خبر متجر للجثث -هآرتس

الساعة 11:14 ص|08 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: العزة والاخلاق مثل الزيت والماء يصعب مزجهما معا، وبالتالي يجب على اسرائيل عدم استخدام جثث المخربين الفلسطينيين في عملية المساومة التجارية - المصدر).

 

بضاعة ثمينة وقعت في أيدي اسرائيل في اعقاب تفجير النفق في غزة. خمس جثث لنشطاء الجهاد الاسلامي توجد الآن على الرفوف، محفوظة بأكياس بلاستيكية، سيتم استخدامها كورقة مساومة في المفاوضات على اعادة جثث الجنود الاسرائيليين. جثث مقابل جثث، قالت اسرائيل، أسرى وجثث مقابل جثث، قالت التنظيمات في غزة.

 

الجثث كما هو معروف لا يوجد لها موعد انتهاء صلاحية. قيمتها في رمزيتها،ولها أهمية حقيقية فقط في نظر الاهالي وأبناء العائلة الذين فقدوا أبناءهم. ولكن كون الجثث ورقة مساومة يحولها الى ذخر وطني، الذي بناء عليه تقاس قيمة كل طرف. هذه منافسة فظيعة، في اطارها يتم فحص من هو الطرف الذي الجثث أكثر اهمية في نظره. اذا ارادت اسرائيل الظهور كدولة أكثر اخلاقية وتهتم بشهدائها مثل الجنود الاحياء فهي ستضطر الى « الخسارة » في المساومة مع التنظيمات الارهابية. واذا ارادت « الربح » في المنافسة فسيكون عليها الاعتراف بأنها ليست متسرعة، وتبادل الجثث سيكون فقط حسب شروطها، حتى لو كان عليها الانتظار الى نهاية العام.

 

الحقيقة هي أنه لا يوجد أي اساس انساني واخلاقي أو قيمي لهذه التجارة الفظيعة. الطرفان يجب عليهما اعادة الجثث التي توجد لديهما، وليس أن يحملوها اختبارات الترف. التعقيد يبدأ عندما ترفع التنظيمات الفلسطينية الثمن وتطلب مخربين احياء ايضا. افتراضهم هو أنه توجد لاسرائيل حساسية اخلاقية أعلى، لهذا فهي توجد في حالة ضغط أكبر.

 

دولة سليمة كانت ستتفاخر بهذه الصفقة، وكانت ستعمل على الحفاظ على صفة كهذه. ولكن اسرائيل لا ترى أمام ناظريها ألم العائلات أو الرمزية الكامنة في اعادة جثث الجنود، وهي تتمسك بالمبدأ الذي يمنع الخضوع للارهاب أو اجراء مفاوضات مع التنظيمات الارهابية. رغم أن المبدأين تم اختراقهما في السابق. فاسرائيل قامت باجراء مفاوضات مع تنظيمات ارهابية ومع حزب الله من اجل اعادة جثث جنودها، أو الجنود الاحياء. كما أنها قامت باطلاق سراح آلاف الأسرى في صفقات التبادل هذه. عدد من هؤلاء الأسرى عادوا للعمل في الارهاب، ولكن ايضا بدونهم فان صفوف التنظيمات كانت ستكون مليئة بـ « المخربين المحبطين » والمخربين اليائسين« ، واثناء وجودهم في السجن ايضا لم تتوقف العمليات.

 

اسرائيل ليست لاعبة جديدة في ملعب الجثث. ففي شهر تموز أجبرت محكمة العدل العليا الدولة على اعادة جثث المخربين الذين نفذوا عمليات قاتلة في منطقة الحرم لعائلاتهم. التبرير كان اجرائي كما يبدو: لا توجد للشرطة صلاحية قانونية للاحتفاظ بالجثث واشتراط اعادتها بالموافقة على ترتيبات الجنازات. في استئناف آخر متعلق باعادة جثث مخربين (في ايلول) تساءل القاضي، اسحق دنسيغر، »هل من الصحيح أن دولتنا، الدولة اليهودية والديمقراطية، تتفاخر بأنها تعمل بناء على قيم اخلاقية وتتصرف بهذه الطريقة في موضوع اعادة جثث المخربين؟". قيم اخلاقية؟ ليس عندما يديرون منافسة ليّ الاذرع مع حماس والجهاد الاسلامي، حيث أن شرف الدولة وليس أخلاقها، يقف هنا في الاختبار. العزة والاخلاق هي مثل الماء والزيت. ومحاولة المزج بينهما محكوم عليها بالفشل مسبقا.

 

يمكن فقط التساؤل ماذا كانت اسرائيل ستفعل لو لم تكن في أيديها الجثث الخمسة من اجل المساومة؟ هل كانت ستكون مستعدة لاطلاق سراح الاسرى مقابل جثث الجنود؟ اذا كان الجواب نعم فليس في الاحتفاظ بالجثث ما من شأنه أن يغير الوضع، وعلى اسرائيل اجراء المفاوضات على العدد. هل في المقابل هي مستعدة للاعلان أنها تتنازل عن المفاوضات وعن جثث الجنود لأنها غير مستعدة لاطلاق سراح أسرى؟ اذا كان الامر كذلك فيجب عليها الاعلان من الآن أنه ليس هناك ولن تكون مفاوضات مستقبلا. لذلك ستقوم باعادة جثث المخربين الى عائلاتهم. لأنه بدون أسرى أحياء ليس للجثث قيمة تجارية. وكل احتمال آخر هو مناقض للمنطق والاخلاق.

كلمات دلالية