خبر سياسيون يطالبون باراك بالخروج في حملة في غزة فورا..هآرتس

الساعة 02:43 م|22 ديسمبر 2008

بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف

القيادة الاسرائيلية غيرت ذوقها. صليات الصواريخ، التي تسقط دون انقطاع في بلدات غلاف غزة (وبقوة اكبر منذ انتهاء التهدئة الرسمي يوم الجمعة الماضي) احدثت تغييرا في الخط الرسمي لاسرائيل. ليس "الهدوء مقابل الهدوء" بعد الان، بل تهديدات علنية. فها هي بعد لحظة، على ان تتبدد الغيوم من فوق غزة وبيت لاهيا، حتى تظهر لنا في افضل حالها، كما صاغ الامر بطريقة لا تنسى شاؤول موفاز، "قوة وعظمة الجيش الاسرائيلي".

 

قرار اسرائيل بالرد على نار القسام اتخذ في مشاورات اجريت في الاونة الاخيرة في الثلاثي اولمرت – لفني – باراك. توقيت الرد، تقرر كما تقرر، سيكون منوطا بالشروط العملياتية. بتعبير آخر: سلاح الجو سيدخل الى العمل. في الجيش الاسرائيلي وفي المخابرات يفترضون بان تشديد النشاط الجوي سيرد عليه بصليات ثقيلة من الصواريخ من جانب حماس، بما في ذلك نحو اهداف بعيدة عن القطاع. وفي السياق تحتمل ايضا عملية برية من جانب الجيش الاسرائيلي.

 

اما عمليا، على الارض، فلم تصدر بعد التعليمات الهجومية للقوات على حدود القطاع. وبالمقابل، جرى تعزيز الاستعداد الدفاعي وحسنت انظمة الانذار حتى في البلدات التي توجد على مدى 30 – 40كم من القطاع. هذا هو المدى الذي تحدث عنه امس رئيس المخابرات يوفال ديسكن في جلسة الحكومة، عندما حذر من أن حماس قادرة على أن تطلق الصواريخ الى مشارف بئر السبع. وامس اطلق من القطاع اكثر من 15 صاروخا واصيب عامل اجنبي بجراح طفيفة في بلدة جنوبي عسقلان. وفي سديروت اصاب صاروخ اصابة مباشرة بيتا، ولكن احدا لم يصب بأذى. في المدارس في المدينة حظر على التلاميذ الخروج الى الساحة في الفرصة.

 

تحذير ديسكن كما قيل، "اذهل" بعضا من الوزراء، مع أن وسائل الاعلام تبلغ منذ عدة اسابيع بزيادة مدى الصواريخ. يدور الحديث عن كاتيوشا محسنة جرى تهريبا مؤخرا الى القطاع. وقال ديسكن للوزراء ان حماس معنية بالمواجهة لزمن محدود مع اسرائيل، كي تفرض تهدئة متجددة بشروط اكثر راحة من ناحيتها. وفي هذه الاثناء، في القطاع، نزل الكثير من قادة حماس تحت الارض خشية الاغتيال الاسرائيلي. رئيس وزراء حماس اسماعيل هنية بالذات ظهر على الملأ لاستعراض التصميم.

 

في بداية جلسة الحكومة في القدس المحتلة اعلن ايهود اولمرت بان "حكومة مسؤولة لا تسارع الى المعركة ولا تتملص منها". الانتخابات المقتربة شددت تبادل الاتهامات في الجلسة. وزير الحرب ايهود باراك دعا اولمرت الى "كبح جماح الثرثرة عديمة المسؤولية" من جانب بعض الوزراء، وهو يقصد وزيري كديما، تسيبي لفني وحاييم رامون.

 

اولمرت وباراك يعملان الان انطلاقا من اضطرار مزدوج: في ضوء الانتقاد السياسي من الداخل وحيال الحرب النفسية التي تديرها حماس. واضح للجميع ان الحكومة لا يمكنها ان تجلس لزمن طويل مكتوفة اليدين في ضوء نار بهذا الحجم على البلدات. وحتى لعدد الضربات التي يبدي باراك استعداده لتلقيها يوجد على ما يبدو حدود. اولمرت وان كان نجح حتى الان في أن يحمل ببراعة كل شحنة التهمة على كتفي باراك الا أنه لا يزال هو رئيس الوزراء الذي له المسؤولية عما يجري، حتى في نطاق حكمه البعيد.

