خبر سيطرة الاسد على الحدود تضع امام اسرائيل معضلة أخلاقية.. هآرتس

الساعة 09:51 ص|22 ديسمبر 2017

بقلم

(المضمون: النظام السوري سيركز قريبا جهوده على قرى هضبة الجولان السورية وهي القرى التي ساعدت اسرائيل سكانها اثناء الحرب. ازمة ترامب لم تنته بعد. أحد الطيارين المتدينين في سلاح الجو الاسرائيلي يرى أهمية تجند الفتيات المتدينات للجيش - المصدر).

          في الجانب السوري من الحدود في الجزء الشمالي الغربي من هضبة الجولان، عاد الجيش السوري مؤخرا الى التكتيك المتبع لديه. وحدات من الجيش حاصرت قرى سنية صغيرة ووضعت أمامها انذار نهائي: الاستسلام واعلان الولاء للنظام أو حرب ابادة. خطوة بعد اخرى يعود الرئيس بشار الاسد الى السيطرة على مناطق اخرى تم اخذها منه خلال سنوات الحرب الاهلية. الجيش السوري والمليشيات التي تعمل بالتنسيق معه يسيطرون الآن على 70 في المئة من مساحة الدولة ومعظم سكانها يقعون الآن تحت سيطرتهم. في صيف 2015 قبل تدخل روسيا العسكري سيطر الاسد على حوالي ربع مساحة سوريا.

          اطلاق سربين من الطائرات الحربية الروسية في خريف نفس السنة حرك عدد من العمليات التي انتهت بما يبدو اليوم كانتصار للنظام. في البداية في كانون الاول 2016 استسلم المتمردون في حلب، تحت الضغط الكبير للقصف الروسي من الجو. وفي هذه السنة في تشرين الثاني انهارت خلافة داعش في شرق سوريا، بعد هجوم عنيف للتحالف برئاسة الولايات المتحدة. استسلام داعش تم استغلاله من النظام وايران والمليشيات الشيعية للسيطرة على مناطق واسعة من المناطق التي اخلاها التنظيم المتطرف في الوقت الذي يطردون فيه تنظيمات للمتمردين من مناطق اخرى.

          المرحلة القادمة، كما كتب أول أمس في هآرتس، يمكن أن تحدث في جنوب الدولة قرب الحدود مع اسرائيل. النظام يريد السيطرة مجددا على منطقة الحدود مع لبنان في المداخل الشمالية في جبل الشيخ، وبعد ذلك، حسب التقديرات، تنوي وحدات الجيش السوري بدعم من حزب الله والمليشيات، محاولة طرد المتمردين السنة من وسط وجنوب الهضبة ايضا، والمناطق التي سيطروا عليها قبل نحو خمس سنوات. المواجهة يمكن أن تكون اكثر صعوبة لأن نجاح النظام في مناطق اخرى جعل مئات المتمردين يهربون الى الجولان. فقط في فرع داعش الذي يسيطر على جيب في جنوب الهضبة قرب مثلث الحدود مع اسرائيل والاردن، هناك حوالي ألف مقاتل.

          هذه التغيرات تضع اسرائيل أمام معضلة جديدة، لها ايضا جانب اخلاقي. في السنتين الاخيرتين وبواسطة خطة « جيرة طيبة » التي توفر علاج وادوية وغذاء وملابس لسكان القرى القريبة من الحدود، تمكنت اسرائيل من تحسين علاقتها مع هذه القرى (وسائل الاعلام الغربية تتحدث عن أن المساعدة الانسانية تشمل ايضا ارساليات ذخيرة، ان لم يكن سلاح). ان التخوف من الشيطان الصهيوني الفظيع الذي أغرق جهاز التعليم السوري أدمغة مواطنيه بالتحريض ضده على مدى عشرات السنين، استبدل باحترام الجهود الاسرائيلية. ولكن ماذا ستفعل اسرائيل الآن اذا كان النظام يركز جهوده في اساليبه المعروفة على اعادة السيطرة على هذه القرى؟.

