خبر صراع العروش

الساعة 08:11 ص|11 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

في الفترة الأخيرة يتأكد لديّ أكثر فأكثر أنه ربما تكون « صراع العروش » تقوم على أصل حقيقي، والأمر الأكثر ادهاشًا هو ان الحكاية الحقيقية ما تزال قيد التشكل. لصالح من لا يفهم المسلسل فإنه يصف مملكة إنسانية ممزقة ومنقسمة تقوم في عالم خيالي يمكن ان يستخدم مثالًا لعالمنا اليوم، في هذا العالم يهدد جيش من الأموات مستقبل الإنسانية، هذا الجيش يزداد قوة كل يوم ويضم إليه المزيد والمزيد من القوات التي تدخل في خدمته نتيجة لهجمات موضعية مركزة، الصعوبة الوحيدة التي تواجهها الإنسانية في إيقاف تفاقم قوة جيش الأموات نابعة من سببين مركزيين هما عدم تصديق وجود هذا الجيش الجهنمي وحقيقة ان الإنسانية تجد صعوبة في التخلي عن الخصومات والأحقاد الضاربة في القدم و توحد قواها من أجل القضاء على قوى الظلام.

العالم الحقيقي هو نوع من الانعكاس على المرآة من « صراع العروش »، أمام ناظرينا تتنامى قوى ظلام « الإسلام المتطرف » الذي يجمع المزيد من السلاح والمزيد من الجغرافيا والسيطرة والإنجازات السياسية في قلب العالم الغربي. المحور الإيراني الذي يقطع الخليج الفارسي، مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان عبر البحر المتوسط، هو محور شر ذي نوايا معادية يسعى إلى السيطرة على العالم برمته من أجل نشر دعوى الجهاد.

في العالم الغربي يسري تصديقه بسذاجة ودفع المخاطر الكامنة بوجوده نتيجة تفاقم قوة محور الشر هذا، وسيما في ظل إمكانية ان ينجح في وضع يده على السلاح النووي. تلك الجهات في العالم الغربي القابعين على حدود مملكة الظلام، ويشاهدون حجم التهديد وقوته، يجدون صعوبة في جمع قواتهم والعمل معًا وبشكل علني ضد تفاقم قوة إيران.

في العالم الطبيعي لكان تشكل تحالف طبيعي من السعودية ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية لتعمل سوية وبكامل عتادها وبإصرار وعنف من أجل القوة الإيرانية وتقطيع أوصالها الخبيثة وإعادتها إلى حجمها الذي تستحقه.

لكن الإنسانية هي الإنسانية، تجد صعوبة في ان تضع الأحقاد القديمة جانبًا والحروب الباردة والساخنة وفرصة استخلاص الأرباح الآنية من مختلف الأبراج السياسية والأمطار التاريخية. بعيون متفتحة تسمح لقوى الظلام بشق ممر من الخليج إلى البحر المتوسط، الممر الضيق في الوقت الحالي، ولكنه قد يتحول بخطوة سريعة قاتلة إلى منطقة سيطرة واسعة النطاق وخطيرة حيث يتحول البلد الفاعل المسمى الأردن بين عشية وضحاها إلى منطقة احتلال إيرانية وإلى جزء لا يتجزأ من قوى الظلام.

عندما ينشأ هذا التواصل الجغرافي سينغلق الأفق على مشارف حرب عالمية ثالثة. الشيء الوحيد الذي سيقف أمام هذا الجمع الدموي بين الحرس الثوري وحزب الله وحماس والجيش السوري والعراقي هو مجرد شعب صغير خالد يستخدم بمثابة حارس ليلي ويدافع عن الحصن، عندما تنتبه أمم الأرض نأمل ألا يكون الوقت متأخرًا للغاية.

ذات مرة لم يكن لدينا سوى فتح (منظمة التحرير الفلسطينية)، وهي تنظيم « إرهابي » ينفذ عمليات وقتل مدنيين يهود في البلاد وفي العالم، موروث رابين أدخل هذا التنظيم « الإرهابي » تحت كنف العالم المعياري الذي اعترف به وأجرى معه المفاوضات ووضع في يد زعيمه ياسر عرفات الملطخة بالدماء جائزة نوبل للسلام على طبق من فضة. مع حصول فتح على الاعتراف والشرعية ولدت السوسة، « امبراطورية الإرهاب » شربت حتى ثملت، فحلت محلها حماس، التي قفزت بالشر قفزة جديدة، حيث بدأت في إنتاج وإرسال المخربين الانتحاريين إلى مراكز المدن الاسرائيلية.

بروح إرث رابين التصالحي شرع العالم بالتكيف مع أسلوب حماس « الإرهابي »؛ هكذا الأمر، الإرهاب تخريبي بطبعه، فهو ينافس على لفت أنظار العالم العاقل، لذلك فالتكيف مع أسلوب عمل حماس أنتج أسلوب عمليات حزب الله الذي تضمن إطلاق الصواريخ على التجمعات السكانية والاعتداء على حياة القادة المعتدلين للغاية من منظوره. ومرة أخرى، وبروح الاستيعاب والتصالح، تصاعد « الإرهاب الإسلامي »، والعمليات الإرهابية ارتقت درجة، وهكذا وجدت الولايات المتحدة مضطرة إلى مواجهة كارثة التوائم بنات أفكار تنظيم القاعدة المريضة الذي تطلع لأن يكون أكثر تطرفًا، ومن ظن ان الإرهاب بلغ أقصى حدود قدراته فقد استقبل تنظيم « داعش ».

تطور الإرهاب العالمي يذكرنا بالحكاية التالية: كان في قديم الزمان بلدة يهودية لم يدفن فيها أي انسان إلى ان وجد. في يوم صحو لطيف توفي الحاخام يعنكيل، شر شرير ينتهي، ثلاثة أيام انتصب جسده دون ان يوارى لأنهم لم يجدوا ولو كلمة واحدة لصالحه. لعب حظ الحاخام يعنكيل لعبته، وقبل ان يتحلل جسده توفي الحاخام اسحق، والذي شره أشد وأنكى من شره، فرح أمراء البلدة بما جرى، وقفوا ونعوه، الأمر الجيد ان الحاخام يعنكيل كان أفضل من الحاخام اسحق. قالوا ذلك ودفنوه على الفور. وماذا فعلوا بالحاخام اسحق؟ وقفوا على قبره وقالوا: الأمر الجيد انه بفضل الحاخام اسحق نجحنا في دفن الحاخام يعنكيل.

في عالمنا البعيد عن تلك البلدة، لكن ليس بذات الروح، شارك تنظيم حزب الله في القضاء على تنظيم « داعش »، يرى العالم بشرير قاتل يقتل شريرًا أكثر فتكًا منه، وهناك أغبياء ربما بدأوا ينظرون إلى حزب الله على أنه أمر جيد، أغبياء، إنه هذا العالم الذي نعيش فيه.

ملاحظة: الآراء والألفاظ الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية.

 

كلمات دلالية