنم فاشية جديدة.

 

          إن شخصيات مثل موشيه يعلون ويوعز هندل، الذين شاركوا في المظاهرة في القدس في منتهى يوم السبت، يستحقون التشجيع والتقدير، وليس الرفض والتشهير. مثل من ينتقدون ترامب في اليمين الامريكي المعروفين بـ « نفر ترامبرز »، ايضا من يعارضون نتنياهو يشخصون التهديد الذي يضعه أمام الحصانة الاخلاقية لبلادهم، هم يصرون على البقاء أوفياء لضمائرهم ورفع صوتهم، ايضا بثمن الاقصاء من المعسكر الايديولوجي الخاص بهم. إن صحافي شجاع مثل جدعون ليفي الذي يستوعب الكثير من الانتقادات بسبب مواقفه كان يجب عليه أن يؤدي التحية لهم.

كلمات دلالية