خبر « إسرائيل » تنتقم من تركيا

الساعة 06:23 ص|24 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

تلوح في الأفق ملامح صراع سياسي بين تركيا وإسرائيل، من بوابة إعلان سلطات الاحتلال اعتقال ثلاثة مواطنين أتراك في القدس، خلال مواجهات الأسبوع الماضي، وهو ما ينذر بعودة أزمة ما بعد جريمة أسطول الحرية عام 2010، على وقع تسريبات ومعلومات عن اعتزام الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصعيد حملته الهادفة إلى خدمة تل أبيب، وتصفية القضية الفلسطينية.

وكشف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية « حماس »، إسماعيل هنية، أمس السبت، أن حركته لديها معلومات بأن الإدارة الأميركية قد تقدم على قرارات جديدة بشأن القدس والقضية الفلسطينية.

وقال هنية، خلال مؤتمر علمي نظمته « حماس » في مدينة غزة: « لدينا معلومات من جهات معنية (لم يذكرها) أن الإدارة الأميركية قد تقدم على الاعتراف بيهودية الدولة وضم المستوطنات للقدس، وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين ».

وتنتشر في الصحف الغربية خصوصاً تقديرات تفيد بأن ترامب ربما يقرر الرد على ما يعتبرها « إهانة » تصويت 128 دولة ضد قراره اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، بخطوات انتقامية من الفلسطينيين، من خلال التبني الكامل للأجندة الصهيونية، عبر إعلانه انتهاء الملفات العالقة، على غرار ما فعله بشأن القدس، كحق العودة للاجئين واعترافه بالمستوطنات وبيهودية دولة الاحتلال، وذلك بدل ما كان يسمى بـ« صفقة القرن » التي كان ينوي تقديمها بشأن الملف الفلسطيني تقوم على تبادل للأراضي وإعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً بلا دولة مثلاً.

وعلى صعيد التوتر التركي ــ الإسرائيلي، أعلنت الشرطة الإسرائيلية، أمس السبت، أنها أوقفت ثلاثة سياح أتراك، إثر « حادث » وقع بعد صلاة الجمعة في باحة المسجد الأقصى في القدس المحتلة. وقال الناطق باسم الشرطة، ميكي روزنفيلد، لوكالة « فرانس برس »، إن الأتراك الثلاثة أوقفوا بسبب تورطهم « في حادث في البلدة القديمة في القدس بعد الصلاة الأسبوعية في جبل الهيكل » الاسم الذي يطلقه اليهود على باحة الأقصى. وتظهر في تسجيل فيديو وضع على مواقع التواصل الاجتماعي صدامات بين مجموعة رجال يرتدون قمصانا حمراء مزينة بالعلم التركي والشرطة في البلدة القديمة في القدس. وقال الناطق إن الرجال الثلاثة مثلوا أمام محكمة يوم السبت. من جهتها، ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن اثنين من الرجال الثلاثة الذي يحملون الجنسيتين التركية والبلجيكية، أوقفا بتهمة « الاعتداء على الشرطة الإسرائيلية ومقاومتها »، بينما اتهم الثالث بالتسبب « باضطرابات في النظام العام والتظاهر بشكل غير قانوني ».

ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت أنقرة ستعتبر أمر توقيف مواطنيها في إسرائيل، استفزازاً لها، والتعاطي مع الملف على أنه اعتداء عليها، على غرار ما حصل في جريمة أسطول الحرية، حين قتلت قوات الاحتلال تسعة مواطنين أتراك، ووصل التوتر في حينها إلى حدود الأجواء الحربية، قبل أن تنال تركيا اعتذاراً وتعويضاً مالياً من إسرائيل. وتوحي المواقف النارية للرئيس رجب طيب أردوغان، على خلفية قضية القدس، ضد الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال، بأن القيادة التركية تنوي التصعيد الإضافي خصوصاً ضد تل أبيب التي عاد أردوغان ووصفها مراراً، في الأيام الماضية، بأنها « دولة إرهابية تقتل الأطفال ».

