خبر مساع عربية ودولية لإقناع إسرائيل والفصائل الفلسطينية بالتهدئة

الساعة 04:48 ص|23 ديسمبر 2008

فلسطين اليوم: الشرق الاوسط

في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات الإسرائيلية بشن حملة عسكرية على قطاع غزة تبذل أطراف أوروبية وعربية إضافة الى مصر جهوداً في آخر لحظة لإقناع الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بالعودة للعمل باتفاق التهدئة. وذكر مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود لم تسفر عن أي نتيجة حتى الآن، مستدركا أنها متواصلة من أجل العودة للعمل بالاتفاق السابق الذي رعته مصر.

 

وأشار المصدر الى أن التحرك المصري لإقناع الأطراف بالعودة للاتفاق كان بطيئاً، مشيرا الى شخصيات من فلسطينيي 1948 تشارك في الجهود. وقالت مصادر في تل أبيب إن مصر تضغط بقوة على اسرائيل من اجل «ضبط النفس» لمدة أسبوعين آخرين، حتى تتمكن من التوصل لاتفاق تهدئة جديد. وتضغط الادارة الاميركية ايضا على اسرائيل لقبول العرض المصري، واعطاء الرئيس مبارك فرصة لاعادة الهدوء للمنطقة، ووافقت اسرائيل. ويأتي هذا التطور في عقب إعلان حركة حماس عن وقف اطلاق النار ليوم واحد بناء على طلب الحكومة المصرية. وهو طلب رفضته حركة الجهاد الإسلامي.

 

وقال أيمن طه، القيادي في حماس، إن الفصائل ستدرس تمديد العمل بالتهدئة في حال استجابت تل أبيب لشروطها التي تتضمن رفع كلي للحصار عن غزة، ووقف كل العمليات الاسرائيلية في القطاع. ونفى طه في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الموافقة الفلسطينية على العرض المصري تعبر عن الشعور بالخوف من التهديدات الإسرائيلية بشن عدوان واسع على القطاع، مشدداً على أن المقاومة ستعرف كيف تدافع عن نفسها وعن شعبها في حال «ارتكبت إسرائيل اياً من حماقاتها».

 

وقال نافذ عزام، احد ابرز قياديي الجهاد، لـ«الشرق الاوسط»: «لا توجد لدينا أي معلومات حول هذه الاتفاق». واضاف «لم يطرح علينا أي طرف هذا الموضوع أو يتصل بنا لنقاش هذه المسألة». وأوضح ان حركته ما زالت على موقفها من التهدئة، وهو انها «انتهت بفعل الاحتلال طالما لم يلتزم، ولسنا البادئين بالنار ونحن جزء من شعبنا وسندافع عنه».

 

من ناحية ثانية هددت كتائب القسام ـ الجناح العسكري لحماس، وسرايا القدس ـ الجناح العسكري للجهاد، باستئناف العمليات التفجيرية في عمق إسرائيل رداً على أي عدوان على غزة. وقال ابو عبيدة الناطق بلسان كتائب القسام إن من بين البدائل المطروحة أمام المقاومة استئناف العمليات التفجيرية في عمق إسرائيل. وتوقع ابو عبيدة أن تلجأ إسرائيل الى شن عمليات اغتيال في صف قادة وعناصر المقاومة، مستبعداً في الوقت ذاته لجوءها الى عملية عسكرية واسعة.

 

أما أبو احمد الناطق بلسان سرايا القدس فأكد أن عناصرهم في الضفة الغربية ينتظرون الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات في عمق إسرائيل، محذراً من أن هذه الأوامر لن تتأخر في حال اقدمت إسرائيل على تنفيذ تهديداتها بالاعتداء على غزة. الى ذلك يعيش اهل القطاع أجواء الحرب التي يرون أنها باتت قاب قوسين أو أدنى في ظل التهديدات الإسرائيلية.

 

فقد شرعت الأذرع العسكرية للفصائل المختلفة باحتياطات أمنية واضحة تمثلت في اخلاء الكثير من مواقع التدريب، ومصادر تعليمات من قيادات الأجنحة العسكرية لتقليص تنقلات القيادات والكوادر في السيارات خوفاً من استهدافها من قبل طائرات الاستطلاع بدون طيار التي أصبحت في الآونة الأخيرة لا تفارق أجواء القطاع، علما بأن الجيش الإسرائيلي ومنذ عدة سنوات يعتمد على هذه الطائرات في تنفيذ معظم عمليات الاغتيال.

