نقل السفارة يسجل فشلاً لمسار التفاوض

خبر ما هي تداعيات ومخاطر نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس؟

الساعة 05:05 م|04 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

أثارت التلميحات الامريكية بنية ترامب نقل السفارة الإسرائيلية من تل أبيب إلى القدس المحتلة والاعتراف بالمدينة كعاصمة رسمية لـ"إسرائيل"، حالة من الاستنكار والاستياء الشديد لدى الفلسطينيين وبعض الدول العربية والإقليمية، خاصة بالتزامن مع كشف صحيفة أمريكية تسريباً لاقتراح قدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس "إختيار بلدة أبو ديس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية بدلاً من القدس".

محللان مختصان في الشأن الفلسطيني حذروا من خطورة نقل السفارة الإسرائيلية من تل أبيب إلى القدس المحتلة والاعتراف بالمدينة كعاصمة رسمية لـ"إسرائيل" واستخدام التلويح لابتزاز مواقف من السلطة الفلسطينية، معتبرين أن التلويح والقرار يأتي في سياق الدعم المتواصل من قبل الولايات المتحدة الامريكية منذ تأسيسها.

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، يرى أن القرار الأمريكي لا يمكن قراءاته بعيداً عن الدعم الأمريكي المتواصل للكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن نقل السفارة إلى القدس واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل يخالف القرارات الدولية التي تعتبر القدس جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

عوكل: الخطوة الامريكية الاستراتيجية تقطع الطريق تماماً أمام كل محاولة أمريكية أو غير أمريكية في استئناف عملية التسوية

وقال عوكل: "ليس جديداً على الإدارة الأمريكية الوقوف إلى جانب "إسرائيل"، وهي التي تقف إلى جانبها في جميع المحافل وعلى جميع الصعيد والمستويات (..) القرار الأمريكي يكشف الجوهر الحقيقي للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وفلسطين، وهو موقف غير مستغرب من الإدارة التي تدعم إسرائيل منذ النشأة.

وأشار عوكل إلى أن الخطوة الامريكية الاستراتيجية تقطع الطريق تماماً أمام كل محاولة أمريكية أو غير أمريكية في استئناف عملية التسوية وتقوض أي مسعى للوصول إلى تسوية سياسية في المنطقة، مرجحاً أن تكون الخطوة ضمن رؤية معينة سيطرحها الطرف الأمريكي عندما يحين موعد المفاوضات.

ولفت عوكل إلى أن الولايات المتحدة بهذا القرار تحكم على نفسها بـ"الفشل"، انطلاقاً من "أنها لا تملك حلاً مقبولاً ومعقولاً للقضية الفلسطينية، موضحاً "أنه في حال تم تأجيل قرار النقل فإن ذلك سيأتي في سياق عدم قطع الطريق أمام ملف التسوية".

وأكد عوكل أن القرار يأتي في سياق الأساليب الابتزازية التي يتبعها الطرف الأمريكي ومواصلته في إخضاع الفلسطينيين بالقبول بأي حل من الحلول التي تطرحه الإدارة الامريكية.

ودعا عوكل الفلسطينيين إلى التصدي للقرار الأمريكي و"صفقة القرن" -من المتوقع أن يتم طرح الرؤية الامريكية قريباً- من خلال إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام وبناء رؤية استراتيجية موحدة للتصدي للاحتلال.

وأكد عوكل أن المحاولات الفلسطينية والعربية والدولية الجارية لإحباط القرار لا تكفي لوقف التوجه الامريكي، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في منهج التفكير السياسي وعدم المراهنة على الدور الأمريكي، مع ضرورة التحضير الجيد لمرحلة الصراع المفتوح مع الاحتلال.

المحلل السياسي هاني المصري اتفق مع سابقه في خطورة القرار الأمريكي على القضية الفلسطينية، خاصة إذا ما تم استخدام القرار كورقة ابتزاز ضد الفلسطينيين لصالح "إسرائيل".

وقال المصري اعتقد ان الإدارة الأمريكية ستعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل عاجلاً أم آجلاً، الأمر الذي يتطلب البحث عن مسار جديد يبتعد عن المسار الأمريكي وتغيير موازين القوى والرجوع إلى الوحدة العربية والتحرر الانساني.

المصري: مطلوب من  السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير إلى ضرورة تقويم المسار السياسي الذي أثبت فشله أمام السياسيات الأمريكية والإسرائيلية

وقال المصري :"كفلسطينيين علينا أن نبحث عن ردٍ بمستوى الخطر المحتمل المتمثل بانتقال الولايات المتحدة من الدعم التقليدية المعروف لإسرائيل إلى الدعم العالمي للسياسة الإسرائيلية المتوحشة، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة تمارس الدعم الأكثر تطرفاً في التاريخ في علاقتها مع اسرائيل".

وأبدى المصري خشيته من أن تأجيل قرار نقل السفارة إلى القدس او الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل قد يكون في مقابله ثمن سياسي كبير يضر بالقضية الفلسطينية.

ودعا المصري السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير إلى ضرورة تقويم المسار السياسي الذي أثبت فشله أمام السياسيات الأمريكية والإسرائيلية، مؤكداً أن "الدبلوماسية الفلسطينية أثبتت فشلها أمام الإدارة الامريكية والإسرائيلية بالحصول على أي منجز".

كما، ودعا المصري إلى أن يكون الرد الفلسطيني على قرار النقل بإعلان الولايات المتحدة طرفاً غير نزيه لتسوية الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن تبحث القيادة الفلسطينية عن وسيط وراعي جديد لعملية التسوية يتمتع بنزاهة كبيرة ويقف على مسافة متساوية من الجانبين، مطالباً بضرورة رفع دعاوى قضائية ضد الولايات المتحدة لمخالفتها الاتفاقيات المتعلقة بالقدس والقضية الفلسطينية.

وذكر أن الشعب الفلسطيني جاهز للتصدي لقرار نقل السفارة الامريكية واعتراف الولايات المتحدة بالمدينة عاصمة لإسرائيل، متسائلاً هل القيادة ومنظمة التحرير جاهزة لقيادة الشعب الفلسطيني ومواجهة القرارات الجائرة والصمود امام التحديات التي تحدق بالقضية والعدول عن المسار السياسي؟!

وأشار إلى ان منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لديها أوراق قوية لتلعب بها، غير أنه عاد وتساءل مجدداً، هل السلطة لديها الرغبة والاستطاعة في استغلال تلك الأوراق واستثمارها بما يخدم القضية الفلسطينية؟!

يذكر ان معظم الرؤساء الامريكيين قدموا وعودات لـ"إسرائيل" بنقل السفارة الى القدس لكن التأجيل كان يجري في كل مرة تحسبا من ردود الفعل على القرار وسط مخاوف حقيقية من تغيير في السياسة الامريكية في عهد الرئيس ترامب.

 

كلمات دلالية