خبر متطهرو اليسار- هآرتس

الساعة 10:24 ص|19 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الانشغال بالاحتلال على اعتبار أنه أهم شيء وأنه الأمر المصيري والحاسم، ليس تطهريا، بل هو الامر الاكثر واقعية. ومن ينكرون الاحتلال هم من يضللون أنفسهم والآخرين - المصدر).

أنا تطهري يساري، وأنا لا استطيع تحمل التفكير بأنه يرأس حزب العمل شخص يقول « أنا لا أنشغل بحقوق الفلسطينيين ». (من اذا ينشغل بذلك؟ افيغدور ليبرمان، نفتالي بينيت، أو ربما مروان البرغوثي من السجن؟). شخص يسأل، سواء بسبب الجهل أو بسبب السذاجة المصطنعة « اذا صنعت السلام، فما ضرورة الاخلاء » ويتفاخر بصفته أخر البلطجية في اليمين « اذا قاموا باطلاق صاروخ فيجب عليك اطلاق عشرين صاروخ، هكذا يفهمون في الشرق الاوسط »، ويؤسس وجود الدولة على وعد إلهي لابراهيم، ويعارض اخلاء « 80 ألف مستوطن » وكأن هذا العدد كاف في أي وقت لتأسيس حل نصف عادل، والذي يسمي الفلسطينيين « عربا » ويقول إنه ليس لديه شيء مشترك مع القائمة المشتركة.

أنا تطهري يساري، كذاك الذي يحب « اليساريون في نظر أنفسهم »، يحبون الآن مهاجمته، هم ليسوا متطهرين، هم عمليون وعقلانيون وواقعيون وبراغماتيون. وهم لا يحبون المتطهرون، ويعتقدون أن آفي غباي هو مرشح مناسب ومن المحظور توجيه الانتقاد له لأن هدف كل يساري غير تطهري هو التخلص من بنيامين نتنياهو – وبعده الطوفان. أنا تطهري يعتقد أن من يتقمص شخصية نتنياهو ليس افضل من الأصل، وأن صمت اعضاء الكنيست الجبناء من حزب العمل ازاء تصريحات زعيمهم، أمر مخجل، وأن هذا الصمت فقط يثبت لماذا لا توجد حاجة الى حزبهم الملعون، وشتم زعيمه الجديد. يئير لبيد على الأقل تصور في حلبة المصارعة حتى لو كانت مضحكة.

أنا تطهري يساري يعتقد أنه يجب العودة والتفكير مرة تلو الاخرى بالفيل الذي يوجد في الغرفة، بالذات لأن هذا ممل جدا ويثير الغضب. ما هو متوقع وليس أصلي، يكرر نفسه بالضبط مثل الاحتلال الذي يكرر نفسه. يساري، كما يبدو، تركوا الانشغال به قليلا، لكنهم يعرفون أنه

غير واقعي وغير جذاب وبالاساس غير انتخابي. الشعب يميني، ولهذا جميعهم يمينيون. هناك الكثير من الامور يجب الانشغال بها، مربيات رياض الاطفال هامة أكثر، لكن لا يوجد أمر أقل انتخابية من التقليد. حزب العمل لا يوجد في الحكم بسبب تلعثمه فقط، وبسبب أنه لا يوجد ما يقدمه سوى نفسه، ولا يوجد فيه شخص مثل جيرمي كوربن كي يعالجه. في هذا اليسار يوجد عدد كبير من محتالي وجبناء اليسار، الذين يتسلحون بمستشاري اليسار والذين يقولون لهم إنه فقط اذا حولوا نظرهم الى المركز وقلدوا اليمين وتجاهلوا الاحتلال ولم ينشغلوا بحقوق الفلسطينيين فسيتم انتخابهم، بالتأكيد سيتم انتخابهم. اسحق هرتسوغ بعد شيلي يحيموفيتش، انتخابات تلو انتخابات دائما انتهت بالبكاء.

الحديث هنا لا يدور عن تطهريين، بل العكس. ولا يدور ايضا عن اليسار. إن التمسك بالمباديء الاساسية، والاكثر اساسية لدى اليسار، مثل الاعتقاد أن الانشغال بالاحتلال يفوق كل شيء آخر وأنه أكثر مصيرية وحسما واقلاقا من أي أمر آخر، ليس تطهريا. إنه الامر الواقعي الذي لا مثيل له، قمة الواقعية السياسية. وبالذات الذين يتجاهلونه وينكرونه هم الاغبياء والمضللون – يضللون انفسهم والآخرين. إنهم يعتقدون أنه اذا لم ينشغلوا بحروق النار فستشفى من تلقاء نفسها، لكنها لن تشفى الى الأبد. كما أنه لن يتم انتخابهم.

يوجد يسار ويوجد يمين، وبينهما يوجد 50 نوع من الالوان الرمادية والشرعية ايضا. وغير الشرعي هو الخداع غير الموجود في اليمين. بتسلئيل سموتريتش ليس مخادعا، ولا أحد يقول إنه « تطهري يميني ». ونتنياهو ايضا لا يمثل. مقابل قوميتهم المتعالية، يستطيع اليسار القول فقط شيئا مخالفا. غباي يقول يمين ويسلب شرعية مواقف اليسار باخفائها. لذلك هو يواصل الطريق الاكثر اخلاصا لحزبه. ليس هناك يساري يمكنه الصمت على ذلك، واذا صمت فهو يقول « غباي محق ». لا يجب علينا الانشغال بحقوق الفلسطينيين التي هي صورة اسرائيل الاخلاقية. تعالوا نقوم بنقل المصانع الى الصين مثلما يقترح غباي، ونقوم باطلاق عشرين صاروخ مقابل كل صاروخ يطلق علينا، ونقوم ببناء مستوطنات لن نقوم باخلائها أبدا، ونعتقد أن هذا من حقنا بسبب الوعد الالهي لابراهيم. الاساس هو انتخاب غباي، ولينفجر كل المتطهرون.

كلمات دلالية