 

وكثفت حركات المقاومة من مواقعها على مداخل البلدات والمدن ومخيمات اللاجئين، وتحديداً التي على تقع بمحاذاة خطوط التماس. وشوهد عناصر المقاومة وهم يقومون باتخاذ مواقع لهم في الحقول الزراعية القريبة لمنع محاولات الوحدات الإسرائيلية الخاصة التسلل الى داخل التجمعات السكانية وتنفيذ عمليات اغتيال.

 

الى ذلك قال الجيش الإسرائيلي إن طائرات هليكوبتر تابعة له كانت تقوم بمهاجمة مطلقي الصواريخ في حي الشجاعية شرق غزة، تعرضت الليلة قبل الماضية لإطلاق نار من قبل مقاومين فلسطينيين أثناء تحليقها في شمال القطاع. وفي تصريحات نادرة قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، غابي اشكنازي، أن هدف العمل العسكري في غزة سيكون حماس. وفي تصريحات للإذاعة الإسرائيلية قال اشكنازي الذي لم يجر أي مقابلة صحافية منذ توليه منصبه «يتوجب علينا معالجة مشكلة حماس»، رافضاَ الخوض في التفاصيل العملياتية المتعلقة بالعمل العسكري المرتقب، مشيراً الى أن الجيش سينفذ أي تعليمات تصدرها الحكومة الإسرائيلية. لكن اشكنازي،اعتبر ان احدى العقبات التي تعيق العملية العسكرية هي حياة الجندي الأسير جلعاد شليط.

 

غير انه استطرد قائلا «نحن مسؤولون كذلك عن حياة آلاف الجنود الآخرين غيره، واننا لا نستطيع في اسرائيل ان نقبل بالوضع القائم ولا بد ان تتحرك اسرائيل».

من ناحيته قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك خلال لقاء حزبي ضم قادة ونواب الحزب في الكنيست «ليس لدينا أي نية لتقبل الوضع الآخذ بالتطور في غزة، أي قبول استمرار إطلاق الصواريخ على البلدات المحيطة بغزة. إسرائيل تقدمت بشكوى للأمم المتحدة، ولن نتردد في اتخاذ خطوات عسكرية». وأوضح أنه أصدر تعليمات «بالإعداد لكل ما يمكن أن تعنيه التصريحات، بأننا لا يمكننا قبول إطلاق النار»، مشيرا الى أن المؤسسة الأمنية ستحدد «المكان والموعد وطريقة العمل». وواصلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي لفني، اتصالاتها لضمان شرعية عربية ودولية لحملة عسكرية. وبحسب الإذاعة الإسرائيلية اجرت لفني الليلة قبل الماضية اتصالاًَ مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أبلغته فيه أن إسرائيل ملزمة بالرد على اطلاق الصواريخ، زاعمة أن الوضع في غزة آخذ بالتدهور وإسرائيل لا يمكنها أن تقف موقف اللامبالاة. ودشنت لفي هيئة خاصة في وزارة الخارجية تعنى بالانطلاق في حملة دبلوماسية ودعائية لضمان حصول إسرائيل على دعم دولي في حملتها المرتقبة على غزة. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن سفراء إسرائيل تلقوا تعليمات واضحة بإجراء اتصالات مع حكومات الدول التي يخدمون فيها لشرح موقف اسرائيل وإقناع هذه الحكومات بشرعية العمل العسكري. دعت رئيسة الكنيست الإسرائيلي، داليا ايتسك، الى إن يكون الهدف الاستراتيجي لإسرائيل خلال حملتها العسكرية القادمة، سحق قيادة حماس في غزة. وقالت ايتسيك «لا ينبغي إعادة احتلال القطاع وإنما تنفيذ عمليات محددة ضد حماس ستعيد لإسرائيل قدرتها على الردع». وشددت ايتسيك التي حصلت على أكثر الأصوات في انتخابات حزب «كديما» التمهيدية مؤخراً أن ما سمته بـ«سياسة ضبط النفس التي اتبعتها إسرائيل انتهى مفعولها ويجب العمل من الآن فصاعداً على منع إطلاق القذائف الصاروخية ضد إسرائيل ومنع تعاظم قوة حماس».