خبر أصحاب السيطرة- اسرائيل اليوم

الساعة 03:17 م|10 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: اللواء احتياط يعقوب عميدرور

وقعت هذا الاسبوع عدة أحداث يبدو ظاهرا ان لا ارتباط فيما بينها، ولكن في نظرة أعمق، تؤكد تواصل العواصف في الشرق الاوسط. فمن جهة واحدة من المنطقة، في لبنان، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري بعد أن هرب الى السعودية. وزعم انه فعل ذلك في اللحظة الاخيرة، قبل أن يصفيه حزب الله مثلما صفى أباه. وكان هناك من اتهم السعودية بانها ضغطت عليه ليستقيل. مهما كانت اسباب هذه الخطوة فقد كشفت استقالته واقعا تعرفه اسرائيل ولكنه يحظى بالتجاهل في العالم: حزب الله هو الذي يدير لبنان. رسميا لبنان هو عضو في الامم المتحدة، ولكن يكون من كل ناحية عملية « لا توجد دولة لبنانية ».  صحيح انه يوجد دستور لبناني تدار بموجبه ظاهرا، ولكن في المواضيع الهامة ليس القرار في يد الحكومة او البرلمان بل في يد حزب الله.

حزب الله هو التنظيم العسكري الاقوى في لبنان، ولهذا فهو يفرض ارادته على باقي اجزاء السكان ليس هذا فقط بل وله تأثير حقيقي على الجيش اللبناني – الذي يفترض ظاهرا أن يشكل وزنا مضادا له، اما في الواقع اللبناني فلا امل في أن يصطدم هذا مع التنظيم الشيعي.في هضبة الجولان، في الجانب السوري، سجلت شبه دراما، عندما كان يخيل أن قوات الثوار تهدد القرية الدرزية الحضر في شمالي الجبهة: قرية بقيت موالية للاسد، واغلب الظن بعض من رجالها تعاونوا مع حزب الله ضد اسرائيل. الدروز من الجانب الاسرائيلي من الجدار لم يتمكنوا من ضبط أنفسهم وهددوا باجتياز الحدود لمساعدة اخوانهم. وحتى في اوساط الدروز داخل اسرائيل سُمعت اصوات مشابهة. وتدخل الجيش الاسرائيلي بحذر وبشكل منع امكانية المذبحة. ولكن المشكلة بقيت بلا جواب لا لبس فيه. فالحدث يشكل تفكير بانه رغم الجهود الروسية للوصول الى وقف النار ورغم ضعف الثوار من خلال الحلف بين الاسد، الايرانيين والروس، فمن تحت ذلك يشتعل الجمر. فالثوار لم يقولوا بعد كلمتهم الاخيرة، ولكن من ناحية استراتيجية حسم مصيرهم على ما يبدو.

آمال كبرى، تحديات كبرى

في السعودية، التي فر اليها رئيس الوزراء اللبناني، يجري صراع عسير من تحت السطح. القليل منه انكشف هذا الاسبوع على الملأ. كان هناك من قدر بان تغيير الاجيال في الاسرة المالكة من جيل ابناء الاب المؤسس الى جيل الاحفاد – لن يمر بهدوء. ويبدو الان بان هذا التقدير يتحقق. فاعتقال الكبير من الاسرة المالكة هو حدث استثنائي يشير الى الاضطراب الداخلي. في الدول الدكتاتورية نشأ مؤخرا تكتيك للتخلص من الخصوم تحت غطاء المعركة ضد الفساد، والحال هو أنه يوجد فساد كثير. دون صلة بالصراع الداخلي، اطلق من اليمن صاروخ نحو مطار الرياض عاصمة السعودية. ويشير هذا الحدث التكتيكي الى مشكلة استراتيجية: السعودية فشلت حتى الان في قتالها ضد الحوثيين وحلفائهم الايرانيين في اليمن. ويؤثر الفشل في اليمن عمليا على أمن المملكة؛ بينما الفشل في سوريا، بعيدا عن حدود السعودية يشكل تذكيرا بالصراع الواسع ضد ايران، والذي يجري حتى الان دون نجاح.