          على المستوى السياسي وجهاز الامن هناك من ينظرون الى التطورات الجديدة نظرة تحليلية بارزة: عودة نظام الاسد قريبا من الحدود من شأنها أن تضمن فيها استقرار اكبر وتوقظ سيل الجهاديين السنة الذي يتدفق الى المنطقة. وحتى أنه تسمع تقديرات بأن تشابه مصالح الاسد وحلفائه الايرانيين سيتضرر كلما تعزز النظام، والرئيس السوري لن يمكنهم من الاقتراب من الحدود في اعقاب جيشه.

          في المقابل، في الجيش الاسرائيلي هناك قلق من أن اسرائيل تنظر وهي مكتوفة الايدي الى مجرم الحرب، الذي يجني ثمار انتصاره. كل اطراف الحرب في سوريا ارتكبت جرائم حرب فظيعة، لكن جرائم معسكر الاسد كانت هي الاصعب والاكثر منهجية منها جميعا. وقد اشار ضابط كبير قبل بضع سنوات الى أنه في اختبار التاريخ ستجد اسرائيل صعوبة في تبرير حقيقة أنها ردت بتسليم مطلق ولم تحرك ساكنا من اجل وقف ذبح الشعب الذي يجري على بعد بضعة كيلومترات قابل للايقاف.

          هناك نوع من السخرية في حقيقة أن ليبرمان يضطر الآن الى تفسير سياسة الرد المنضبطة لاسرائيل على التحديات من قطاع غزة. الـ 30 صاروخ التي تم اطلاقها من قطاع غزة، التي اطلقتها التنظيمات السلفية منذ تصريح ترامب حول الاعتراف بالقدس، يبدو أن هذا التوجه كبح في الايام الاخيرة على خلفية خطوات ضبط متشددة اتخذها حكم حماس – هذا الاطلاق وضع حكومة نتنياهو أمام معضلة جديدة. إن معاقبة حماس، كما دعا الى ذلك آفي غباي ويئير لبيد، من شأنها توريط اسرائيل في حرب لا فائدة لها. في المقابل، ضبط النفس النسبي ازاء سقوط الصواريخ المستمر على مستوطنات غلاف غزة سيكون له ثمن سياسي داخلي، ويمكن أن يقنع حماس التي لديها مدى واسع للمناورة للسماح باطلاق آخر.

          وزير الدفاع ليبرمان، المؤشر اليميني في الكابنت وبصفته وزير خارجية في زمن « الجرف الصامد »، والرجل الذي هاجم الحكومة بسبب ضعفها وعجزها حتى عودته المفاجئة اليها في ايار الماضي، ومن هدد اسماعيل هنية بالموت خلال ربع ساعة – يرى الآن الصورة بشكل مختلف قليلا. الامور التي يرونها من هناك لا يرونها من هنا. في الوقت الذي يطالب فيه اليسار والوسط بقيادة عملية، فان ليبرمان يفسر بهدوء لماذا الآن يكفي ما يقوم به الجيش الاسرائيلي. حسب تحليله الذي يعتمد على تقديرات الاستخبارات العسكرية، قال إنه يحتاج بضعة ايام الى حين تهدئة النفوس في القطاع. حماس تسعى الى حرف المواجهة مع اسرائيل الى قنوات مريحة لها، ارهاب في الضفة الغربية ومظاهرات قرب الجدار في القطاع، لكنها تخشى من استمرار اطلاق الصواريخ الذي لا تكون لها سيطرة عليه.

          في يوم الثلاثاء الماضي زار ليبرمان مستوطنات غلاف غزة، وتم اجراء نقاش هاديء مع رؤساء المجالس في المنطقة، الذين لم يطلبوا من الجيش الاسرائيلي القيام بعملية فورية لاخضاع حماس. جزء كبير من اللقاء خصص للاحتياجات العملية للمستوطنات. الاستمرار في البناء الذي حظي بالزخم على خلفية الهدوء الذي اعقب الجرف الصامد، نصيب للمزارعين واجراءات التعويض عن ضريبة الاملاك. في الكنيست في القدس، على بعد عشرين دقيقة طيران بالمروحية ووجه وزير الدفاع بجو مختلف تماما، على شفا الذعر الامني.