وكان أردوغان قد أطلق خطاباً تصعيدياً جديداً، أمس السبت، ضد الإدارة الأميركية تحديداً، معتبراً أن الدول الـ128، التي صوتت لصالح القرار بشأن القدس، في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الخميس، قالت لأميركا « لا يمكنكم بدولاراتكم وقوتكم شراء إرادتنا ». جاء ذلك في خطاب ألقاه أردوغان في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بولاية هكاري، جنوب شرقي البلاد. وتساءل أردوغان: « أين كانت دولارات العالم في ملف القدس؟ هل هَددوا (الأميركيون)؟ نعم، ومن صوت معهم؟ جزر ومناطق يبلغ عدد سكانها 15 أو 18 ألف نسمة، ونسمع بها لأول مرة، وعددها 8 دول، ومعها أميركا، لتصبح 9 دول، في المقابل ماذا قالت 128 دولة؟ لا يمكنكم بدولاراتكم وقوتكم شراء إرادتنا ». وفي حوار أجراه موقع « All Africa » الإخباري، قبيل جولته الأفريقية التي تبدأ، اليوم الأحد، وتشمل السودان وتشاد وتونس، في الفترة بين 24 و27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، شدد أردوغان على أن بلاده ستعمل مع الدول الـ128 التي صوتت لصالح القرار الذي يرفض تغيير وضع القدس، ومع الدول التي امتنعت عن التصويت (35 دولة)، في حال لم يتراجع ترامب عن قراره. وأضاف أردوغان « رأيت أن حصْر السيد ترامب الموضوع في القدس خطأ، كان عليه ألا يقع في هذه اللعبة وهذا الفخ. لأنه كما تعلمون هناك قرار مجلس الأمن رقم 478 الصادر في 1980 موقّع عليه من قبل الولايات المتحدة أيضاً ». ولفت إلى أن الخطوة التي كان ينبغي اتخاذها من قبل ترامب، هي الرجوع إلى الاتفاقية التي تطالب بالعودة إلى حدود عام 1967، والتي تنص على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

على صعيد آخر، حاول وزير الخارجية المصري، سامح شكري، تبرير مشروع القرار المصري الذي وصفه كثيرون بـ« الناعم »، والذي تم التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، والذي كان يطالب « كل الدول بالامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة، وعدم الاعتراف بأي تدابير أو إجراءات تتناقض مع هذه القرارات »، من دون ذكر واشنطن، قبل أن تستخدم أميركا حق « الفيتو » في وجه تأييد 14 دولة له. وقال شكري إن صياغة مشروع قرار مصر بهذا الشكل سببه أن « القرار ليس تصادميا، وليس الهدف منه استعداء أي طرف »، مؤكدا أن علاقة بلاده مع الولايات المتحدة « على قدر من التشعب والعمق ». وورد كلام شكري خلال حوار مع صحيفة مصرية مملوكة للدولة، في أول موقف رسمي مصري معلن لتطورات المشهد الأخير مع واشنطن، عقب الجدل المثار بعدم ذكر القاهرة اسم واشنطن في قرار أممي قدمته مؤخرا بشأن القدس.

في موازاة ذلك، شهد يوم أمس استشهاد المواطن الفلسطيني من قطاع غزة، شريف العبد شلاش (28 عاماً) متأثراً بجراحه التي أصيب بها قبل نحو أسبوع في مواجهات مع الاحتلال، بحسب ما أعلنه الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، الطبيب أشرف القدرة. وكانت قوات الاحتلال قد قتلت، يوم الجمعة، مواطنين فلسطينيين، و5 آخرين في يوم الجمعة من الأسبوع الماضي. أما في الضفة الغربية، فقد قمعت قوات الاحتلال، أمس، مسيرة سلمية خرجت من وسط مدينة بيت لحم باتجاه المدخل الشمالي للمدينة. ولدى وصول المسيرة التي دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية في بيت لحم، اعتدت قوات الاحتلال على المشاركين فيها بالضرب وبالرصاص المعدني.

كلمات دلالية