خبر بيغن، قليل من النزاهة الفكرية من فضلك- هآرتس

الساعة 10:06 ص|23 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: عودة بشارات

(المضمون: يجب على بيغن التنقيب في ما قاله قادة اليمين الصهيوني قبل التنقيب في اقوال الفلسطينيين. وفي الحقيقة هو يبحث عن ذريعة لرفض صنع السلام ولا يبحث عن شريك - المصدر).

لنفترض، يا سيد بيغن، أن الفلسطينيين اعلنوا أنه ليس لهم حق عودة، والى جانب هذا الاعلان يقدمون كدليل على حسن النوايا علبة بقلاوة لرئيس حكومة اسرائيل. هل حينها ستؤيد الانسحاب من كل المناطق التي تم احتلالها في 1967، كما يطلب ذلك القانون الدولي والامم المتحدة.

في مقالين نشرا في « هآرتس » في 9/10 و20/10 أشار بيغن، الزعيم الاخير في المعسكر الاخلاقي في اليمين، الى أن الفلسطينيين رفضوا العروض التي قدمها اولمرت وباراك. وعلى فرض أن الاقتراحات المذكورة التي مضمونها الدقيق مشكوك فيه أكثر من كونه حقائق مؤكدة، كانت حقا اقتراحات سخية جدا، فهل أنت، يا بيغن، أيدتها، أو كنت ستؤيدها الآن؟ من الواضح أن لا. فقط

اعلنت أنت وزملاءك الحرب الضروس ضدنا، لذلك من الناحية الاخلاقية ليس من المناسب أن تتفاخر بسخاء آخرين في الطرف الاسرائيلي. وعن مثل هذا التفاخر يقول العرب « الصلعاء التي تتفاخر بشعر إبنة عمها ».

بدل عرض اضاعة الآخرين، من الافضل أن تعرض اضاعة اليمين العلماني، التي تعلق عليها « ليس هناك إله، لكنه وعدنا بهذه الارض »، كما قال المؤرخ امنون راز – كركودسكين، بتلخيصه الفهم الصهيوني العلماني. ونتيجة لهذا التراث فان بيغن غارق في بحث مثير للدهشة عن ذريعة لعدم صنع السلام، ومن اجل هذه الغاية فانه ينبش في كراسات الاولاد الفلسطينيين الذين لم يروا من اليهود في حياتهم سوى الجندي الذي ينغص حياتهم وحياة والديهم.

المشكلة هي أنه ليس الفلسطينيين هم الذين يرفضون التبخر وابقاء هذه البلاد فارغة من اجل أبناء الشعب المختار من بين كل الشعوب، بل ايضا حتى كتابة هذه السطور، لا أحد يعرف بالتأكيد ما هي بالضبط حدود ارض الميعاد. في يوم الخميس الماضي قال موشيه يعلون « الحدود يتم تحديدها بواسطة تلم المحراث »، وبوجه متكدر اضاف « إن الفجوة بيننا وبين الفلسطينيين لا يمكن جسرها ». ومن خلال المحاريث الاسرائيلية الجديدة فان التلم الأخير يمكنه الوصول الى الذرة الاخيرة في الصحراء العربية الكبرى.

عودة الى بيغن: ما سر هذا التعالي؟ هل يجب على الفلسطيني أن يوافق بخضوع على كل عرض يعرضه السيد اليهودي؟ حقا، من قام باقناع هؤلاء الناس الذين فقط قبل عدة عقود كانوا ضحايا للمذابح، بأنهم سادة هذه البلاد والآخرين هم عبيد لهم؟ من الذي قرر أنه يجب على الفلسطينيين الموافقة على كل كلمة يتفوه بها الاسرائيليون وكأن اقوالهم هي الجائزة الكبرى في « مفعال هبايس » (اليانصيب)؟ بيغن يقتبس بدهشة اقوال محمود عباس خلال ادانته لوعد بلفور. ولكن النزاهة الفكرية تقتضي محاولة أن تكون للحظة في مكان آخر – الفلسطينيين الذين شعروا ازاء هذا التصريح بخطر زاحف، الذي تحقق لاحقا. الحقيقة هي أنه ليس هناك ضرورة للدخول الى حذاء الفلسطينيين لفهم تخوفاتهم. يكفي مشاهدة كيف تقوم دولة اسرائيل بسجن اللاجئين من افريقيا الذين هربوا من الفظائع وليست لهم أي مطالب سيادية ووطنية هنا، في معسكرات لا تخجل الانظمة الظلامية.

 

بيغن يحتج ايضا على محمود عباس الذي قال إن بريطانيا منحت « دون أي حق أو صلاحية أو موافقة من أي كان، ارض فلسطين لشعب آخر ». اذا كان للكولونياليين البريطانيين مثل هذا الحق، فسيأتي في الغد أي أزعر ويعطي لصديقه منزل بيغن، المنطق يقضي بأن ما يحق للكولونياليين يحق ايضا لازعر مسكين. من الملفت للنظر أن إبن من عارض البريطانيين يقوم بتعليم الحقوق منهم.

ولأن المقام لا يسمح سنكتفي بملاحظة اخرى فقط: النزاهة الفكرية تقتضي التنقيب أولا في اعمال الجانب الخاص بك، لهذا وقبل أن تتعب نفسك في القراءة والترجمة للاقوال التي كتبها الفلسطينيون، من الافضل أن تقرأ ما تم اقتباسه من اقوال الاسرائيليين من اعلى المستويات. أنا على يقين أنه في مرحلة ما ستتوقف عن القراءة، أو على الأقل ستسد أنفك قبل المواصلة.

 

 

كلمات دلالية