خبر العدوان على غزة يحمل مخاطر كبيرة ..مصطفى الصواف

الساعة 07:40 ص|23 ديسمبر 2008

علت وتيرة التهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة، أو بمعنى آخر لحركة المقاومة الإسلامية حماس وقادتها، وللمقاومة الفلسطينية بكل أطيافها، وقالها قادة الاحتلال الإسرائيلي إن الهدف هو رأس حماس وكسر شوكتها، وافقت التهديدات الإسرائيلية تصريحات طوني بلير ممثل الرباعية الدولية الذي أقر بأن الحصار فشل في تحقيق المطلوب منه وهو القضاء على حماس أو إضعافها، وقال الحاوي بلير إن في جعبته خططاً سيتبعها في المرحلة القادمة من اجل إضعاف حركة حماس، وهذا كله يدلل على أن هَم عدد كبير من دول المنطقة والاحتلال الإسرائيلي والاتحاد الأوروبي وأمريكا هو القضاء على حركة حماس أو إضعافها، ولكن نذكر كل هؤلاء بحماس، عبر العودة إلى اللقطات التي شاهدوها عبر التلفاز لمهرجان انطلاقة حماس حتى يدركوا أن إرادة حماس هي من إرادة الشعب الفلسطيني، ولا نعتقد أن أحداً لدية القدرة على كسر إرادة الشعب الفلسطيني وهذا يعني أن حماس حركة كسرها أو إضعافها ليس بالأمر الهين.

 

نعود إلى التهديدات الإسرائيلية عقب انتهاء التهدئة التي سرت برعاية مصرية قبل ستة أشهر والتي انتهت نتيجة عدم التزام الجانب الإسرائيلي بشروطها وخرقه لها عشرات المرات، بل أكثر من ذلك مارس جرائم حربه المعهودة وقام باغتيال وقتل أكثر من عشرين من الفلسطينيين خلال فترة التهدئة، وبعد أن رأت الفصائل أن الاستمرار في تهدئة جديدة مع العدو الإسرائيلي أمر غير مجدي، وأن تمديد التهدئة يحتاج إلى التزام العدو بشروطها وهي وقف العدوان ورفع الحصار وفتح المعابر وعلى رأسها معبر رفح وأن تشمل التهدئة الضفة الغربية، وعليه من يريد أن يتدخل من أجل الحديث عن تهدئة جديدة عليه أن يضغط على العدو الإسرائيلي للالتزام بتحقيق تلك المتطلبات.

 

أما التهديدات الإسرائيلية فهي جادة، رغم أنها لم تأت بجديد وهي تكرار للتهديدات السابقة، ولعل المرحلة الحالية التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي من تنافس حاد قد يغري الجانب السياسي الإسرائيلي الحاكم بالمغامرة والقيام بعمليات عسكرية كبيرة في قطاع غزة إلى جانب التركيز على عمليات الاغتيال للمستوى السياسي في حركة حماس كرغبة إسرائيلية وأخذ بتوصيات بعض المسئولين العرب، ظناً منهم أن ذلك يقضي على حماس، من هنا علت وتيرة التهديدات الإسرائيلية.

 

لا يوجد خيارات كثيرة أمام حركة حماس، الأمر الذي يوجب عليها مواجهة العدو الإسرائيلي ومخططاته بما لديها من قوة والتي مهما حاول العدو تضخيمها حتى يبرر وحشية عدوانه ويسوقها أمام الرأي العام الدولي وإن كان ذلك من باب التجميل، وحركة حماس والمقاومة تقول إنها أعدت نفسها للمواجهة المحتملة مع العدو الإسرائيلي وأنها ستعمل على استخدام كافة أسلحتها ومخططاتها في مواجهة العدوان والتصدي له مهما كانت النتائج وقد تستخدم المقاومة أسلحة جديدة وطرق مقاومة مختلفة إضافة إلى العودة إلى العلميات الاستشهادية داخل فلسطين المحتلة عام 48(إسرائيل) كتلك التي شهدتها شوارع مدن تل أبيب ونتانيا والقدس وكفار سابا وغيرها.

