خبر القدس موحدة.. بقلم/خالد صادق

الساعة 01:12 م|14 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

 

في الوقت الذي كانت تجلس فيه الزعامات العربية والإسلامية في قمة التعاون الإسلامي الطارئة والمنعقدة باسطنبول, بمشاركة ثمان وأربعين دولة من أصل سبع وخمسين, كانت جماهير شعبنا تنتفض في ربوع الوطن في وجه الاحتلال, وتسوء بحجارتها المباركة وجوه بني صهيون, فالحجر الفلسطيني أصبح تميمة للثورة والانتفاضة, لم تجلس الجماهير الفلسطينية أمام شاشات التلفاز لتترقب نتائج القمة, وتنتظر خطابات الزعماء لأنها ملت ويئست منها, ونفضت يدها تماما من قرارات هزيلة لا ترقى لمستوى الحدث, خرجت الجماهير في نابلس والخليل والبيرة والقدس وغزة وجنين وبيت لحم, كما خرجت تظاهرات في اسطنبول وعمان وتونس ومصر والجزائر والمغرب والفلبين واندونيسيا وماليزيا وغيرها الكثير من الدول, لم تعد الشعوب العربية والإسلامية تركن إلى قرارات هذه القمم, لأنها في كل الأحوال تبقى حبرا على ورق حسب ما علمتنا التجارب السابقة, وربما يبقى أمل في مساعٍ حقيقية تبذلها بعض الدول الإسلامية للخروج بقرار مشرف, يرتقى إلى مستوى الحدث, وينقذ القدس من بين أنياب الإدارة الأمريكية والاحتلال الصهيوني, لكن الشعوب دائما هي الأقدر على التضامن والارتقاء بمستوى القرار من خلال أدائها الشعبي واحتجاجاتها العارمة في المدن والعواصم العربية والإسلامية والغربية, واعتقد ان يوم غد الجمعة سيكون مميزا في الحشود والامتداد, ليس على المستوى المحلي فقط, إنما على المستوى العربي والإسلامي والعالمي.

خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في قمة التعاون الاسلامي حمل نقاطاً ايجابية, لكنه في نفس الوقت كان يحتاج لقرارات نوعية, تتناسب مع طموحات وآمال الشعب الفلسطيني, فلا زال موقف السلطة دون المستوى في الرد على خطيئة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني, فحين ندعو دول العالم إلى مراجعة اعترافها بالكيان الصهيوني, فيجب على السلطة الفلسطينية ان تبادر بذلك أولا حتى يقتدي بها الآخرون, فهذا يوجب على منظمة التحرير الفلسطينية الإعلان عن سحب اعترافها ب «إسرائيل» وإلغاء اتفاقية أوسلو المشئومة وملحقاتها, والإعلان عن فشل التسوية, والانحياز إلى خيارات الشعب الفلسطيني, وتعدد خيارات السلطة لمواجهة سياسة الاحتلال, والإعلان فورا عن رفع العقوبات عن قطاع غزة والشروع باتخاذ خطوات عملية لإنجاح وتفعيل المصالحة الفلسطينية, والتوافق على برنامج وطني, والدعوة لانعقاد الإطار القيادي الموحد لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, لو اتخذت مثل هذه القرارات, لكان يمكن للشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي, ان ينفجر بشكل اكبر في وجه الاحتلال, ويقدم التضحيات في سبيل إسقاط القرار الأمريكي الجائر والأحمق الذي اتخذه الرئيس ترامب.

نعم كنا نتمنى على قمة التعاون الإسلامي ان تخرج بقرار باستنفار الجماهير العربية والإسلامية في بلدانها للخروج إلى الشوارع والميادين العامة دفاعا عن قدس الأقداس, حتى إسقاط القرار الأمريكي الجائر, كنا نتمنى ان توصي القمة بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني, وطرد سفراء «إسرائيل» في البلدان التي تقيم علاقات مع الاحتلال, وسحب سفرائها من دولة الكيان المجرم وتجريم التطبيع معه, كنا نتمنى ان يكون هناك قرار موحد للقمة باستدعاء السفراء الأمريكيين في بلدانهم, وتقديم مذكرات احتجاج مشتركة, والتهديد بقطع العلاقات مع الأمريكان في حال الإصرار على تمرير أمريكا لقرارها الجائر, كنا نتمنى ان تخرج القمة بقرار واضح وصريح بأن القدس الموحدة بشرقيها وغربيها عاصمة موحدة لدولة فلسطين, كنا نتمنى ان يكون هناك قرار جماعي بالتوجه للمجتمع الدولي والأمم المتحدة لاتخاذ قرار بملاحقة ترامب قانونيا, ومحاسبته على هذا القرار الذي يمثل خروجا عن الإجماع الدولي, خاصة ان القانون الدولي يسمح بذلك, فالقدس اكبر بكثير من قمم بروتوكولية تخرج بقرارات هزيلة, القدس تحتاج إلى قادة حقيقيين قادرين على الدفاع عنها وليس إلى إهدائها الحصر والسجاجيد والموكيت, القدس عنوان كرامة وعزة هذه الأمة ويلزمها رجال يحفرون الخنادق للدفاع عنها, ولا يستجمون في أروقة وغرف الفنادق, القدس تحتاج إلى سواعد الرجال الذين يفتدونها بدمائهم وأرواحهم, فهل يدرك المجتمعون في قمة التعاون الإسلامي باسطنبول هذا, أم أنهم يغردون خارج السرب؟!

«إسرائيل» والإدارة الأمريكية وبعض الدول العربية كانت تراهن على ان الأحداث عقب قرار ترامب ستخفت وتنتهي خلال أسبوع, ما رأيكم اليوم والأحداث تتزايد وتمتد وانتفاضة شعبنا المباركة تشتعل نارا تحت أقدام الاحتلال الصهيوني المجرم؟ ما رأيكم في الدعوات لمسيرات مليونية في قطاع غزة والضفة والعالم العربي والإسلامي؟ أما آن لكم ان تدركوا ان القدس خط احمر لا تسمح الأمة لأي طرف مهما كان طاغيا أو متجبرا بتجاوزه, لأن القدس عليها إجماع امة, ولا يمكن لأحد ان يتخاذل أو يتوانى عن نصرتها إذا تطلب الأمر ذلك.

كلمات دلالية