يحلم أن يملأ بها الدنيا حتى "لا تشرق شمس في الأرض غير شمس فلسطين"

خبر تونسي يصنع أعلام فلسطين ويوزعها مجانا على المدارس

الساعة 07:27 ص|14 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

حُبّ فلسطين والدفاع عن القدس مدينة عربية إسلامية، دفع الشاب التونسي، فيصل الشُّك، إلى تغيير نشاط ورشته من خياطة ملابس العمال إلى صناعة أعلام فلسطين، وتوزيعها مجّانا على مدارس منطقته.

طريقة بسيطة لكنها تختزل الغضب الكامن في نفس الشاب المقيم بمدينة صغيرة تابعة لمحافظة تطاوين جنوب شرقي تونس، هناك حيث لم يجد من سبيل لنصرة القدس سوى صنع أعلام بلادها وتوزيعها على المدارس، لترفع عاليا جنبا إلى جنب مع العلم التونسي.

** « لا نبيعُ الأعلام بل نُهديها، ولن نُتاجر بالقدس بل نَفديها »

منذ أن تجتاز قدما المرء مدخل الورشة الصغيرة، تتراءى العبارة مكتوبة بخط واضح يلفت عادة ما يلفت انتباه زوّار المكان. كلمات انتقاها فيصل بنفسه، وحرص على إخضاعها لإيقاع وقافية زينت نطقها وترديدها، في طريقة قال إنها كل ما يسعه تقديمه للقدس وللفلسطينيين.

فيصل ابتكر لنفسه طريقة جديدة للتعبير عن رفضه القرار الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقرر التنديد بالقرار على طريقته، وانطلاقا من نشاطه اليومي.

ومنذ السبت الماضي، أي بعد يومين من الإعلان الأمريكي، دعت وزارة التربية التونسية إلى رفع أعلام فلسطين في جميع المدارس والمعاهد الثانوية بالبلاد.

دعوة استوحى منها فيصل فكرة يعبر من خلالها عن تنديده بالقرار الأمريكي، فكان أن قرر تحويل ورشته من خياطة الملابس إلى صناعة أعلام فلسطين، وتوزيعها على المدارس والمعاهد، لترفرف عاليا جنب العلم التونسي.

خطوة تلقائية نابعة من حب الشاب التونسي لفلسطين كما يقول، ومن غضبه من القرار الأمريكي « الغاشم » بحق القدس والقضية الفلسطينية، حتى أنه لم يتردد أبدا في تغيير نشاط ورشته رغم كثرة الطلبات المتعلقة بخياطة ملابس مهنية.

** الضمير العربي

11 عاملة انكببن رفقة فيصل على صنع الأعلام الفلسطينية التي تكدس عدد منها بانتظام على إحدى الأرائك، فيما لا يزال البعض الآخر قيد الإنجاز.

وفي المجموع، صنع الفريق نحو 300 علم، وزعوا نصفها تقريبا، على مختلف مدارس ومعاهد المنطقة، في خطوة يعتبرها فيصل من صميم التضامن العربي الذي يفرض على الضمير الجماعي للعالم العربي الوقوف إلى جنب فلسطين في محنتها.

وببريق لافت يعكس الحماس الممزوج بالغضب، قال فيصل للأناضول: « لكل شخص طريقته في التعبير عن نصرة قضية معينة، فالشاعر يكتب قصيدة والفنان يؤدي أغنية، والرسام يرسم لوحة فنية ».

« أما أنا »، يضيف، و« بحكم أن مجال عملي هو خياطة الملابس، فقد اخترت أن تكون مناصرتي للقضية من جنس عملي، وأن أصنع أعلام فلسطين وأوزعها مجانا ».

ويرى الشاب التونسي أنه « من العيب » أصلا أن يقبض ثمنا لأعلام فلسطين، معتبرا أن فخره في كل ذلك يكمن في رؤيته للأعلام التي صنعها ووزعها في أيادي عدد كبير من أطفال المدارس والمعاهد، أو غيرهم من مناصري القضية.

وتابع: « فرحي برؤية مشهد مماثل لا يضاهيه أي مال، وفي كل الأحوال، أتصور أنه من العيب أن أقبض ثمنا لهذه الأعلام، وإن قمت بذلك، فسأصبح متاجرا بالقضية، شأني في ذلك الكثيرين، وأنا لا أريد أن أضع نفسي موضعهم. »

ويعتبر فيصل أن ما يقوم به « واجب » يمليه عليه ضميره العربي لنصرة القضية الفلسطينية، لافتا -في الآن نفسه- أنه « غير مقتنع » بشكل كبير بالموقف الرسمي التونسي والعربي عموما بشأن الإعلان الأمريكي، والذي اكتفى في مجمله، ببيانات التنديد الكلاسيكية« .

وبالنسبة له، فإن »الموقف الرسمي لتونس لا يمثّلني، ولا يتناغم مع الموقف الشعبي الذي نراه في الشارع، إذ كان بإمكاننا القيام بأكثر من ذلك، مثل طرد السفير الأمريكي من البلاد« .

ورجح فيصل وجود عدد من »المسؤولين والسياسيين ممن يعتقدون أن ما أقوم به أمر بسيط وغير مهم، وأنه لن يغير من واقع الأمر شيئا في القضية الفلسطينية« ، مؤكّدا، في المقابل، اعتزازه ببساطته وافتخاره بانتمائه »الحقيقي« للقدس.

** »حتى لا تشرق شمس غير شمس فلسطين«

أحلام فيصل تبدو مختلفة بعض الشيء عن أحلام الكثير من الناس، فآماله لا تتعدى حصوله على أموال وفيرة لإنفاقها نصرة للقضية الفلسطينية، وذلك عبر صناعة أعلام فلسطين، بل إن الشاب يحلم بأن يمسك كل تونسي في يده علم فلسطين شمعة تنير القضية بوجه الجيال الراهنة والقادمة.

وبذات النبرة المتحمسة الخالية من التكلّف، يقول: »اليوم فقط تمنيت أن أكون ثريا حتى أتمكّن من أن أملأ الدنيا بأعلام فلسطين، ولو كان عندي مال أكثر، لكنت وزعت أعلام فلسطين في جميع أنحاء الأرض حتى لا تُشرق شمس أخرى غير شمس فلسطين، ولا تعلو راية فوق رايتها".

ومع أن الشاب التونسي يواجه بعض الصعوبات في إيصال الأعلام التي يصنعها إلى المدارس، غير أنه لا يعير الأمر الكثير من الاهتمام، مدفوعا بحماسه النابع من إيمانه بالقضية الفلسطينية، وبالمساعدة التي يحصل عليها من مدراء المدارس والمعاهد ممن يأتون بأنفسهم إلى ورشته للحصول على الأعلام.

جهد كبير يبذله فيصل، يحاكي عمق حركته التضامنية مع القدس والفلسطينيين، والتي -على بساطتها- نالت الكثير من التقدير والإعجاب في منطقته وفي كل مكان بلغه صداها.

كلمات دلالية