خبر تصريح جونسون -يديعوت

الساعة 10:32 ص|30 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

هنا، في هذه الغرفة

بقلم: بوريس جونسون

وزير الخارجية البريطاني

(المضمون: أفتخر بدور بريطانيا في خلق اسرائيل واتطلع الى استكمال تصريح بفور باحلال تسوية على اساس دولتين اسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب بسلام وتعاون - المصدر).

 

في هذه الغرفة، من تحت ذات السقف المذهب، بدأ أحد فصول القصة. في 2 تشرين الثاني 1917 جلس سلفي، اللورد بلفور، في مكتب وزير الخارجية الذي أكتب فيه الان، وصاغ الرسالة الى اللورد روتشيلد.

 

يتشكل جوهر تصريح بلفور من جملة واحدة من 67 كلمة؛ هذه كانت الكلمات التي اختيرت بعناية ووضعت الاسس لدولة اسرائيل. فقد أعلن بلفور بان « حكومة جلالة الملك ترى بعين العطف اقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين »؛ ومع قول مفصل وهام بانه « لن يتم أي شيء من شأنه أن يمس بالحقوق المدنية والدينية للجاليات غير اليهودية الموجودة ».

 

وبمرور مئة عام أقول اني اؤمن به: تصريح بلفور كان ضروريا لخلق أمة عظيمة. في العقود السبعة منذ قيامها، تغلبت اسرائيل على ما كان احيانا عداء مريرا من جيرانها واصبحت ديمقراطية ليبرالية واقتصاد تكنولوجيا عليا نموذجي. في منطقة عانى فيها الكثيرون من حكم تسلطي، برزت اسرائيل دوما كمجتمع حر. ومثلما لكل دولة، لاسرائيل توجد نقاط علة وخلل. ولكنها تتطلع للوجود وفقا للقيم التي اؤمن بها.

 

تطوعت في كيبوتس في شبابي (رغم اني غسلت الاواني أساسا) ورأيت ما يكفي كي أفهم معجزة اسرائيل: العلاقة بين العمل الكد، والاعتماد على الذات والطاقة الجريئة والمصممة، والتي اجتمعت معا لتخلق دولة استثنائية. وفوق كل شيء، الهدف الاخلاقي غير القابل للشك: توفير وطن آمن ومحمي للناس المضطهدين. وعليه فاني فخور بدور بريطانيا في خلق اسرائيل، وبهذه الروح ستحتفل حكومة جلالتها يوم الخميس بيوم الذكرى المئة لتصريح بلفور.

 

انا لا أرى أي تناقض بين كوني صديق اسرائيل – واؤمن برسالة تلك الدولة، وبين ابداء الحساسية العميقة تجاه معاناة اولئك الذين تأثروا واقتلعوا كنتيجة لولادتها. والتحفظ الحيوي في تصريح بلفور – الذي هدفه حماية الطوائف الاخرى – لن يتحقق بكامله.

 

لا شك عندي ان الحل الوحيد للنزاع يشبه ذاك الذي عرض لاول مرة من قبل بريطاني آخر، هو اللورد بيل، في تقرير اللجنة الرسمية في موضوع فلسطين في 1937، وهذا هو رؤيا الدولتين للشعبين. بالنسبة لاسرائيل، فان اقامة دولة فلسطينية هو السبيل الوحيد لضمان مستقبلها الديمغرافي كأمة يهودية وديمقراطية. وبالنسبة للفلسطينيين، فان دولة خاصة بهم ستسمح لهم بتحقيق تطلعاتهم في تقرير المصير وحكم أنفسهم. ان تحقيق هذا الهدف سيستوجب حلولا وسطا أليمة من الطرفين. وبكلمات عاموس عوز فان مأساة النزاع ليست الصدام بين المحقين والمخطئين بل « الصدام بين المحقين والمحقين ».

 

كيف سيبدو المستقبل؟ في احيان قريبة يروي ليس اسرائيليون وفلسطينيون بخصوصية عن رؤياهم للسلام – وللحلول التي يعرضونها ثمة الكثير مما هو مشترك. ولكن بشكل مفهوم، لا يريدون أن يطرحوها علنا. في تشرين الثاني نحيي ايضا يوم الذكرى الخمسين لوثيقة اخرى صاغتها بريطانيا، هي قرار الامم المتحدة 242، والتي قررت مبدأ « الارض مقابل السلام » كسبيل للتسوية في البلاد المقدسة. وبالتالي في هذه الفترة من السنة وبالهام من روح بلفور وبيل وبريطاني آخر، هو اللورد كردون الذي صاغ قرار 242 – أقترح ان نعرض ما برأيي هو حل عادل.

 

ينبغي أن تكون دولتان مستقلتان وسياديتان: اسرائيل آمنة، وطن الشعب اليهودي، والى جانبها دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة، وطن الشعب الفلسطيني، بروح قرار 181 للجمعية العمومية للامم المتحدة. على الحدود ان تكون قائمة على اساس خطوط 4 حزيران 1967- عشية حرب الايام الستة – مع تبادل للاراضي متساوٍ تعكس المصالح الوطنية، الامنية والدينية للشعب اليهودي وللشعب الفلسطيني.

 

ثمة حاجة الى ترتيبات امنية، ستمنع بالنسبة للاسرائيليين استئناف الارهاب وتعالج بنجاعة كل التهديدات، بما فيها التهديدات الاقليمية الجديد والهامة: وبالنسبة للفلسطينيين ستحترم

 

سيادتهم، تضمن حرية الحركة وتشهد على ان الاحتلال انتهى. يجب أن يكون حل عادل، نزيه، متفق عليه وواقعي لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، وفقا لقرار الامم المتحدة 1515. من ناحية عملية، معنى الامر هو أن كل اتفاق يجب أن يتناسب من ناحية ديمغرافية والدولتين للشعبين وان يتضمن آلية تعويضات دولية سخية. والوضع النهائي للقدس يجب أن يكون متفق عليه من الطرفين، لضمان ان تكون المدينة المقدسة عاصمة مشتركة لاسرائيل وللدولة الفلسطينية، والسماح بحق الوصول والحقوق الدينية لكل من هي المدينة عزيزة عليه.

 

كل ما قيل أعلاه أعرضه بالسرور اللازم، وذلك لان ألم الحل الوسط سيتحمله الاسرائيليون والفلسطينيون – وليس اولئك منا ممن يسكنون بعيدا. وأنا استمد التشجيع من الالتزام الواضح للرئيس ترامب لايجاد حل. بريطانيا – وأنا واثق ان اصدقاءنا الاوروبيين ايضا – مستعدة لان تساعد في تطبيق كل اتفاق، بما في ذلك الدعم للترتيبات الامنية، المساهمة في التعويض للاجئين ومنح امكانية التجارة والاستثمارات بين اوروبا، اسرائيل، الدولة الفلسطينية السيادية وجيرانهما العربيات، الامر الذي سيساعد في تغيير المنطقة من الاقصى الى الاقصى.

 

أنا ايضا متشجع من ان الجيل الجديد من الزعماء العرب لا يرى في اسرائيل بذات الضوء مثل سلفه. وأنا واثق ومعول على ان يعمل أكثر ضد الوباء المزدوج للارهاب والتحريض على اللاسامية.

 

ولكن في نهاية المطاف، فان الاسرائيليين والفلسطينيين هم الملزمون بالتفاوض على التفاصيل وكتابة فصل خاص بهم في التاريخ. بمرور مئة عام، بريطانيا ستدعم بقدر استطاعتها لاغلاق الدائرة وانهاء العمل غير المنتهي لتصريح بلفور.

كلمات دلالية