خبر السعودية وإسرائيل ومخاوف الوحل اللبناني/ مصطفى إبراهيم

الساعة 06:14 م|10 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

يبدو أن المرحلة الراهنة تتجاوز الإجابات الجاهزة، وما الذي يسعى إليه ولي عهد المملكة السعودية محمد بن سلمان وصناعة خصوم جدد له والإدعاء بإنه يقوم بحملة تطهير ومكافحة الفساد المستشري في المملكة، وإقالة أو إجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الإستقالة من الرياض، والإجماع والدعم اللامحدود من الإدارة الأمريكية لخطوات بن سلمان والعلاقة الوثيقة الذي تربط بن سلمان مع صهر رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ومستشاره الخاص، جاريد كوشنر، وزيارته المتكررة الى الرياض والحديث عن وضع خطط إستراتيجية مشتركة بين الطرفين.

ترامب منح صهره كوشنير المسؤولية عن عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وتجلت العلاقة بين السعودية وادارة ترامب بزيارة الاخير للرياض في شهر مايو/ آيار الماضي وعقده صفقة بنحو 450 مليار دولار، ووثق كوشنير علاقاته مع بن سلمان وكذلك مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

وإذا أخذنا بالاعتبار الاخبار الذي تحدثت عن لقاء ولي العهد بن سلمان بمسؤولين إسرائيليين على متن يخت في البحر الأحمر أو زيارته لتل أبيب، وإستقباله في مقر وزارة الأمن الإسرائيلية، وحتى لو لم تتم الزيارة أو اللقاء غير أنه من الواضح أن علاقته بإسرائيل تتطور وتزداد قوة، والرابط بينهما هو ذربعة الخطر والتهديد الإيراني.

وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن طبيعة العلاقة القائمة مع إسرائيل ومن الذي سيدفع الثمن، وما هو الهدف، هل هو الاعلان عن تطبيع لعلاقات علنية بين اسرائيل والسعودية؟ وهل ستقوم إسرائيل بدور الوكيل لخوض معركة مع إيران ومشاغلتها في سورية واليمن ولبنان وخوض حرب لحساب السعودية في لبنان وضرب حزب الله؟ على أساس أن حرب مع إيران فإن استحقاقتها باهظة الثمن على السعودية ومنطقة الخليج العربي؟ السعودية ليس لديها القدرة على مواجهة إيران عسكرياً وهي تقوم بخلط الأوراق في لبنان وأجبر السعوديون حليفهم الحريري على الاستقالة من منصبه.

هذا ما إستغلته إسرائيل كي تحرض على التواجد الإيراني في لبنان وتحاول دفع المجتمع الدولي بتأسيس تحالف ضد ايران وحزب الله والضغط عليها لإخراجها من لبنان كما حدث في الـ 2005 وإخراج القوات السورية من لبنان، وهذا ما طالب به رئيس مجلس الأمن القومي السابق، غيورا آيلاند في مقال نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت الثلاثاء الماضي، وقال إنه لا يجب على إسرائيل التدخل عسكريا وبشكل مباشر حتى لا تنجر إلى الوحل اللبناني، كما حدث عام 1982، إنما عن طريق حشد ائتلاف دولي للضغط على الرئيس عون وإجباره على منع التأثير الإيراني وتقويض قوة حزب الله، إن الوضع اليوم يمنح إسرائيل الفرصة للتدخل والتأثير في لبنان، لكن يمكنها فعل أمرين مهمين، الأول هو محاولة إقناع الغرب بتبني المبادرة المطروحة، والثاني هو التأكيد على أنه طالما يفضل الرئيس والجيش والشعب اللبناني خدمة إيران، سيكون لهذا القرار تأثير مباشر على حرب لبنان الثالثة، وانه عند قيامها لن تحارب إسرائيل حزب الله فقط، بل ستحارب الدولة اللبنانية التي تدعمه.

