خبر القدس لنا... خالد صادق

الساعة 06:40 ص|07 ديسمبر 2017

بقلم

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني, ونوه انه سيشرع بخطوات لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة, هذا القرار فيه تحدٍ كبير للسلطة الفلسطينية والعالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي, لأن في هذا القرار خروجاً عن قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة, وبما ان ترامب رجل المغامرات والمقامر الأبرز بالسياسة الأمريكية, فانه لم يلق بالا لكل محاولات التدخل لإثنائه عن المضي بهذا القرار الجائر, ويبدو ان ترامب يحاول الهروب من حبل الفساد الذي يلتف حول رقبته, والهجوم الإعلامي الشرس الذي يتعرض له داخليا, بلفت الأنظار وحرفها نحو قراره باعتبار القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني, وهو بذلك يتجاوز محاذير كل من سبقوه من الزعماء الأمريكان, فمنذ 1995م كان هناك قرار بنقل السفارة الأمريكية للقدس, وحملات الرؤساء الأمريكان كانت قائمة على وعود انتخابية بنقل السفارة من تل أبيب للقدس, لكنها بقيت مجرد وعود دون ان ترقى لخطوات عملية نظرا لخطورة القرار, لكن ترامب قدم هدية لإسرائيل لم تتلق مثيلا لها منذ سبعين عاما حسب رئيس الكيان ريفلين.

الرئيس الأمريكي تحدث لعدد من الرؤساء العرب بمن فيهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن فحوى القرار, وهناك تفاوت في ردات الفعل الرسمية, ويقينا ان معارضة هذا القرار لن تتخطى عبارات الشجب والاستنكار والاستجداء من البعض, رغم ان هذا القرار يفوق في خطورته « وعد بلفور » المشؤوم, فوعد بلفور منح بموجبه من لا يملك وطنا لمن لا يستحق, ووعد ترامب منح بموجبه من لا يملك عاصمة لمن يغتصب الأرض وينتهك حرمة المقدسات.

لم يكن رد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على مستوى الحدث حيث اكتفى بالقول أن إعلان ترامب يمثل انسحابا لواشنطن من رعاية « عملية السلام », وسيقوم بدعوة الأطر الفلسطينية لمتابعة التطورات, وليس هناك أية آمال لمواقف عربية وإسلامية على قدر الحدث.

إن هذا الفشل الذريع لمسيرة التسوية, يعيدنا مجددا لمبادرة النقاط العشر التي طرحها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح, والتي دعت للتحلل من اتفاقية أوسلو, وإعلان منظمة التحرير الفلسطينية سحب الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني, واعتبار المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني مرحلة تحرر وطني, والاتفاق على برنامج وطني لتعزيز صمود وثبات الشعب الفلسطيني على أرضه, إذا كانت السلطة الفلسطينية جادة في مواجهتها للمخطط الصهيوامريكي, فعليها ان تتبنى مبادرة النقاط العشر, فهي الكفيلة بفك القيود عن السلطة الفلسطينية, والتحلل من التزامها في مسيرة التسوية, عليها ان تدعم انتفاضة القدس المباركة, وترفع يدها عن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية, وتفعل جناحها العسكري كتائب شهداء الأقصى, وتعدد من خياراتها في مواجهة الاحتلال الصهيوني, وان تستند إلى شعبها ومقاومتها التي تمثل الحصن الحصين لكل حقوقنا الفلسطينية, فالشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة لا يمكن ان تصمت أمام جرائم الاحتلال والإدارة الأمريكية في القدس, لأن هذا يمثل تجاوزاً  لكل الخطوط الحمراء لا يمكن قبوله.   

لقد توحد الموقف الفلسطيني لمواجهة الأخطار المحدقة بالقدس, فهذا هو الوقت الأنسب لانجاز المصالحة الفلسطينية, والتوافق على برنامج وطني يلتف حوله الجميع, بعد التقاء الموقف السياسي الرسمي بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة, يجب استغلال هذا الحدث لتوحيد الموقف الفلسطيني, فما عجزت عنه أروقة الفنادق وطاولة المفاوضات, يمكن ان تحققه القدس بما لها من حضور وقدسية في الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي, ويقينا لو توحدت المواقف وشاركت السلطة في مواجهة المخطط الصهيوامريكي, فان انتفاضة القدس ستشتعل, وستفجر براكين تحت أقدام الاحتلال, وهذا ما يخشاه نتنياهو وحكومته, لذلك رفعت حكومة الاحتلال حالة التأهب القصوى, ونشرت عناصرها الأمنية في القدس ومحيطها, والإدارة الأمريكية طالبت رعاياها في دول العالم باتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر, ما يوحى ان أميركا و»إسرائيل» تتوقعان ردات فعل متصاعدة تجاه هذا القرار الجائر, ليس داخل فلسطين المحتلة فقط, بل على المستوى العربي والإسلامي, فالقدس مفجرة الثورات وكاشفة العورات, وهذا اختبار حقيقي للأمة حول أقدس مقدساتها, فكونوا على قدر المسؤولية, ودافعوا عن مقدساتكم وزلزلوا أركان هذا الكيان المسخ, الذي ترعبه تحركات الشعوب واهتفوا بصوت واحد القدس لنا.

كلمات دلالية