خبر « خيارات عباس » في مواجهة القرار الأمريكي!

الساعة 10:12 ص|03 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

حسن عصفور

 سنفترض ان قرار إدارة ترامب بخصوص اعتبار القدس عاصمة « أبدية » لدولة الكيان، ونقل سفارة واشنطن اليها، شكل « مفاجأة كبرى » للرئيس محمود عباس وفريقه الخاص، وانهم لم يقرأوا ذلك صراحة خلال حملته الانتخابية، وانهم لم يعلموا عن القيود التي فرضتها أمريكا لاستمرار عمل مكتب منظمة التحرير، ويجهلون كليا ما يدور من تخطيط أمريكي لصناعة « الصفقة الإقليمية الكبرى »، وألان ها هو وفريقه باتوا على علم بكل ذلك، فماذا فعل ردا على ذلك، أو في مواجهة ذلك..

متابعة لتطورات « المشهد السياسي »، نجد أن يوم أمس 2 ديسمبر 2017، استخدم الرئيس عباس ديبلوماسية « الهاتف المحمول »، لأول مرة منذ زمن بعيد، وربما اصابته « غيرة خاصة » مما فعله اسماعيل هنية قائد حماس باستخدام تلك « التقنية »، وأجرى مكالمات مع عديد من قادة العرب والعالم، ووفقا لما نقله الناطق باسم الرئاسة، فقد اعلن عباس ان « نقل السفارة واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل »، سيدمر عملية السلام، فيما سمح لبعض من فريقه أن يضيف، وانها ستخلق فوضى في المنطقة..

لنعتبر أن حركة الرئيس الهاتفية عملا جيدا وله تقديره، لكن هل يمكن اعتباره ردا سياسيا يمكن ان يربك أمريكا مثلا، افتراضا أن عملية النقل والاعتراف قادمة، بالتأكيد، هو يعلم جيدا جدا أنها لن تؤثر شيئا على القرار الأمريكي، لو كان فعلا هناك قرار سيتم اتخاذه، وليس محاولة أمريكية لابتزاز سياسي من أجل تسهيل تمرير الصفقة الكبرى..

لكي نقول أن هناك حملة سياسية فلسطينية، ترمي الى مواجهة الخطر الحقيقي (الصفقة الكبرى) وليس الفرعي نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، يجب وضع رؤية حقيقة امام الحركة الوطنية بكل مكوناتها، فالأجدر بالرئيس عباس ان يبادر أولا، او بالتوزاي الى إجراء حركة اتصالات فورية مع قادة الفصائل جميعا، ويدعو الى عقد لقاء طارئ تحت اي مسمى يختاره، « قيادة فلسطينية »، « إطار قيادي مؤقت »، أو يما يحلو له تسميته، فتلك ليست القضية، لقاء وطني من أجل دراسة السبل الكفيلة بالمواجهة الشاملة لإفشال الصفقة الكبرى، ومنها مسألة القدس، سفارة واعترافا..

ومن أجل ذلك، يعلن الرئيس عباس انه سيقدم « تنازلا جوهريا » للشعب من أجل مواجهة عدو الشعب، لفكفكة العقد أمام المصالحة الوطنية، ولتتوقف فورا « الحركة الفتحاوية للتمكين الحكومي »، ويتم العمل بتنسيق مؤقت، مع حل فوري مؤقت لقضية الموظفين بشقيها، ما قبل 2007 وما بعده، وأن تعمل أجهزة الأمن في قطاع غزة بأمرة قادة الأمن في السلطة الى حين إعادة ترميم تلك الأجهزة حسب المصلحة الوطنية العليا، وقبل ذلك كله تلغى الإجراءات العقابية كافة ضد قطاع غزة، العامة والهاصة واعادة رواتب كل من قعت رواتبهم..« تنازلات » من أجل فلسطين.. لو كان للحق الوطني حقا في عقل عباس!

لو كان الهدف حقا مواجهة « المؤامرة الكبرى »، من هنا تكون البداية الحقيقة - الجادة، ويترافق معها بالتوازي تشكيل « قيادة مؤقتة » للحركة الشعبية التي يجب أن تصاحب كل فعل سياسي، تعيد الاعتبار للحضور الجماهيري ضد العدو القومي في الضفة والقدس وقطاع غزة.. حركة شعبية بعيدا عن أي مظهر « مسلح »، كي لا يستخدم ذلك « ذريعة »، وإطلاق أوسع حركة شعبية سلمية منذ الانتفاضة الوطنية الكبرى عام 1987، التي تطل ذكراها الثلاثين بعد أيام قليلة..

خيار المواجهة هو الخيار الأهم والوحيد فعلا لحصار ما يتم إعداده، مترافقا مع « الروح العرفاتية » التي جسدها الخالد عشية حصاره الشهير كمقدمة لاغتياله، بفعل فاعل معلوم صفة ومسمى، يوم أن قالها « شهيدا شهيداً شهيداً »، بالمعنى الكفاحي..

دون ذلك، تكون الخيارات، حركة مظهرية - مسرحية، ذات بعد كلامي لا تترافق بأي فعل كفاحي، أو ترتيبات لتعزيز الروح النضالية، أو ترتيب العلاقات الوطنية، ضمن « تفاهمات » مع الأمريكان حول « تصعيد كلامي » يؤدي الى قيام الإدارة الأمريكية بإعلان ان الرئيس ترامب قرر تأجيل نقل السفارة، ولن يوقع المرسوم الخاص بذلك، كما ان الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل مرهون بالوصول الى تسوية سياسية للصراع.. ليخرج بعدها فريق الرئيس عباس ليتحدث عن « النصر العظيم » الذي تحقق، بفضل « حكمة الرئيس وقوة هاتفه المحمول ».. وتبدأ بعدها رحلة البحث عن كيفية تمرير « الصفقة الكبرى »..

التاريخ هو المعلم، وما يحدث دون أي إجراءات وطنية حقيقية ليس سوى « مسرحية سياسية » سيئة الإخراج.. والأيام قصيرة جدا ستكشف مدى هزالة الممثلين والمخرج..

المواجهات تحتاج وحدة والتفاف شعب وتجسيد حركة كفاحية كي يحسب حساب من يهدد، غيرها ابحثوا عن مسلة تخيطون بها غير هذه يا هؤلاء"!

ملاحظة: عندما يقول فريق الرئيس عباس أن اجراء نقل السفارة الى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل سيدمر عملية السلام..شو يعني واصلا وينها هاي العملية وشو ممكن تتأثر أمريكا بالحكي.. المسخرة سمة للعهد العباسي!

تنويه خاص: حماس تنتقل الى حركة تصعيد سياسي ضد حكومة عباس وتطالبها بالاستقالة لو لم تلبي ..ونقابة موظفي حماس تعلن لا عودة لموظفي السلطة قبل حل مشكلتهم.. شكلها حماس استقوت بغربة فتح عن الفصائل بعد هرطقات أحمدية!

كلمات دلالية