خبر آفي غباي يركب بالمجان- يديعوت

الساعة 10:43 ص|16 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

من ينقذ اليهودية من الاسر؟

بقلم: عيناف شيف

 

(المضمون: اليهودية، على أي حال، تحولت من هوية مركبة، عاصفة ودينامية الى رهينة لنقاش عقيم وسطحي، محمل بالديماغوجية ومفعم بالتوافه -المصدر).

 

العاصفة الدورية من انتاج آفي غباي – « اليسار نسي ماذا يعني ان نكون يهودا »- مرت بسرعة شديدة من الحقل الفلسفي الى الميدان الاستراتيجي. فالمحللون يشرحون لمن يحاول أن يتزلف ولاي اعتبارات انتخابية. وبالتوازي، يحاول جيش الموضحين لديه – بان يديه محملتان جدا ويحاول الدفاع عنه وبشرح بان لا مفر: هو ملزم حقا بان يرتبط بالجماهير التي هجرت حزب العمل، زعما بسبب تنكره « للقيم اليهودية ». فمتى سنحصل قريبا على آخر المعطيات – عفوا، استطلاعات المقاعد – فنتمكن من أن نحسم اذا كانت الرسالة قد مرت بنجاح أم ردت باحتقار.

 

ما أهمل على الطريق، كالمعتاد تقريبا، هو جوهر الامر. فهذا يدل ليس فقط على الرجل الذي اطلق التصريحات، بل وايضا على مسيرة مركزية تصمم الخطاب السياسي – الثقافي في اسرائيل: تفريغ اليهودية من مضمونها الروحاني والثقافي وجعلها قفازا لليد إن لم نقل مخرزا محددا. « نسي اليسار ماذا يعني ان نكون يهودا » ليس له علاقة لمعرفة فكر اسرائيل، اقامة الفرائض ومعانيها ولا المدارس المختلفة المتعلقة بالايمان بشخصية عليا. فأن « نتذكر » ان نكون « يهودا » لدى غباي هو ببساطة الا نبدو كليبراليين جدا، إذ ان هذا يزعج الناس.

 

من الاهمية بمكان الاشارة الى أن غباي لا يعمل في فراغ، بل يرد على الفهم الضحل لليهودية على طول وعرض المكان. وجوابه في تلك الندوة هو رد فعل، مثلا، على المواعظ الاسبوعية التي يقولها ليئور شلاين في برنامج « ظهر الامة ». فشلاين، الذي يرى نفسه كدرع للعلمانية المتنورة توقف منذ زمن بعيد عن التمييز بين كفاحه الهام والشرعي يقينا للتدين وبين الرفض التام لليهودية كمعتقد. وكذا الكوميدي تام أهرون، مثلا، كتب في مجلة « ليبرال » بان الطريق الى التلاوة من ناحيته هو « نفتحه، ثم نغلقه ونذهب لتلاوة النص الذي كتب في المئة سنة الاخيرة ». اذا كان هذا هو المعيار، فمشوق أن نعرف ماذا سيكون مصير مسرحية شكسبير.

 

كلاهما يعبران عن الانطواء الذي توجد فيه ذات الطفولية التي اجريت لليهودية من الطرف الاخر من المتراس. فعندما قال رئيس الوزراء للحاخام كدوري ما قاله، فقد كان يتحدث عن أن اليسار « يفكر باعطاء أمننا ليكون في ايدي العرب ». بمعنى أن يهودية نتنياه هي بشكل عام موقف أمني – سياسي واحد ووحيد. وبذات القدر، فان استخدام وزير التعليم لمفاهيم مثل « اللاسامية الذاتية » ضد النقد يستهدف منح معسكره الحصرية على اليهودية وابقاء معارضيها في الخارج.

 

اليهودية، على أي حال، تحولت من هوية مركبة، عاصفة ودينامية الى رهينة لنقاش عقيم وسطحي، محمل بالديماغوجية ومفعم بالتوافه. هذا صراع متهكم لا « يتذكر » فيه احد او « ينسى » ماذا يعني ان نكون يهودا – وبالمناسبة، يسقط على الطريق 20 في المئة من مواطني اسرائيل. كل القصة هي معركة بين رجال تسويق خبراء على قلب الجمهور، الذي يعتبرونه رعاعا من الرجال الآليين ممن يحركون بمجرد القاء خرقة صلاة على كتفه.

 

واذا كان ثمة خيبة أمل من غباي، فهذه ليس لانه رجل مؤمن ولا بسبب انه يتطلع الى سحر الجمهور التقليدي. المشكلة هي أن رئيس العمل، بالضبط مثل يئير لبيد، يتبنى اللغة الاستقطابية والطفولية التي حطمت وجه اليهودية وجعلتها مجرد كتلة سياسية. وبدلا من التمرد على الفرضيات الاساس التي أملتها سنوات نتنياهو وخلدت أمة منقسمة ومستاءة، فانه يركب عليها على أمل ان تحمله بالمجان الى دفة الحكم. ربما يصل الى هدفه وربما لا، ومهما يكن من أمر يخيل أن آفي غباي ايضا لن يكون هو من سينقذ اليهودية من الاسر المضني الذي علقت فيه.

كلمات دلالية