خبر الشجعان والخائفين -هآرتس

الساعة 10:43 ص|17 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: عميره هاس

(المضمون: لقد برز أبو ثريا من بين المتظاهرين مقطوع الارجل وعلى كرسي متحرك. هل جرأته هي التي استفزت الجنود خلف الجدار ليطلقوا عليه النار؟ - المصدر).

ضوء السيارات كشف داخل الظلام عن جنديين، بنادق وكل ما تبقى، في مدخل بلدة الرام المكتظة، تقابلت أعيننا للحظة كما يقولون. على وجوههم تظهر الوقاحة، الجهالة والخوف. كم هم صغارا فكرت في نفسي. وأيضا فكرت وما يفكر فيه كل من يقود بالقرب من الجنود: أي انحراف بسيط للسيارة، سيظنون أن هذه السيدة ستدهسهم، وبعد ذلك سيظهر تحقيق الشرطة العسكرية انهم شعروا بالخطر على حياتهم وتصرفوا كما هو مطلوب. لذلك قلت لنفسي عليكِ ان تقودي بحذر. وواصلت التفكير « كم هم شبانا صغارا ».

 

من المشكوك فيه جدا أنكم ستجدون خوفا في أعين هؤلاء الجنود والذين في يوم الجمعة أطلقوا نيرانهم القناصة على ابراهيم ابو ثريا ابن الـ 29 عاما. لقد كانوا في الجانب الثاني من جدار الفصل، شرقي حي الشجاعية في غزة. ربما في برج مراقبة، وربما فوق تلة أو في سيارة جيب مصفحة، كان ذلك الذي اطلق صلية تجاه المتظاهرين. ما هو الخطر الذي كان محدقا بهم من أبوثريا؟ لقد برز من بين جمهور المتظاهرين: مقطوع الارجل، يسير على كرسي متحرك أو ينزل منه ويتقدم بمساعدة صديقيه بسرعة على الكثبان الرملية باتجاه الشرق. هل شجاعته وغياب الخوف الذي أظهره استفز احد الجنود في الجانب الاسرائيلي من جدار الفصل؟

 

أبو ثريا جرح خلال قصف الجيش الاسرائيلي على غزة في 2008 – 2009 وأرجله قطعت. مراسلة في موقع الاخبار الفلسطيني « وطن » كتبت في 2015 بانه هو واصدقاؤه حينئذ كانوا هدفا للقصف الاسرائيلي في معسكر اللاجئين « البريج ». منذ أن تماثل للشفاء من اصابته الخطيرة عمل في تنظيف زجاج السيارات في شوارع غزة، يتنقل فيما بينها بكرسيه المتحرك. فيلم قصير لا يتضح تاريخه، يظهره وهو يتسلق معلقا بيديه على عمود كهربائي في المنطقة الحدودية في غزة ويرفع علما وفي فيلم آخر يبدو أنه من أول امس – يجلس على كرسي متحرك فوق تلة مكشوفة امام الجدار وأيضا يرفع علم فلسطين. أول امس بعد الظهر قال أمام عدسة التلفزيون ان المظاهرة هي رسالة للجيش المحتل الصهيوني بان هذه هي ارضا ولن نستسلم. فيلم من أول أمس يظهره على كرسي بين عشرات الشباب الغاضبين، ورأسه مدلى عندها يرفعونه ويحملونه الى سيارة الاسعاف ويرافقونه الى المستشفى. في المساء تم الاعلان عن موته، من رصاصة اصابت رأسه. هل هذه الافلام المحررة حذفت اي مشهد تجريمي؟ على سبيل المثال ابو ثريا يوجه قذيفة من أجل اطلاقها تجاه الجنود؟ ليس هذا هو السبب الذي جعل قناصا اسرائيليا يطلق النار على رأس شاب مقطوع الارجل على كرسي متحرك – هذا الامر يتعلق بفضيحة للمتحدث باسم الجيش والمتحدث باسم منسق اعمال الحكومة في الحكومة، لماذا لم ينشروا بيانا للصحافة عن احباط اطلاق قذيفة من قبل متظاهرين ومنعت الاضرار بجنودنا؟

 

اشخاص يفهمون ما وراء الامور حذروا انه في نهاية شارع مخيم اللاجئين « الجلزون » يوجد جنود، ولهذا ايضا يوجد مطلقي حجارة. ولكن لم يكن هنالك مجال للرجوع. مطلقي الغاز المسيل للدموع تزايدوا وازداد الطريق التواءً. من خلف البيوت شارك عدد من الشبان – كم هم صغار. كانوا يحملون الحجارة، ولكن في نفس الوقت لم يرموها. من جانب آخر بالقرب من الجدار الذي يحمي مستوطنة بيت ايل وقفت مصفحة مخيفة وعدد من الجنود الى جانبها. ربما كانوا شرطة حرس حدود. الفزع أنسى عدد من التفاصيل. تحت قبعات الجنود الواقية للرصاص وعن بعد من الصعب ان تحدد كم هم صغارا. الفظاظة والجهالة رسمت بخطوات أرجلهم.

 

محاولة الخروج من رام الله الى بيت لحم (حفلة موسيقية وفرقة اطفال) في يوم الجمعة لم تنجح. في مفترق السيتي إن، في الطريق الى حاجز بيت ايل، كان هنالك عدد من الشبان – كم هم

 

صغارا – سحبوا من سيارة اطارات من أجل احراقها. فهمت: ان علي أن اتوجه الى قلنديا. السفر الى هناك ازدادت مدته. هنا المصلون يخرجون من المسجد، هنا مشاة يسيرون في منتصف الشارع، اشخاص معهم سلالا جاءوا من السوق، وهناك سيارات في وقوف مزدوج وشبان خرجوا من احد قاعات الافراج وبايديهم كاسات من القهوة وقطعة حلوى. صفارات سيارة الاسعاف التي انطلقت بسرعة من اتجاه الحاجز كانت تشير الى ما سيحدث. عدة عشرات من الامتار، وسحب الغاز المسيل للدموع كانت تظهر بوضوح. تولدت الرغبة لفحص وضع ما سيخرج من سجن الخمسة نجوم، رام الله. بعد ذلك تم الاعلان عن قتل في حاجز بيت ايل وجريح بجراح خطيرة من قلنديا.

 

في جولة الصباح مع اصدقاء، في يوم الجمعة يقول احدهم: « من الجانب الاول اعتقد أن علي أن أكون الى جانب الشباب الشجعان هؤلاء في الحاجز. ومن الجانب الاخر أنا اعرف انه فقط اذا خرجنا بمئات الالاف الى الحواجز وايدينا في جيوبنا، فان شيء ما سيتغير ». تقول احدهن: « في احد المرات سمعنا عن جرح في غزة وكل الضفة اشتعلت. اليوم يسمعون عن قتيل في رام الله أو شاب ذهبت عينه من قنبلة غاز مسيل للدموع، ونحن نقول آي.آي.آي، نهز رؤوسنا ألما ونواصل حياتنا ». الرجل الذي يعيش في الشارع المتفرع من حاجز بيت ايل فتح بيته لمن هربوا من امام الغاز المسيل للدموع. منديل مغموس بالكحول وزعه المسعف على الهاربين، كاسعاف، ولكن فقط في البيت المحمي هدأت الحرقة والدموع. المضيف قال: "القيادة معزولة. لا يهمها الشعب. فقط المال والكراسي. لا أستطيع ان اقول للشباب الا يذهبوا الى الحاجز، ولكنني اعرف ان شجاعتهم هي عبثا.

 

كلمات دلالية