 

حيال حماس، يبدو أن القيادة العليا بدات تستوعب ثمن خطأها في الاسابيع الاخيرة. فالايضاح الاسرائيلي، في كل مناسبة، بان وجهتنا نحو السلام وانه لا  توجد أي نية لاعادة احتلال القطاع، لم يفوتوه في غزة. فحماس استخلصت منه انها حرة في ان تضرب النقب كلما ارادت، لان اسرائيل تخشى من التورط. اما الان، بتأخير واضح، فانهم يغيرون النبرة. التسريبات من القدس أمس اعتقدت بان "القرار اتخذ" في شأن رد عسكري واسع بل وعملية برية كبيرة واردة ايضا.

 

ومع ذلك، توجد مساحة واسعة بين الوضع الذي يفكرون فيه بعملية وبين القرار بالشروع فيها. في هذه المرحلة، اسرائيل ستفضل على ما يبدو امكانيات اخرى. بداية، يدخل سلاح الجو الى العمل. ليس فقط لضرب خلايا ومنصات صاروخية، بل في محاولة لاحباط سلسلة انتاج الصواريخ: المنتجين، الموردين، قادة واعضاء خلايا اطلاق الصواريخ. بنك الاهداف الاسرائيلي كفيل بان يتضمن ايضا قواعد حماس، مكاتب وفي حالة تصعيد آخر اغتيال لكبار مسؤولي المنظمة.

 

على جدول الاعمال تقف ايضا خطوات برية. وهنا اساس الصعوبة: كيف نهدىء حماس ونعود الى نظام التفاهمات الذي ساد في بداية التهدئة، بين حزيران وتشرين الاول، دون التورط بقتال شامل، يبدأ بنار صاروخية نحو اسدود وبئر السبع وينتهي بعودة المدرعات الاسرائيلية. سلسلة القرارات الاسرائيلية – فك الارتباط في صيف 2005، الموافقة على الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في كانون الثاني 2006 (التي فازت فيها حماس) و "التهدئة" في حزيران الماضي – ادت الى المعضلة الحالية. اسرائيل مطالبة بان تحسم بين امكانيات سيئة.

 

النقطة التي هدرت في وسائل الاعلام في الايام الاخيرة هي ان حماس تكاد لا تكون تطلق الان الصواريخ. معظم النار يتم من خلايا الجهاد الاسلامي وفصائل اصغر كفت حماس عن محاولة كبح جماحها. اذا ما انتقلت حماس الى المشاركة الفاعلة، فيحتمل ايضا اطلاق مائة صاروخ في اليوم بدل عشرين.

 

في هذه الاثناء، تبقي حماس مدخلا للحوار. امس اشتكى اثنان من الناطقين بلسان المنظمة في القطاع بان مصر لم تطلب بعد البحث على الاطلاق في تمديد وقف النار. يبدو أن المصريين لا يسارعون الى الوساطة بين حماس واسرائيل، ربما انطلاقا من الامل بان نزف دماء حماس سيدفع المنظمة الى اعادة النظر ايضا في خطها الوقح الذي تتخذه ضد القاهرة ايضا.

 

كما ان جملة الامكانيات التي تقف امامها حماس ليست لامعة. تصعيد النار سيضع زعمائها على بؤرة استهداف الاغتيال الاسرائيلي. صحيح أن حماس ستتخذ في العالم العربي صورة منظمة "المقاومة" على نمط حزب الله، ولكن حكومتها لن تكون قادرة على اداء مهامها. اختيار استئناف وقف النار، دون تحسين لشروطه، سيلحق ضررا بها ويعرضها كمن استسلمت لليهود. في جهاز الامن الاسرائيلي يتمسكون بفرضية ان هنية ورجاله لا يرغبون في التصعيد الحالي ولكنهم دفعوا اليه رغم انفهم من خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للمنظمة في دمشق.