          لحسن الحظ، منذئذ وحتى كتابة هذه السطور، بدأ تساقط الصواريخ، والجهاز السياسي عاد للانشغال في تداعيات التحقيقات مع رئيس الحكومة. ولكن اقوال زعيم حماس، يحيى السنوار، عن خطر انهيار المصالحة الفلسطينية يمكن أن تثير اخطار اخرى: تجدد الازمة الداخلية يمكنه التأثير على اسرائيل.

          ازمة ترامب ايضا لم تنته بعد. السلطة الفلسطينية ما زالت تحاول بعث الحياة في المظاهرات في القدس والضفة، التي يتوقع أن تتجدد اليوم، رغم تأجيل زيارة نائب الرئيس الامريكي مايك بينس الى المنطقة. في وسائل الاعلام الفلسطينية هناك جهود لتصنيف الاحتجاج كانتفاضة العاصمة.

          قيادة السلطة يئست تماما من المسيرة السياسية ولا تعلق آمال على مبادرة السلام العتيدة لترامب. النضال من ناحيتها انتقل الى الساحة الدولية. بجهود الانضمام الى منظمات جديدة وتمرير قرارات ادانة لاسرائيل. الرئيس محمود عباس الذي يشير تدهور صحته الى أنه يقترب من نهاية طريقه في السلطة، لا يريد أن يذكر في التاريخ الفلسطيني كمن خضع لاسرائيل في المسألة الاكثر أهمية في المسائل الاساسية، القدس ومستقبل الاماكن المقدسة.

          ليس باسم الدين

          « الوضع النفسي » هو نشرة للكنس، وهو من المنشورات الاهم التي تتم قراءتها في نهاية الاسبوع في الصهيونية الدينية. في الاسبوع الماضي ظهر فيها مقال استثنائي، الكاتب هو العقيد متان، الطيار الحربي الذي يعتمر القبعة. المقال الذي نشر بمصادقة استثنائية من قائد سلاح الجو، اللواء عميكام نوركن، يتناول الانقسامات التي تثير في الفترة الاخيرة الجمهور المتدين: خدمة النساء في الجيش الاسرائيلي، ولا سيما خدمة النساء المتدينات في وظائف قتالية، والادعاء أن ترقية ضباط متدينين في الجيش يتم تأخيرها بسبب معتقداتهم.

          مقال متان مقلق عندما ينضم الى تسجيلات الحاخام ايلي سدان، رئيس المدرسة قبل الخدمة العسكرية في مستوطنة عيليت، الذي تراجع عن انتقاده الشديد للجيش فيما يتعلق بنفس المجالات (تم بث هذه الامور للمرة الاولى في « كان » من قبل المراسل روعي شارون)، يبدو أن رئيس الاركان غادي آيزنكوت يستطيع أن يسجل لنفسه اسبوع ناجح جدا في شبكة العلاقات الملبدة مع الجمهور المتدين.

          العقيد متان الذي سيسرح قريبا من الخدمة الدائمة، بدأ خدمته في سرية هيئة الاركان، في نفس الطاقم مع وزير التعليم نفتالي بينيت، والمقدم عمانوئيل مورنو والذي موته في عملية شجاعة في السرية في لبنان في نهاية الحرب في 2006 حوله الى رمز في الصهيونية الدينية. بعد الخدمة كمقاتل في السرية انتقل متان الى سلاح الجو، وهناك أنهى دورة طيران وتم تأهيله كطيار لطائرة اف 16. « اقواله منقوشة في قلبي »، كتب، « اشعر بالجميل الكبير للوسط الذي ترعرعت وتشكلت فيه، الوسط الذي أنتسب له تماما. ومع ذلك، حقيقة أنني ضابط يعتمر القبعة لم تشغلني. فقد آمنت أن أهمية ذلك هي كأهمية عيني.

