خبر الاندفاع المسعور لوزير الدفاع له تفسير واحد- هآرتس

الساعة 10:40 ص|21 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: ايمن عودة

(المضمون: هناك سبب واحد لتصريحات ليبرمان العنصرية والانفعالية وهو الانتخابات، لكن هذه التهديدات لن تخيفنا ونحن سنستمر في البحث عن يهود يريدون العيش معنا بمساواة واحترام متبادل - المصدر).

الاندفاع الذي اصاب وزير الدفاع افيغدور ليبرمان في الاسبوعين الاخيرين له تفسير واحد فقط: الانتخابات. رائحة انتخابات قوية تملأ الساحة السياسية، وهذه الرائحة تخرج الجميع عن اطوارهم ولا سيما ليبرمان، الذي على مدى فترة طويلة حاول أن يطور بدون نجاح صورة البالغ المسؤول والهاديء. هذه المحاولة تلاشت تماما مع بداية الهجمات الهائجة له ضد الجمهور العربي وممثليه.

هل من الضروري أن نرى في هجومه الاخير نوع من الاعتدال؟ أو يجب علينا الاستعداد للاسوأ الذي سيأتي فيما بعد؟ لأن هذا هو نفس ليبرمان الذي دعا في فترة الانتخابات الى قطع رؤوسنا بالبلطات. متأثرا كما يبدو بجو داعش، لكن ايضا بالجو العام لحكومة اليمين المتطرفة لنتنياهو، وللاسف ايضا بالجو العام المؤيد، أو على الاقل الذي يمكن من نشر افكار كهذه.

 

خطة التهجير والطرد تحولت الى جزء لا يتجزأ من حملة حزب ليبرمان المراوغ الانتخابية. ولكن كل من يستطيع رؤية الواقع يعرف أن طرد سكان وادي عارة ونقل المدن والقرى من هناك الى حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، هي فكرة خيالية، اذا اردنا تسميتها باعتدال. ليس فقط لأننا نحن المواطنون العرب نعارض الفكرة التي تنفيذها يرتبط بسحب متكرر للجنسية من مئات الآلاف، بل لأن الامر يتعلق بخطة غير قابلة للتنفيذ. واسرائيل لن توافق في أي حالة على وضع الحدود قرب الخضيرة، ومن اجل الوصول الى العفولة يجب المرور بمناطق الدولة الفلسطينية. اذا كان الامر هكذا فلماذا يعود ليبرمان دائما الى نفس الخطة؟.

 

خطة الطرد، التي تشبه مقاله أمس في « هآرتس »، هي جزء من مخطط استراتيجي واسع. ليبرمان يريد اشعال العنف بين اليهود والعرب في اسرائيل. وهو يفعل ذلك من خلال سلب الشرعية والانسانية لمواطني الدولة العرب وعرضنا كمخيفين وحتى قتلة. حسب رأيه، بناء الهوية الاسرائيلية يتم بواسطة الغاء المواطنة للعرب، لذلك فان العربي يعيش في الوقت الضائع في الدولة، ومجرد وجوده فيها ليس حقيقة حتمية، والهدف هو سلب الشرعية السياسية من الجمهور العربي،

 

وأن يشكك بمواطنته. لأنه ما الفرق بيني أنا العربي من سكان حيفا أو احد سكان الناصرة أو رهط وبين سكان وادي عارة.

 

ليبرمان يحاول أن يقول لنا إن مواطنتنا نفسها مشكوك فيها، ويمكن سلبها منا في أي لحظة دون صلة بما قمنا به. ببساطة لكوننا عرب. اذا كان الوضع هكذا فمن المفهوم أنه ليس لنا حق في التأثير على اتخاذ القرارات في الدولة – لأننا مجرد ضيوف مؤقتين في وطننا.

 

عند سماع هجمات ليبرمان واقواله التحريضية لا يمكن إلا أن نتذكر الانظمة الظلامية في القرن العشرين. لقد كتب دانييل بلتمان هنا في الاسبوع الماضي كلمات كنت أريد أن تدوي في قلب كل مواطن يهودي: حملة دعائية تحمل الكراهية ورسائل مدمرة من شأنها أن تؤدي الى العنف في اوقات الازمة... ليبرمان يتصرف الآن بنفس الطريقة. فهو يقطر باستمرار بدعاية كراهية ضد العرب ويغذي العداء والشك في اوساط الجمهور اليهودي ضد السكان والعرب. نتيجة عملية كهذه واضحة ومكتوبة على جدار التاريخ بحروف من الدم والعنف« . محظور علينا السماح لليبرمان والمتعاونين معه في الحكومة جرنا الى هناك.

 

من المهم النظر الى اقوال ليبرمان في سياق اوسع. وزير الدفاع يعبر عن مواقف غير ديمقراطية. فهذه مواقف فاشية كلاسيكية تقضي بأنه لا معنى لنظام ديمقراطي لدولة قانون، يعاقب فيها فقط من يخالف القانون. وحسب موقف ليبرمان فان جمهور كامل يتهم ويعاقب فقط بسبب قوميته.

 

المقال الشيطاني في »هآرتس« نشره ليبرمان ردا على مقال موشيه آرنس ( »هآرتس"، 18/12). وكما هو معروف، هناك فجوة سياسية بيني وبين آرنس، لكن حتى من موقعه السياسي في اليمين المتطرف فهو يخشى من تحريض ليبرمان. آرنس أشار في اقواله الى نضال القائمة المشتركة من اجل المساواة، وحتى أنه ذكر مشاركتنا، نحن اعضاء الكنيست في القائمة، في خطوات حقيقية لتقليص التمييز في ميزانيات السكان العرب في اسرائيل.

 

الجمهور العربي – الفلسطيني في الدولة نجح في الوصول الى انجازات مثيرة رغم التمييز المؤسسي والعقبات والصعوبات التي لا تتوقف. في هذه السنة، للمرة الاولى، نسبة الطلاب العرب الذين بدأوا السنة الدراسية الاكاديمية هي 18 في المئة من اجمالي الطلاب – أكثر من النصف هم طالبات. شبابنا يناضلون من اجل النجاح ويحتلون الاماكن العليا في الهاي تيك والعلوم والطلب. وفي الفن والثقافة ايضا فان أبناءنا وبناتنا يشقون طريق مميز ومثير، يعبر عن تركيبة هويتنا التي نفخر بها والحياة النشيطة في دولة تقوم باحتلال النصف الثاني من شعبنا.

 

ليبرمان يمكنه الاستمرار في تهديده، لكن هذا هو وطننا ولا وطن آخر لنا غيره، نحن مثل المنظر الطبيعي لبلادنا الحبيبة، سنبقى هنا الى الأبد وسنستمر في البحث عن يهود يريدون بناء حياة مشتركة معنا قائمة على المساواة والاحترام المتبادل.

كلمات دلالية