خبر ماوشل اسرائيل -هآرتس

الساعة 10:26 ص|16 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: دمتري شومسكي

(المضمون: شبيها باليهودي الشرير « الماوشل » الذي كتب عنه هرتسل قبل 120 سنة والذي رأى أنه يوجد الى جانب اليهودي العادي ويعطي ذريعة لمن انتقدوا اليهود في حينه، يوجد ماوشل اسرائيلي الى جانب الاسرائيلي العادي يبرر ويساهم في المظالم التي ترتكب بحق الآخرين، وعلينا الوقوف في وجهه -المصدر).

قبل 120 سنة، في 15 تشرين الاول 1897، نشر ثيودور هرتسل في الصحيفة الناطقة باسم الهستدروت الصهيونية « دي فولت »، أحد مقالاته اللاذعة جدا تحت عنوان « ماوشل ». إن مجرد عنوان المقال يوضح الطبيعة الراديكالية للرسالة الاساسية التي أراد مؤسس الصهيونية

السياسية أن ينقلها لقرائه (كلمة « ماوشل » تعني اليهودي الصغير بالالمانية بدء من القرن السادس عشر، وفي فترة هرتسل ظهرت كثيرا في الصحف اللاسامية).

بنزاهة قومية غير عادية اعترف هرتسل في مقاله بأنه ليس كل ما قاله اللاساميون عن اليهود في عصره كان مختلقا ولا اساس له. اجل، الى جانب اليهودي العادي، الذي هو كما قال هرتسل « شخص مثل الآخرين، ليس أفضل أو أسوأ منهم »، يوجد « ماوشل »، « الرفيق الفظيع لليهود »، الذي يوفر للاساميين « الذرائع التي هاجمونا بها » – بكونه كذلك، فانه ليس أقل من « تشويه للطابع الانساني ». اساس هذا التشويه هو شهوة الطمع والقوة منفلتة العقال، التي من اجل اشباعها لا يستثني « ماوشل » ولا ينفر من أي خدعة أو تحايل – ايضا لو كان ذلك سيتسبب بالضرر الشديد للآخر، سواء كان يهوديا أو غير يهودي.

بعد 120 سنة يجب الاعتراف بأن تشخيص هرتسل هذا صالح حتى الآن بمعناه العميق بالنسبة لواقع اسرائيل السياسي. فمن جهة، هناك انسان اسرائيلي، وهو انسان مثل الآخرين، كما يقول هرتسل، لا افضل ولا اسوأ منهم. وكل ما يريده لدولته ليس أكثر أو أقل من الوجود القومي السياسي المشروع في حدود دولية معترف بها، من خلال الحرص على أن لا يأتي حق تقرير المصير لشعبه على حساب حق تقرير مصير شعب آخر. ولكن في المقابل يقف « ماوشل » الاسرائيلي – اذا كان ماوشل هرتسل قد جسد بشخصيته « تشويه الطابع الانساني » فيمكن القول عن « ماوشل » الاسرائيلي إن فيه شيء من تشويه الطابع القومي.

الـ « ماوشل » الاسرائيلي يختفي عميقا في اوساط مؤيدي الكولونيالية العنصرية الاستيطانية، داخل حكومته اليمينية المتطرفة، وفي شخصية من يقف على رأسها والمقربين منه. إن اساس تشويه الطابع القومي لكل اولئك مغروس في شهوة العقارات المسيحانية، التي لا حدود لها، والمجبولة بالرؤيا العنصرية عن تسامي القومية العرقية – الدينية اليهودية في الفضاء بين النهر والبحر. ومن اجل مواصلة اشباع تلك الشهوة المدانة، فان « ماوشل » خاصتنا لا يثنيه أي احتقار وكذب فظ، سواء كان الامر يتعلق باستخدام استخفافي لذكرى الكارثة، بهدف أن يضمن لاسرائيل المحتلة والمستوطِنة، لو حتى بالغمز، شيء من الحصانة الاخلاقية في وجه الانتقادات الدولية. أو سواء كان الامر يتعلق بادعاءات أورويلية (نسبة لجورج اورويل) من كل نوع، والتي تقول إن الفلسطينيين

أنفسهم يريدون استمرار الاحتلال، لهذا فهم سيعملون كل ما في استطاعتهم من اجل استمرار اسرائيل في سلب اراضيهم.

عندما يحذر معارضو الاحتلال، الاسرائيليين واليهود في البلاد وفي الخارج، من الضرر الشديد الذي تسببه سياسة الاحتلال والاستيطان للبنية الاساسية الاخلاقية لحق تقرير المصير الاسرائيلي، يقوم « الماوشل » الاسرائيلي يمهاجمتهم بغضب شديد ووقاحة، وكأن مصدر عدم الشرعية المتزايد لاسرائيل في العالم هو « محطم الصمت » و« بتسيلم »، وليس الحكم العسكري الاسرائيلي الكولونيالي. وفي هجومه الشديد على « اليسار »، يهبط « ماوشل » خاصتنا الى اعماق غير معقولة من الانحطاط الاخلاقي: من جهة، هو يصنف من يعارضون الاحتلال كـ « لاساميين – ذاتيين »، بالضبط كما سمى « ماوشل » هرتسل الصهاينة « لاساميين يهود ». ومن جهة اخرى، نفس الماوشل الاسرائيلي يتبنى بارادته تشبيهات لاسامية حقيرة فيما يتعلق بمعارضيه، كما فعل قبل شهرين تقريبا يئير نتنياهو، الذي نشر في صفحته في الفيس بوك كاريكاتور لاسامي 

كلمات دلالية