 

وهنا أود أن ألفت الانتباه، أن أي اجتياح لقطاع غزة لن يوقف الأمر عند حدود القطاع، بل سيصل إلى المنطقة العربية بشكل أوسع وأكبر وأعنف، وهذا الاجتياح سيهدد عواصم الرباعية العربية وقد يؤدي إلى سقوط أنظمة الرباعية العربية تباعا أمام التيارات الجارفة الشعبية والسياسية وعندها ستفتح (إسرائيل) على نفسها باب جهنم، وعلى دول الطوق المناصرة لها والتي تشجعها على القيام بمثل هذا العمل من أجل التخلص من حركة حماس التي باتت تؤرق النظام العربي الرسمي وخاصة دول الرباعية العربية المرتبطة سياسياً بمنظومة الرباعية الدولية والنظام الأمريكي وأصحاب نظرية التطبيع مع العدو وإنهاء القضية الفلسطينية على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية خاصة أن هناك جزءاً من القيادات المحسوبة على الشعب الفلسطيني لديها نفس التوجه وعليه يستند النظام العربي بل وأكد على ضرورة بقائه لأنه يخدم ما يسعى إليه رغم أن البقاء يخالف القانون والدستور والأمر ليس من صلاحيات النظام العربي وفيه تجاوز لإرادة الشعب الفلسطيني وتدخل سافر في شأن من شئونه الداخلية والتي تمس سيادته.

 

ونعتقد أن (إسرائيل) إذا أرادت تنفيذ عملية عسكرية على قطاع غزة فإنها ستنفذ هذه العملية قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش وقدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، ليس لأن الإدارة الأمريكية صاحبة توجه مختلف عن الإدارة السابقة ، ولكن قد تكون بحاجة إلى شيء من الهدوء في المنطقة لترتيب أوراقها، وعملية عسكرية في القطاع مع تبعياتها الإقليمية قد لا تكون مريحة للإدارة الجديدة.

 

إضافة إلى ذلك، الحسابات الإسرائيلية لعملية اجتياح شامل لقطاع غزة، والتي قد تصل إلى مقتل المئات من الجنود الإسرائيليين، إلى جانب المجازر التي سترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين لأن معارك القطاع ستكون من شارع إلى شارع وقطاع غزة معروف بأنه أكثر مناطق العالم ازدحاما بالسكان، بمعنى أن كل سنتيمتر فيه يقع عليه مسكن أو أكثر، مما يعطي مؤشرات بأن آلاف من المواطنين سيكونون ضحية لهذا العدوان.

 

وعليه نخلص إلى نتيجة مفادها إن كان هناك عدوان إسرائيلي فلن يتجاوز العمليات المناطقية المحدودة ولن يكون هناك اجتياح شامل للقطاع إلى جانب عمليات الاغتيال لكل المستويات العليا السياسية والعسكرية والميدانية وذلك حرصاً على العناصر الثلاثة السابقة وليس خوفا من حجم الخسائر وعدد الشهداء في صفوف المدنيين.

 

ولكن هذا لا يعني أن لا تقوم (إسرائيل) بعدوان شامل في لحظة من اللحظات، فالأمر وارد خاصة أن موضوع الانتخابات واحتمالات الفوز والخسارة مسألة ليست بسيطة بالنسبة للقيادات الإسرائيلية إلى جانب العقلية الدموية والإرهابية الحاكمة أو المنتظر أن تكون حاكمة.

 

غزة في حالة تأهب وتنتظر ما سيقدم عليه العدو، غزة تقف إلى جانب حماس هذا واضح، وتقف إلى جانب المقاومة، من يعيش في غزة لا يحتاج إلى كثير من الأدلة على ذلك، رغم أن هناك من يعمل على التشكيك بحقيقة المكانة التي تتمتع بها حركة حماس التي مازالت خيار الشعب الفلسطيني وحامية مصالحه وثوابته.