خبر مصير تهدئة القطاع وما بعدها ..ياسر الزعاترة

الساعة 08:36 ص|18 ديسمبر 2008

ـ الدستور الأردنية 18/12/2008

يوم الجمعة المقبل تنتهي مدة اتفاق التهدئة الذي وقع بتوافق وطني بين حكومة قطاع غزة وبين الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية، فيما يترقب المعنيون موقف حماس الجديد الذي لم يحسم إلى الآن، وإن بدا بحسب المراقبين أقرب إلى عدم التمديد. أما السؤال الأكثر أهمية فيتعلق بسيناريو اليوم التالي بعد وقف التهدئة.

من متابعة التصريحات المتتالية يتضح أن الطرفين الإسرائيلي والمصري خائفان من عدم تجديد حماس لاتفاق التهدئة، كل لحساباته الخاصة، فالإسرائيليون الذين يعيشون فترة انتقالية في انتظار الانتخابات ليسوا جاهزين لتطور من هذا النوع، كما أن وجود الجندي الأسير بحوزة حماس لا زال يكبل أيديهم بعض الشيء، معطوفاً على عدم توفر إجابات مقنعة حول جدوى الاجتياح العسكري.

القطاع في وضعه الحالي يشكل ورطة للإسرائيليين، فهم معنيون بإنهاء "وضعه الشاذ"، لكنهم يتساءلون عما يمكن أن يترتب على اجتياح عسكري شامل، سواءً نجح في إنهاء سيطرة حماس أم فشل بسبب المقاومة والصمود وحجم الخسائر في المدنيين وانتفاضة الشارع الفلسطيني والعربي، ولا تسأل بعد ذلك عن حجم الخسائر الإسرائيلية في ظل معلومات حول أسلحة جديدة لدى حماس.

الإسرائيليون يتساءلون عما سيترتب على دخول القطاع: هل سيبقون فيه مستعيدين الإدارة المدنية بكل ما يترتب عليها من خسائر سياسية وأمنية واقتصادية؟ هل سيسلمونه لسلطة رام الله ليحرقوها سياسياً أكثر مما هي محروقة، وليجعلوها أكثر ضعفاً في سياق أي موقف سياسي تتخذه، وبخاصة الاستمرار في سياسة المفاوضات كخيار وحيد؟

في المقابل يتخوف المصريون من هذه السيناريوهات جميعاً، لاسيما سيناريو الصمود وانتفاضة الشارع العربي، وفي مقدمته الشارع المصري، ولذلك فهم معنيون باستمرار التهدئة وصولاً إلى حل ينهي حكم حماس بالانتخابات والفهلوة، وليس بالاجتياح والسلاح.

في هذا السياق تنهض التهديدات التي ينقلها المصريون يومياً إلى حماس (القطاع) بشكل خاص، والتي تتلخص في أن الإسرائيليين سيردون على وقف التهدئة باستهداف قادة الحركة الكبار، وهو موقف مصري مثير للرأي العام المصري والفلسطيني، لاسيما أنه يأتي في ظل تصعيد إعلامي وسياسي حيال حركة حماس، واتهام لها بتنفيذ أجندة إقليمية لحساب إيران.

حماس بدورها لا تجد كثير فائدة في استمرار التهدئة بوضعها الحالي، وهي معنية بتغيير شروط اللعبة، يساعدها في ذلك الوضع الإسرائيلي المهتز والمعطيات الدولية الجديدة.

يحدث ذلك في ظل عدم وفاء الإسرائيليين والمصريين بالتزاماتهم حيال التهدئة، والتي نصت بنودها على فتح المعابر ورفع الحظر عن كافة المواد التي حظرت بسبب الحصار بعد عشرة أيام على سريانها، الأمر الذي لم يحدث، كما نص بندها السادس على نقلها (أي التهدئة) للضفة الغربية، الأمر الذي لم يحدث كذلك.

ربما كان سؤال اليوم التالي هو الأكثر تعقيداً بالنسبة لحركة حماس، ومعها سائر فصائل المقاومة، ليس فقط لجهة الحصار الذي سيشدد أكثر بعد وقفها، ولا للعمليات العسكرية التي ستتواصل، وإنما لبرنامج المقاومة في ظل وضع الانقسام واستهداف المقاومين من قبل السلطة في الضفة الغربية.

معلوم أن إمكانية المقاومة من الضفة الغربية هي الأفضل في ظل وجود الاحتلال وأهدافه القريبة، بالطبع لو توفر القرار السياسي، بينما تنحصر مقاومة القطاع في الصواريخ بسبب السياج الأمني وعدم توفر أهداف إسرائيلية قريبة يمكن مهاجمتها، إلى جانب عمليات إبداعية أخرى صعبة الإعداد والتنفيذ. ومن هنا لا مناص من موقف جديد من حماس يحدث انعطافة في الموقف برمته، يتمثل في المطالبة بتوافق وطني على خيار المقاومة يجعل القطاع قاعدة مقاومة شبه محررة تدار بالتوافق بين الفصائل، مع مقاومة شاملة في كل مكان. وسيكون هذا الطرح أكثر أهمية في حال جاء نتنياهو إلى السلطة في الدولة العبرية، وإذا قيل إنه لن يكون مقبولاً من طرف السلطة، فإن الجماهير ستكون قادرة على فرضه بطريقتها إذا توفر عليه ما يشبه الإجماع الأولي، وتم دعمه من قبل رموز في حركة فتح مثل فاروق القدومي وآخرين.