          »لم أتجند لوحدة « سرية هيئة الاركان » كمبعوث للجمهور، لم أتجند من اجل تنفيذ أجندة، بل تجندت لأنه حان دوري وأردت جدا أن أعطي الدولة. ورأيت بهذا ايضا أمر كبير، للاسف، مؤخرا... فجأة أسمع أن عدد من الجمهور يخاف مني ويعتقد أنني جزء من مسيرة كبيرة، مخططة ومدروسة للسيطرة على الجيش. هم يسمون هذا تديين. ومن الجهة الاخرى أسمع فجأة تساؤلات. « ارساليتي » لا تستجيب لتطلعاتهم، وتأثيري كضابط متدين لا يؤدي الى نتائج كافية« .

          »في السنة القادمة سأنهي خدمتي العسكرية وسأتسرح من الجيش. اردت الاستمرار والترقي في سلم الدرجات، لكن قادتي اختاروا مرشح آخر، ضابط متميز تم اختياره لأن متخذي القرارات اعتقدوا أنه مناسب أكثر مني. ولم يخطر ببالي لحظة أنه لن يتم اختياري بسبب القبعة. أنا على يقين أنها لم تهم أي واحد اثناء النقاش حول الاختيار. سأنهي خدمتي العسكرية دون شعور بالاضطهاد.

          « الآن، هيا نتحدث عن خدمة النساء في الجيش الاسرائيلي. اذا أردتم معرفة هل هو مسموح أو ممنوع تجند الفتيات للجيش – فاسألوا حاخام. واذا اردتم أن تعرفوا هل هناك حاجة لفتيات متميزات في الجيش، يمكنني الاجابة على ذلك. هناك حاجة كبيرة للفتيات. أنا لا أتحدث عن مساواة اجتماعية، أنا أتطرق الى حاجة اساسية للقوة البشرية النوعية في عدد كبير من الوظائف. في الاسراب التي قدتها، اضافة الى مقاتلات في طاقم الطيران، خدمت فتيات في وظائف تنفيذية، الادارة، الاستخبارات وايضا في الشعبة التقنية. حسب رأيي الوظائف التي تشغلها المجندات في السرب هامة لأمن الدولة. ليس هناك ما يكفي من الرجال المناسبين في الدولة من اجل القيام بهذه الوظائف.

          »سأعترف ولن أخجل من ذلك. حتى قبل ست سنوات عندما سئلت هل يجدر بالفتيات المتدينات التجند للجيش أجبت بأنه لو كان لي بنات كنت سأفضل أن يذهبن للخدمة الوطنية. الآن عندما يتم سؤالي نفس السؤال سأجيب بشكل مختلف. استطيع القول بصورة قاطعة إن النساء اللواتي يصلن كمقاتلات الى سلاح الجو هن مقاتلات ممتازات ليس أقل من زملائهن الشباب. كقائد لم أتردد للحظة عندما وضعت فتيات مقاتلات في طلعات جوية خطيرة خلف خطوط العدو.

          "يمكن الافتراض أن النساء لا يمكنهن أن يكن مقاتلات في غولاني أو الناحل، لكن يبدو لي أن هناك وظائف قتالية تستطيع النساء القيام بها بصورة ممتازة. يجدر أن يكن هناك ليس من اجل تنفيذ اجندة نسوية كهذه أو تلك من الاجندات. يجدر أن يكن هناك لأنهن سيساهمن في أمن الدولة. كل فتاة مقاتلة تقوم بمهمة في الامن الجاري توجه مقاتلي المستوى الهجومي للتركيز على التدريبات والاستعداد للمعركة. مع ذلك، واضح لي أن خدمة قتالية مشتركة تضم في داخلها عوامل جسدية كاملة هي اشكالية من ناحية شرعية، يجب أن يتم الانتباه لها وايجاد الحلول المناسبة.

كلمات دلالية