خبر تقرير خطير على طاولة أوباما ..سعد محيو

الساعة 11:10 ص|22 ديسمبر 2008

ـ الخليج الإماراتية 22/12/2008

من يقرأ نص التقرير الذي أعده “مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي” (الصانع الحقيقي “السري” للرؤساء والسياسات في الولايات المتحدة) بالتعاون مع مؤسسة بروكينغز والذي حمل العنوان: “استعادة التوازن: استراتيجية شرق أوسطية للرئيس المقبل”، سيذهل للمدى الذي قد تتغيّر فيه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

صحيح أن هذا التقرير، الذي جاء كحصيلة ل 18 شهراً من جهود قام بها 15 خبيراً أمريكياً في شؤون الشرق الأوسط، يحافظ بقوة على ثوابت المصالح الاستراتيجية العليا الأمريكية في الشرق الاوسط، إلا أن حيّز المناورة الذي يقدمه للدبلوماسية الأمريكية يبدو بلا حدود. وهذا لا يتضمن فقط الحوار المباشر مع إيران وسوريا، بل حتى أيضاً الاعتراف بحركة حماس إذا ما قبلت هذه الأخيرة بشروط “مخففة” للاعتراف ب “إسرائيل”.

أبرز توصيات التقرير:

 أوباما سيواجه سلسلة من التحديات الخطيرة والمعقدة التي ستتطلب منه اهتماماً مباشراً: تحدي إيران، وضع هش في العراق، حكومات ضعيفة في لبنان وفلسطين، عملية سلام فلسطينية  “إسرائيلية” متعثرة، ونفوذ أمريكي تشوبه سمعة مشوهة.

 سيحتاج الرئيس إلى التركيز على إيران، لأن الساعة بدأت تتكتك في برنامجها النووي. وهو يجب أن يعرض على الحكومة الإيرانية تعاطياً مباشراً من دون شروط مسبقة، جنباً إلى جنب مع حوافز لمحاولة منعها من تطوير القدرة العسكرية النووية. وفي الوقت نفسه سيكون عليه حشد الدعم الدولي لفرض عقوبات قاسية عليها في حال رفضت حلاً توافقياً.

 العمل على تحقيق اتفاقات سلام بين “إسرائيل” وجيرانها العرب، وعلى الأخص سوريا. الحكومة السورية الآن في موقع يمكّنها من الوفاء باتفاقية سلام، والخلافات بين سوريا و”إسرائيل” يمكن تجسيرها. إضافة إلى ذلك، احتمال تحقيق اعادة تموضع استراتيجي سيعزز الجهود لإضعاف النفوذ الإيراني في هذه البقعة الحساسة من المنطقة، ويقلّص الدعم الخارجي لكل من حزب الله وحماس، ويحسّن آفاق الاستقرار في لبنان. أما بالنسبة إلى القضية الفلسطينية فإن الخلافات بين الفلسطينيين تستوجب أن تعمل الولايات المتحدة أولاً على دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل استئناف عملية السلام، وعلى التعاطي مع حماس بشرط اعترافها بمبادرة السلام العربية.

هذه المحاور الرئيسية للتقرير الذي يستقر الآن على طاولة أوباما ومستشاريه، والذي سيشكّل في الغالب (إضافة إلى تقرير بيكر- هاميلتون) جوهر السياسة الأمريكية الجديدة. وهو إن دلّ على شيء فإنه يدل على مدى عمق التعديلات التي ستطرأ على شكل الدبلوماسية الأمريكية وتوجهاتها: من دبلوماسية القوة العارية البوشية إلى دبلوماسية “القوة المخملية” الأوبامية.

لكن، هل هذا التغيير في الشكل يعني أيضاً تغييراً في المضمون؟

كلا، البتة، خاصة حين نتوقف أمام الفقرة في التقرير التي تشدد على أن الشرق الأوسط الكبير “سيبقى حيوياً للولايات المتحدة إلى عقود مقبلة بسبب موقعه الجيو- استراتيجي، وموارد الطاقة والمال فيه، والتزام أمريكا ب “إسرائيل”، واحتمال تصدير كل من الإرهاب والمواد والأسلحة النووية من المنطقة. وبالتالي، تقليص الانخراط الأمريكي في شؤون المنطقة سيعرّض كل هذه المصالح إلى الخطر”. واضح؟ يفترض ذلك!