خبر تحريض عابث- هآرتس

الساعة 10:42 ص|25 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: أسرة التحرير

منذ اغتيال رئيس الورزاء اسحق رابين، قبل 22 سنة، ينشغل اليمين ولا سيما عبر ممثليه في الحكومة وفي الساحة العامة في محاولات للتنكر للمسؤولية عن التحريض والاجواء السياسية التي سادت البلاد قبل الاغتيال، دون نجاح. فاليمين يحاول رسم صورة متماثلة، من العنف على طرفي الخريطة السياسية، وانها خطيرة بذات القدر.

 

لهذا الغرض يقلص اليمين التحريض الذي سبق الاغتيال الى صورة رابين في بزة الـ اس.اس أو تابوت الدفن المجازي، وصورة بنيامين نتنياهو على الشرفة في ميدان صهيون، وينشغل في بحث دائم عن تمثيلات مشابهة في الشارع العام اليوم. وذلك كي يتمكن من التقاطع مع اليسار، مثابة « التحريض موجود في الطرفين ». ها هو تمثال مُذهب لنتنياهو في ميدان المدينة يسقط بعنف، ها هو اعلان عن نتنياهو وأمامه حبل مشنقة، وها هو نتنياهو في بزات نازية، وها هي مقصلة. غير أن التحريض ضد رابين لم يتلخص في الشخوص التي اصبحت رمزا له، فهذه الشخوص كانت طرف الجبل الجليدي لهامش ايديولوجي وديني واسع ومقيت هيأ، بكل معنى الكلمة – لاغتيال رئيس الوزراء.

 

فالتهديدات على حياة رابين كانت ملموسة، وكذا ايضا تسويغ قتله من قبل حاخامين من خلال قرار قضائي يصفه بالطاغية ولعنة دامية. فقد علم الجميع بان حياة رابين في خطر. وبلغت وسائل الاعلام عن ذلك، وحتى جهاز الامن العام – المخابرات عني بذلك. في شرفة ميدان

 

صهيون وقف رئيس المعارضة نتنياهو وقاد الاجواء الخطيرة التي هددت رابين. يستخدم اليمين استخداما تلاعبا ومتهكما خطاب التحريض. فبينما كانت قبل اغتيال رابين اجواء خطر الحياة، لا يوجد اليوم خطر على حياة نتنياهو. في اقصى الاحوال على استمرار حكمه. اما الخوف فهو وهمي كاذب، مسموح للمواطنين ان يتظاهروا ضد الحكومة بل وان يرغبوا في تغيير الحكم. من حق منظمي الاحتجاج ضد الفساد الحماية ضد التصنيف السياسي، ولكن محظور أن يفهم من ذلك ان المظاهرات السياسية مرفوضة بحد ذاتها. يمكن لحرية التعبير ان تحتوي تشخيصات، وليس كل تشخيص، مهما كان قاسيا، هو مثابة تحريض على العنف. فمعنى التشخيصات ينبع من السياق الذي يعرض فيه (معرض، مظاهرة) مثلما من مسألة من يعرضها (فنان، رئيس الوزراء). المشكلة ليست في التشخيص نفسه – بزة الـ اس.اس، الكوفية، المقصلة – بل في السياق العام.

 

يقفز اليمين وممثلوه على كل ما يشبه التشخيص وكأنه وجد غنيمة كبرى، كي يقتل عصفورين بضربة واحدة: ان ينقطع بأثر رجعي عن مسؤوليته وان يصرف النقاش عن الفساد الذي يلف برئيس الوزراء. ما ليس واضحا ويجب أن يتوقف هو استعداد اليسار لان يخدم اليمين وان ينضم الى احتفالات التنديد مزدوجة الاخلاق والصبيانية وكأن هناك تماثل بينما كان في حينه وبينما يوجد اليوم، وبين اليمين واليسار في هذا السياق.

كلمات دلالية