توجد السعودية في مفترق طرق. الآمال في تغيير ايجابي، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان كبيرة للغاية. وفي نفس الوقت فان التحديات التي يفرضها الواقع، في السعودية نفسها وخارجها، تطرح علامات استفهام غير قليلة على قدرة المملكة على الوجود بالشكل الذي اديرت فيها منذ تأسيسها – كحلف بين عائلة سعود والحركة الوهابية المحافظة.

في غزة، لاول مرة بنى الجهاد الاسلامي نفقا وصل الى داخل اسرائيل، انكشف وفجر. وفقد  التنظيم عددا من قياداته وهدد بالرد. ولكن هذا لم يأتِ  في اثناء الاسبوع الاول للهجوم. الحدث وملحقاته تشير الى أن الهدوء في القطاع لا ينبع من تخلي منظمات الارهاب عن رغبتها في المس باسرائيل؛ بناء القوة مستمر، وفي يوم الأمر ستنطلق المنظمات لتفعيل مخططات اطلاق النار. ومع ذلك في غزة، يتثبت جيدا الفهم بان ثمن المواجهة سيكون عاليا جدا. يدور الحديث عن عنصر هام للغاية في الردع، دون الاستخفاف بالطبع بالضغط المصري وبرغبة حماس في تحقيق اتفاق المصالحة مع السلطة الفلسطينية.

هل ستغير الميليشيات الميزان؟

في الاحداث في سوريا وفي غزة يبدو الذراع الطويل لايران. فهي رب البيت في لبنان – كمن يسيطر على حزب الله، وكمن بسبب نشاطها ونواياها فر الحريري الى السعودية. فقد جلبت ميليشيات مسلحة من كل ارجاء العالم الشيعي (اكثر بكثير من عدد المتطوعين الذين قاتلوا في صفوف داعش)، والحريري على ما يبدو فهم بانه بعد أن نجحت ايران، بمساعدة روسية في تثبيت مكانتها في سوريا، فان الصراع الايراني سينتقل الى لبنان. الجهاد الاسلامي هو الاخر اقامته ايران، وان كان مدى سيطرتها عليه اقل من سيطرتها على حزب الله، فهو الاداة الاساس لها في القطاع. حقيقة ان الجهاد امتنع حتى الان عن الرد، رغم الضربة المدوية التي تلقاها، تشير الى قدرة الاكراه لدى حماس وعلى كونها اقوى بكثير من باقي التنظيمات. ولكن حفر النفق نفسه، وحقيقة أن مقطعا منه وصل الى الاراضي الاسرائيلية، تثبت أنه تحت حكم حماس اكتسب الجهاد الاسلامي قدرات لم تكن لديه في الماضي. ومقابل نجاح مصر في فرض ادخال السلطة الفلسطينية الى القطاع كرب بيت مدني، من المهم أن نتذكر هذا ايضا.

 من هذه الاحداث تنشأ عدة حقائق تؤثر على المجريات في الشرق الاوسط، الذي يواصل الحراك. صحيح أنه ليس واضحا كيف ستبدو المنطقة بعد بضع سنوات، ولكن معقول الافتراض بان ايران ستبقى القوة الدينامية في المجال. كما انها ستواصل تثبيت قوتها في سوريا، ووفقا لرد اسرائيل سيتضح أي مكانة ستحظى بها هناك، وهل ستنجح في أن تبني في الدولة قواعد لها ولحزب الله.

كما توجد ايضا مسألة نشر الاف رجال الميليشيات، الذين بات وزنهم في سوريا يزداد كلما وجد النظام وحلفاؤه صعوبة في تصفية المعارضة. ولن يكون من المفاجيء اذا انتقل قسم هام من الميليشيات الى لبنان ليغيروا الميزان العسكري حيال اسرائيل وكذا القوة النسبية للطائفة الشيعية في النسيج اللبناني الآخذ في التفتت.

ويوجد سؤال مشوق آخر: هل سينجح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تثبيت مكانته، والتخلص من الجهات المعارضة لتتويجه واحداث التغييرات التي اعلن عنها في السعودية. وستؤثر قدرته في الداخل على قوته في  الخارج. فنتائج الصراع بين السعودية – كمن تريد أن تقود العرب السُنة، وبين ايران – زعيمة الشيعة في كل المجال (الان يدها ممدودة ايضا شرقا، الى باكستان وافغانستان، حيث جند  جزء من الميليشيات)، ستقرر بقدر كبير مستقبل الشرق الاوسط.

 

كلمات دلالية