خبر يا اعضاء مجلس التعليم العالي، -هآرتس

الساعة 10:35 ص|30 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

كونوا عنصريين ذوي قلب

بقلم: عودة بشارات

(المضمون: بعد عشرات السنين التي كرسها قادة المجتمع العربي في اسرائيل من اجل اقامة جامعة عربية في الناصرة لم تتم المصادقة على اقامتها، وحتى لم يتم السماح لجامعات عريقة باقامة جامعة كهذه، قام مجلس التعليم العالي بالمصادقة لكلية عنصرية باقامة كلية اكاديمية في الناصرة - المصدر).

في بداية السبعينيات نشر الأديب اميل حبيبي كتابه « الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبو النحس المتشائم ». على غرار حبيبي أنوي الآن كتابة قصة لا تقل درامية عنها: « الوقائع الغريبة لاختفاء الجامعة في الناصرة ».

كما هو معروف، المؤسسة الاسرائيلية لا تقول « لا »، وخاصة عندما يتعلق الامر بالشؤون الثقافية – الامر يتعلق بقادة شعب الكتاب. ولكن هذه المؤسسة التي لا تتوقف عن العمل تخرج روح من يريد اقامة جامعة، هكذا ومن اجل صحتهم النفسية يتنازلون عن طلبهم. هناك قصة عن شخص اقترض من صديقه 10 شيكل، في اليوم التالي جاء لصديقه وقال له بحماسة: صحيح أنني مدين لك بعشرة شواقل؟ اقرضني 10 شواقل اخرى وغدا أعيد لك 20 شيكل، وصديقه أعطاه. هكذا في اليوم العاشر وبنفس الحماسة قال لصديقه: صحيح أنني مدين لك بمئة شيكل؟ وقبل أن يكمل أجابه صديقه المقرض: أنت غير مدين لي بشيء، فقط دعني وشأني.

هذا ما حدث للجامعة الموعودة في الناصرة. تقريبا خمسين سنة وقادة المجتمع العربي في البلاد يناضلون من اجل اقامتها، ولم يتحرك شيء. جبال من الكلمات والمراسلات والوعود والجلسات واللجان، وعندما أخيرا في نهاية المطاف اعترفوا بالمؤسسة الاكاديمية في الناصرة، أوقفوا عنها التمويل. (كمن طلب منه السباحة وهو مكبل الايدي والارجل). وبعد تشويه سمعة هذه المؤسسة البائسة والتنكيل بها، بذريعة أن مستواها الاكاديمي منخفض وبنيتها التحتية لا تفي بالمعايير، خرج الوزير نفتالي بينيت بعطاء لانشاء كلية اكاديمية في مدينة عربية. ايضا هناك عادت نفس الطقوس، المؤسسات التي تقدمت للعطاء ومن بينها جامعة حيفا وجامعة بار ايلان لا تفي

بالمعايير ايضا، لقد مرت سنة ونصف ولم نسمع عن العطاء. موت غامض كهذا يظهر فقط في أفلام رعب هيتشكوك.

الآن، مؤخرا نشرت القناة 10 تحقيقا عن الابرتهايد مزدهر في القرية الاكاديمية أونو، التي يدرس فيها طلاب عرب على انفراد، في مبنى آخر. ويتبين من البحث أنه بعد أن ثارت ضجة أعادوهم الى مباني الكلية، لكن الفصل في الصفوف استمر. مبروك، يا عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش – موروثك الذي بدأ في غرف الولادة، وصل الى الجامعة.

ولكن القنبلة ألقيت في نهاية المقال: الكاتب عمري منيف بشرنا أنه في تصويت من خلال الهاتف صادق مجلس التعليم العالي للكلية العنصرية أن تقيم كلية اكاديمية في مدينة عربية. وهذه بشرى للعرب: المؤسسة لا تريد أن تقام جامعة في مدينة عربية، حتى لو كانت برعاية جامعة عريقة. وبدل ذلك، أوكلوا المهمة لكلية عنصرية، وكل ذلك تم عن طريق استطلاع هاتفي بمجرد عشر دقائق.

 

أمام ناظري روحي يظهر ولد يحتضر من الجوع في افريقيا، ومقابله في العالم الاول الثري أم تدفع بملعقة الى فم إبنها. هذا ولد وذاك ولد، لهذا أنا أطلب فقط القليل من الاهتمام. رجاء، يا اعضاء مجلس التعليم العالي المحترمين، لا تتحدثوا عن عشر دقائق صادقتم فيها على اقامة كلية لاولئك الذين كرسوا عبثا عشرات السنين من حياتهم من اجل اقامة جامعة في الناصرة. من فضلكم، كونوا عنصريين ذوي قلب.

هل تدركون ما يجري هنا؟ تعليم اولادنا الذي هو في بؤبؤ عيوننا، يتم وضعه في أيدي عنصريين لا يهمهم مستواهم الاكاديمي، فقط حب المال هو الذي يحركهم. ليس فقط ابرتهايد، بل ايضا جشع. « تمر سيء ووزن سيء ايضا »، يقول العرب. مستوى اكاديمي مخجل وسعر مرتفع الى عنان السماء. وكما هو الامر في حالة المُقرض الذي تنازل عن نقوده، فان العرب يتنازلون عن الهدية العنصرية التي اعطاها لهم مجلس التعليم العالي.

من الجيد أن لدينا ما نعتمد عليه لدى الأغيار، الذين يفتحون أبوابهم أمام أبنائنا، في حين أنه هنا لو كانت هناك ذرة من احترام الانسان لكان على اعضاء مجلس التعليم العالي الاستقالة وطلب العفو، ليس من العرب، بل من القيم العالمية التي تحققت في العالم، وساهم فيها اليهود الذين كانوا من بين أوائل المبشرين بها.

 

 

 

كلمات دلالية