خبر لعدم وجود أرجل فقط أطلق- هآرتس

الساعة 10:47 ص|17 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

القناص النار على الرأس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: لقد اطلقت النار على شخص مقعد وأعزل وهذا الامر يدعو ان يبدأ الحديث عن تقديم المسؤولين لمحكمة الجنايات الدولية -المصدر).

أحد القناصة من الجيش الاسرائيلي لم يستطع اول أمس التسديد نحو الجزء السفي من جسم الضحية – ابراهيم ابو ثريا لم يكن لديه جزءا سفليا. نصف انسان، شاب ابن 29 عاما، ماسح سيارات من مخيم اللاجئين « الشاطيء » في غزة جرح جراحا خطيرة جراء القصف الاسرائيلي في عملية « الرصاص المصبوب » في سنة 2008، وقطعت رجلاه على طولها. منذ ذلك الحين كان يسير على كرسي متحرك. بالامس استكمل الجيش الاسرائيلي المهمة: قناص أطلق النار على رأسه بنيران حية وقتله.

 

تسلسل الامور أول أمس كان مرعبا: أبو ثريا كان يدفع على كرسي متحرك من قبل اصدقاءه، وهو يدعو للنضال ضد قرار الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل؛ ابو ثريا يزحف على الارض نحو الجدار الذي يسجن القطاع الذي يعيش فيه؛ ابو ثريا يلوح بعلم فلسطين؛ أبو ثريا يرفع كلتا يديه بعلامة النصر؛ ابو ثريا النازف والمحتضر مرفوعا على ايدي اصحابه؛ جثة ابو ثريا الميت موضوعة على النقالة. النهاية.

 

القناص الاسرائيلي لم يكن باستطاعته أول امس التسديد نحو الجزء السفلي لضحيته ولهذا اطلق النار على رأسه وقتله. بالامكان الافتراض انه رأى بانه يطلق النار على شخص مقعد على كرسي متحرك، الا اذا كان قد أطلق النار الحية بدون تمييز داخل جموع المتظاهرين. أبو ثريا لم يعرض حياة أحد للخطر، كما هو مفهوم، لم يستطع شخصا مقطوع الارجل وغير مسلح على كرسي متحرك، المسجون خلف الجدار، ان يعرض حياة أحد للخطر؟ كم من البلادة والشر يجب أن يتوفر من أجل اطلاق النار على مقعد فوق كرسي متحرك، ليس هو الفلسطيني المقعد الاول الذي يقتله الجنود الاسرائيليين ولن يكون الاخير الذي يقتله اكثر الجنود اخلاقية في العالم أو غير أخلاقية.

 

ان قتل المقعد المعتقل مرت في اسرائيل مر الكرام. كان واحدا من الثلاثة المتظاهرين الفلسطينيين الذي قتله الجيش أول أمس، أمر روتيني تماما. من السهل تصور ماذا كان سيحدث لو ان الفلسطينيين قتلوا اسرائيليا على كرسي متحرك. لثارت الدنيا: كم من الكلمات كانت ستكتب عن قساوتهم وبربريتهم. كم من الاعتقالات كانت ستنفذ وكم من الدماء كانت ستسفك كرد على ذلك. ولكن عندما يتصرف جنود جيش الدفاع الاسرائيلي ببربرية، فان اسرائيل تصمت وحتى أنها لا تظهر اي اهتمام. لا صدمة ولا خجل ولا شفقة. اعتذار، ندم او اظهار أسف فقط هذه امور خيالية. تقديم للمحاكمة للمسؤولين عن القتل الفظيع هذا هو هذيان. ابو ثريا كان يستحق الموت لانه تجرأ على المشاركة في احتجاج ابناء شعبه، وقتله لا يهم أحدا لانه فلسطيني.

 

غزة مغلقة امام الصحافيين الاسرائيليين منذ 11 عاما. ولهذا بالامكان فقط تخيل مجرى حياة وموت ماسح السيارات من مخيم الشاطيء. كيف شفي من جراحه الخطيرة، بدون اعادة تأهيل مناسبة في غزة المحاصرة بدون احتمال أن يحصل على ارجل اصطناعية، وكيف اعتاد على الكرسي المتحرك القديم غير الكهربائي، ليسير في الازقة الرملية لمخيمه. كيف واصل العمل في تنظيف السيارات بالرغم من اعاقته، لانه لم يكن لديه خيارا آخر. ايضا ليس للمقعد. كيف واصل النضال مع اصدقائه بالرغم من اعاقته.

 

ليس هنالك اسرائيلي يستطيع تصور الحياة في قفص كهذا، أكبر قفص في العالم، قطاع غزة في إطار التجريب الجماعي على البشر لم ينتهِ. يجب رؤية الشبان اليائسين الذين اقتربوا من الجدار في مظاهرة أول أمس، مسلحين بالحجارة التي لا تستطيع ان تصل الى اي مكان، يرشقونها من وراء القضبان المسجونين خلفها. لهؤلاء الشباب لا يوجد أي أمل في حياتهم. حتى وهم يسيرون على رجليهم. هذا الامل كان اقل لدى ابو ثريا.

 

هنالك شيء ما يثير الاحترام والشفقة في نفس الوقت في صورته وهو يرفع علم فلسطين من سجنه المزدوج، الكرسي المتحرك وبلاده المحاصرة؛ ليس مثل ابو ثريا من يعبر عن وضع ابناء شعبه. بعد وقت قصير من تصويره، وصلت حياته المعذبة الى نهايتها. عندما ينادون في اسرائيل كل اسبوع « نتنياهو لسجن معسياهو » يجب على احد ما أن يبدأ بالحديث أخيرا أخيرا أيضا عن محكمة الجنايات في هاغ.

كلمات دلالية