خبر أمريكا والشرق الاوسط -يديعوت

الساعة 11:21 ص|12 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

في الداخل أم في الخارج؟

بقلم: نداف ايال

(المضمون: هل الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة وتتركها لرحمة الروس، أم أن وسائل الاعلام في الغرب تقع ضحية مناورة روسية ذكية – في الوقت الذي بقي الامريكيون ويواصلون الاستثمار في ذخائرهم الاستراتيجية؟ - المصدر).

 

ثمة سلسلة من المسلمات في الشرق الاوسط الان، وهي ثورية حقا. تعالوا نحصي بعض منها. في سوريا انتصر الاسد في الحرب على حراب الروس والايرانيين. وهاتان القوتان العظميان ستديران الدولة وحكم الاسد مستقر. بوتين دخل الى الشرق الاوسط بشكل عميق بينما الولايات المتحدة تواصل انسحابها وانعزالها عن المنطقة.

 

هذه الاقوال تستقبل في الجمهور وفي وسائل الاعلام كتشخيص واقعي للوضع الشرق أوسطي، ولكن زيارة الى واشنطن تجسد بان الامور تبدو من هناك مختلفة تماما. فقد شرعت الولايات المتحدة في الاسابيع الاخيرة بهجوم مضاد من الاستعراضات الصحفية، التي غايتها الايضاح للعرب، للروس، للايرانيين وكذا للاسرائيليين بان امريكا لا تنثني. وقال لي مصدر رفيع

المستوى في الادارة الامريكية مؤخرا أن الادعاء بانتصار الاسد في الحرب السورية هو « احبولة اعلامية » من الروس فقط. « 70 في المئة من احتياطات الغاز والنفط السورية توجد في المناطق التي يسيطر عليها الثوار »، قال المسؤول. واضاف بان أجزاء هامة من سوريا توجد تحت السيطرة الفاعلة لقوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف من الثوار السنة والمقاتلين الاكراد. واشار الى ان « الحرب ضد داعش هي الاخرى لم تنتهي. وعليه فان الولايات المتحدة ستواصل العمل في سوريا ». ولم يقصد فقط العمل من الجو، بل مئات عديدة من « المستشارين العسكريين » الامريكيين الذين يوجدون في الميدان ويساعدون الثوار.

 

ونقلت استعراضات صحفية من هذا النوع ليس فقط من الموقع ادناه بل ولسلسلة طويلة من الجهات الدولية والاسرائيلية – وليس فقط الصحافيين. وهدفها الايضاح بانه رغم أن بوتين يحاول خلق الانطباع بان الحرب في سوريا انتهت، فان الوضع على الارض بعيد عن أن يكون موحدا او متواصلا، وان امريكا لن تترك الساحة لحسم موسكو لمستقبل نظام الاسد. واضاف المصدر الامريكي رفيع المستوى بان مسيرة جنيف للمحادثات على مستقبل سوريا هي « المسار الوحيد للتقدم ». واوضح بان هذه ستنتهي بانتخابات حرة، يشارك فيها كل اللاجئين السوريين الذين هاجروا من بلادهم.

 

أجدني ملزما بان أقول انه كان من الصعب علي أن اصدق اني اسمع هذه الاقوال، ولكن هذا لم يكن هزلا. فقد صادق الرئيس على هذه السياسة، كما تقول محافل في واشنطن. وهذه لم تؤثر على نحو خاص على الرئيس الروسي، الذي أجرى امس ظهور ضيافة على الارض السورية كالسيد الذي يصل الى عزبته. اذا كان بوتين يلعب لعب العلاقات العامة بالفعل، فانه يقوم بعمل ممتاز.

 

في الايام الاخيرة لم تصدر مرة اخرى بيانات عن التعاون الروسي - الايراني – التركي في محاولة للحديث والقرار في الوضع ما بعد الحرب في سوريا. اضافة الى ذلك، علم أن المصريين يوشكون على التوقيع مع موسكو على اتفاق بقيمة عشرات مليارات الدولارات لشراء مفاعل نووي لانتاج الكهرباء. لقد دعمت مصر من الولايات المتحدة لسنوات طويلة، ولكن قبل اسبوعين نشر أن المصريين وقعوا على عقد مع موسكو يسمح لسلاح الجو الروسي باستخدام مطاراتهم

 

العسكرية. اذا ما حصل شيء كهذا بالفعل، فانه سيمنح روسيا ذراعا استراتيجية الى داخل افريقيا. ويقول مصدر امريكي رفيع المستوى (آخر) هذه الامور: لن يحصل. تحدث معنا عندما ترى طائرة روسية تقلع من مطار مصري عسكري.

 

إذن ما هي الحقيقة؟ هل الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة وتتركها لرحمة الروس، أم أن وسائل الاعلام في الغرب تقع ضحية مناورة روسية ذكية – في الوقت الذي بقي الامريكيون ويواصلون الاستثمار في ذخائرهم الاستراتيجية؟ هذا سؤال كبير ولكن جوابا واحدا لازما: لا يهم ما هي النية الامريكية الداخلية في الشرق الاوسط ملزمة بان تجد لها تعبيرا خارجيا. لا يكفي ان يكون الامريكيون هنا، يجب ان يشعر الناس بهم وبتصميمهم. والتصميم الامريكي لن يقاس باستعراضات كبار المسؤولين الصحفية بل بتصريحات وبافعال واضحة من الرئيس، مثل ذاك الهجوم في سوريا بعد هجمة الغاز الفتاكة التي قام بها الاسد. فقط ترامب يمكنه أن يدعي بحزم القول الامريكي انهم يبقون في المنطقة بقوة.

كلمات دلالية