خبر فليتركوا اللهث للفعل المقاوم.. حمزة ابو شنب

الساعة 04:25 م|13 ديسمبر 2017

لم يكن خافياً على المتابعين بأن الرئيس الأميركي ترامب سيتخذ خطوات جدية تجاه القدس بإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال، فمنذ توليه سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية وهو يسعى بصورة فعلية لتنفيذ وعوده الانتخابية وعمل كل ما هو معاكس لأوباما.

على الصعيد الإسرائيلي تتطابق آراء ترامب مع رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو في ملف التسوية، بل ذهب نتنياهو إلى دعم قرار ترامب في قضايا داخلية كبناء الجدار على حدود بلاده مع المكسيك عندما أيده واعتبره امتداداً للفكر الإسرائيلي في بناء الجدار على حدود مصر.

شكّل نجاح ترامب فرصة كبيرة لليمين الإسرائيلي الحاكم في دولة الاحتلال، لما يمكنه من تعزيز خطواته في تهويد القدس والتهام الضفة الغربية، فرئيس الحكومة اعتبره « صديقاً حقيقياً لدولة إسرائيل »، وزعيم البيت اليهودي بينيت اعتبر فوز ترامب هو إنتهاء عهد الدولة الفلسطينية، وبقرار ترامب يسجل نتنياهو واليمين الإسرائيلي انتصاراً هاماً ليس على الصعيد الدبلوماسي بل بالقضاء على البرنامج السياسي لليسار الإسرائيلي والتائهين العرب المهرولين نحو التسوية

تصاعُد اليمين الإسرائيلي وحسمه لأي انتخابات قادمة وسيطرته على مقاليد السلطة في إسرائيل وما يحمله من توجهات تهويدية تجاه فلسطين بمواصلة الاستيطان، والتي كان آخرها السعي لتنفيذ المشروع المسمى (إي واحد- E1) في المنطقة الفاصلة بين مدينة القدس المحتلة ومستوطنة معاليه أدوميم التي تقع شمال شرق المدينة، وهي المنطقة التي تربط شمال الضفة الغربية عن جنوبها. التفكير الجدي بضم ما تبقى من مناطق « ج » في الضفة الغربية للكيان الصهيوني، ورفضهم أي عملية تسوية مع السلطة الفلسطينية، يعكس توجهات إسرائيل لسنوات قادمة

أمام هذه التوجهات والخطوات المتلاحقة من قبل الاحتلال، على ماذا يعول دعاة التسوية؟ ماذا تبقى من مشروع التسوية؟ لقد أنشأت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واقع سجون متفرقة في الضفة الغربية معزولة بجدران استيطانية وحواجز عسكرية على كافة الطرق الرئيسية، لم يعد لمشروع التسوية سبل أو خطوات، فضياع ربع قرن من اللهث خلف سراب كاذب، والثقة والتعويل على الإدارات الأميركية نابعة من حالة ضعف لأصحاب مشروع التسوية.     

فالموقف الأميركي من الصراع الفلسطيني مع العدو لم يتغير منذ إعلان دولة إسرائيل عام 1948، القائم على التفوق العسكري للاحتلال على المحيط العربي والإقليمي، لا عودة للاجئين الفلسطينيين ولا دولة فلسطينية، ومن هذه المنطلقات تتحرك الإدارات الأميركية المتعاقبة بجمهورييها وديمقراطييها، هذه ليست المرة الأولى التي تطرح فيها قضية نقل السفارة، لكن ترامب يختلف من حيث السلوك. وعلى الجانب الفلسطيني هناك غياب واضح لمقومات القوة التي تؤثر في تغيير مسار القضية، فلم تعد تمتلك السلطة أوراق القوة القادرة على الردع ولو الجزئي.

المواقف الإسرائيلية والأميركية تحتم وتفرض نسف المسار برمته والانتقال إلى الفعل الثوري القادر على تغيير المعادلة، فتاريخ القدس شاهد على اشتعال الانتفاضات، في 1990 شكلت المجزرة المرتكبة في القدس شرارة وجذوة هامة في انتفاضة الحجارة، كذلك أحداث النفق عام 1996، وانتفاضة الأقصى عام 2000 بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى، والهبة الجماهيرية عام 2015، وهذا الإعلان فرصة لإعادة الاعتبار لقضية فلسطين

فلسطين من بحرها إلى نهرها محتلة، فلا ضير من كل السلوك الأميركي، فيافا وحيفا والقدس مدن محتلة، ولكن المهم في الحالة الفلسطينية الآن هو استثمار الظروف والعودة إلى تفعيل الانتفاضة الشعبية في الأراضي المحتلة عام 48 والضفة الغربية وقطاع غزة، تمتلك زمام التأثير والانتقال من حالة الصمت والهوان إلى المبادرة الفاعلة.

إعادة الفعل المقاوم على الأرض وإشعال جذوة مقارعة الاحتلال، مطلوب من كافة ساحات العمل الفلسطينية، فلا يمكن الاعتماد على ساحة الضفة الغربية وتركها وحيدة تصارع في ظل ضياع المشروع، الحراك يجب أن يمتد إلى قطاع غزة، واستنهاض الحالة الشعبية لتقديم خطوات فاعلة في تغيير الواقع الميداني، أما الساحات الخارجية فربما هي الأهم في المرحلة القادمة، فإن أبرز معالم إخفاق الفصائل الفلسطينية هي عدم القدرة على استثمار مكامن القوة البشرية للاجئين الفلسطينيين في دول الطوق، وجعلهم طليعة مشروع تحرير فلسطين، ومساندة قوة الفعل المقاوم بداخل الأراضي المحتلة

 

كلمات دلالية