منذ فترة من الزمن هناك ردع متبادل بين إسرائيل وحزب الله، ويقال في إسرائيل ان هناك إتفاق غير مكتوب بين إسرائيل وحزب الله على عدم الضرب في لبنان وان أي إعتداء أو قصف إسرائيلي سيعتبره حزب الله عدوان وسيتم الرد عليه، على الرغم من إسرائيل قامت خلال سنوات الحرب السورية بقصف شحنات أسلحة سورية تدعي أنها تنقل إلى حزب الله في لبنان، وبرغم وجود الطيران الروسي ودفاعاته الأرضية في سورية، وكأنه هناك تفاهمات اسرائيلية روسية على عدم الإعتراض على نشاط الطيران الإسرائيلي في الأجواء السورية، إضافة إلى أن الطيران الإسرائيلي يستبيح الأجواء اللبنانية غير أنه يضرب في سورية وليس في لبنان.

معلقون إسرائيليون يقولوا ان الأوضاع السياسية في المنطقة خاصة في سورية ولبنان مريحة نوعا ما لإسرائيل، بالرغم من التحذيرات الإسرائيلية المتكررة من تعاظم الوجود الإيراني في سورية وبالقرب من حدودها على الجولان. والسؤال في ظل التهديدات الإسرائيلية من قوة حزب الله الصاروخية الكبيرة هل إسرائيل بحاجة إلى شن حرب على لبنان وهل سيسكت حزب الله وهو يمتلك كل هذه الترسانة الصاروخية التي ستؤلم إسرائيل؟

إسرائيل لها مصلحة بتطوير العلاقات مع السعودية وتعمل بكل جهدها من أجل تقليم أظافر حزب الله وإضعافه، غير أنها لا تركض خلف تمنيات بن سلمان والأمور في إسرائيل ليست بهذه السهولة فهي لا تستطيع المغامرة في لبنان لمصلحة أي طرف، وهي التي تحدد خطواتها ومصالحها الإستراتيجية والأمنية ولديها من الأدوات والإمكانات أن تخوض حرب بطرق ووسائل أخرى ونجحت في بعض منها.

الإثنين الماضي أصدر مركز أبحاث الأمن القومي (INSS) في جامعة تل أبيب، تقدير موقف حول إستقالة سعد الحريري، بعنوان « لبنان بعد استقالة الحريري في ظل الصراع السعودي الإيراني »، قال فيه أن كلا من حزب الله وإيران يفضلان الإمتناع في هذه المرحلة من خوض حروب جديدة في ظل الفراغ السياسي في لبنان، حتى يتسنى لهم إعادة الاستقرار إلى النظام السياسي اللبناني، وأن استقالة الحريري لن تؤثر على السياسة الحذرة التي يتخذها حزب الله مقابل إسرائيل، وأن الانطباع الذي يتركه حزب الله في المرحلة الحالية هو منع التوتر بينه وبين إسرائيل.

إسرائيل لن تسارع إلى خوض معركة عسكرية من أجل السعودية وبن سلمان، هذا ما ذكره السفير الأميركي السابق في تل أبيب، دان شابيرو، في مقال نشره في صحيفة هآرتس الأسبوع الماضي وقال فيه، أن ثمة احتمال لأن تحاول السعودية نقل الحرب ضد إيران من سورية إلى لبنان، وأن السعوديين معنيون بأن تقوم إسرائيل بهذا العمل القذر، وأضاف شابيرو إن السعودية تأمل بأن استقالة الحريري من شأنها أن تدفع حزب الله إلى المبادرة لحرب مع إسرائيل، وقال يحظر على إسرائيل أن تكون مجرورة بأيدي السعودية إلى حرب مبكرة جداً.

ولي العهد السعودي يمتن علاقاته بالإدارة الامريكية وإسرائيل، والاخيرتين تدعمان الديكتاتوريات والإنظمة الرجعية، وتحاولان استكمال رسم خريطة جديدة في المنطقة العربية، وبن سلمان كل ما يهمه تكريس حكمه وتثبيته من خلال الغطاء الأمريكي والدعم الإسرائيلي على حساب أمن ومصالح بلاده والمنطقة العربية، وإسرائيل مستعدة للذهاب مع بن سلمان الى حد مواجهة إيران، لكن إلى أي حد ستذهب، وبأي وسائل؟ غير أنه مع ترامب ونتنياهو كل شيئ ممكن.

كلمات دلالية