خبر خلفيات الموقف « الإسرائيلي » من المصالحة

الساعة 07:40 ص|04 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

أطلس للدراسات

الثاني من أكتوبر، سمحت إسرائيل لأعضاء الحكومة الفلسطينية بالدخول إلى غزة من خلال معبر ايرز قبيل محادثات المصالحة بين حماس وفتح، لكن وبعدها بيوم واحد لا غير تحدث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن الموضوع بقوله « نتوقع من كل من يتحدث عن عملية السلام ان يعترف بدولة إسرائيل، أن يعترف بالدولة اليهودية طبعًا »، وأضاف نتنياهو « من يريد أن يقوم بمثل هذه المصالحة، فهمنا بسيط للغاية: اعترفوا بدولة إسرائيل، وفككوا الذراع العسكرية لحماس، واقطعوا العلاقات مع إيران التي تدعو إلى تدميرنا ».

نتنياهو قال ذلك خلال جلسة « الليكود » التي انعقدت في « معاليه ادوميم »، لكن وعلى خلاف تصريحاته السابقة، فلم تتضمن أقواله هذه المرة تهديدات موجهة لأبي مازن، ولم يفرض عقوبات. أقوال نتنياهو تختلف على وجه الخصوص عن تلك التي أدلى بها في ابريل 2014 عندما شكلت حكومة الوحدة الفلسطينية « أبو مازن يفضل الوحدة مع حماس على السلام مع إسرائيل » هكذا غرد نتنياهو حينها في « تويتر ».

ومثله أيضًا وزير الخارجية آنذاك أفيغدور ليبرمان الذي زعم بأن على أبي مازن أن يقرر فيما إذا كان يريد صنع السلام مع إسرائيل أم مع حماس، « التوقيع على اتفاق حكومة الوفاق الوطني بين فتح وحماس هو توقيع على انتهاء المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية » قضى ليبرمان. هذه المرة - وإلى حين كتابة هذه الأسطر - لم يعلق ليبرمان ولو بكلمة واحدة على ما يجري في غزة، وزارة الأمن التي يترأسها هي المسؤولة في الواقع عن عملية إدخال الوفد الفلسطيني إلى غزة من أجل إجراء محادثات المصالحة.

يوم الاثنين من هذا الأسبوع (2 أكتوبر) نفذت الإدارة المدنية وإدارة المعابر التابعتين لوزارة الأمن العملية في معبر ايرز، وفي إطارها دخل إلى أرض غزة - وبشكل سريع وبفاعلية - وفد كبير من الضفة، حوالي 350 شخص، أعضاء الحكومة الفلسطينية ومستشارين وموظفين وحراس من السلطة. « لقد كان الأمر وكأنه عملية عسكرية منسقة » كما وصفها مصدر أمني إسرائيلي.

وهكذا، يوم الثلاثاء، انعقدت في غزة جلسة خاصة لحكومة الوفاق الفلسطينية، وأعلن الطرفان بطريقة احتفالية عن انتهاء عهد الانقسام وفتح صفحة جديدة. الطريق إلى المصالحة ما تزال طويلة، لكن ورغم الصعوبات الكثيرة السافرة التي تواجه الجميع في غزة وفي رام الله فقد ساد تفاؤل كبير، فقبل انعقاد الجلسة الخاصة بيوم أعلن مذيعو الاخبار في القنوات الفلسطينية (من رام الله وغزة) ان هذه هي الليلة الأخيرة للانقسام، وأن الوحدة عادت لتسود الشارع الفلسطيني الذي اختار مصلحته الوطنية.

هل هذا هو ما تغير هذه المرة؟ لماذا لم يهدد نتنياهو هذه المرة بالعقوبات؟ ولماذا لم يلقِ على أبي مازن بالتهم كونه يفضل التحالف مع من يهددون بالقضاء على دولة إسرائيل؟ كيف حدث ان ليبرمان أصدر أوامره إلى الإدارة المدنية الخاضع لقيادته بأن يسمح بدخول جزء من الحكومة الفلسطينية الأكبر إلى غزة من دون ان يقول ولو كلمة استنكار واحدة بحق أبي مازن، الذي اعتاد ان يهاجمه في كل مناسبة؟

 

« القصة تختلف هذه المرة » يقول مسؤول من حركة فتح، « تهديدات إسرائيل للسلطة وفرض العقوبات عليها أو حتى مجرد مهاجمة السلطة أو الرئيس أبو مازن ستكون في الواقع تهديدًا مباشرًا لمصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي، الذي يقدم الرعاية لمحادثات المصالحة ».

وحسب أقوال المصدر، فإن مصر أبلغت الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن محادثات المصالحة، وأوضحت ان حكومة الوحدة الفلسطينية وإنجاز المصالحة بين فتح وحماس ليس مصلحة مصرية فقط، وإنما مصلحة إسرائيلية أيضًا، وأنه ستكون لذلك انعكاسات إيجابية على إسرائيل وعلى السلطة الفلسطينية. مصر ترى في المصالحة الفلسطينية شرطًا ضروريًا لاتفاق السلام الإقليمي، وحسب النظرية المصرية فإن الانقسام الفلسطيني بين رام الله وغزة هو عقبة، دون إزالتها سيكون من الصعب التوصل إلى اختراق سياسي.

الولايات المتحدة أيضًا تشارك مصر نظريتها هذه، مبعوث ترامب إلى الشرق الاوسط جيسون غرينبلات - الذي تواجد في إسرائيل، ولدى السلطة الأسبوع الماضي - أبلغ رئيس الحكومة نتنياهو بموقف الولايات المتحدة من المصالحة الفلسطينية، وانعكاس خطوة كهذه على خطة السلام الأمريكية، التي من المفترض ان يكشف عنها النقاب قريبًا.

في الوقت الحالي لا شك بأن ترامب الذي وعد أبا مازن خلال لقائهما في نيويورك قبل حوالي أسبوعين بأن يعرض مبادئ خطته خلال أسابيع معدودة ولن يكشف عنها إلى ان يتضح مصير محادثات المصالحة التي من شأنها ان تستأنف الاسبوع القادم في القاهرة؛ من جهته فإن كل اتفاق لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني سيتم تحت مظلة إقليمية، وسيكون لمصر فيها دور مركزي.

في حال أنجزت المصالحة الفلسطينية في نهاية المطاف، بالفعل ما يزال من غير الواضح « هل ستنظر إليها الإدارة الأمريكية على أنها اتفاق جيد؟ »، في الوقت الحالي لا يمكن التهرب من ان الجانب الأمريكي - ومثل إسرائيل - لم يُسمع منه أي رد فعل رسمي عن المحادثات في غزة، وهذا كله يحدث بينما ما تزال حماس تعتبر من قبل الـ (CIA) منظمة إرهابية.

إن لرئيس المخابرات الفلسطينية العامة ماجد فرج منظومة علاقات حميمة مع الأمريكيين، رئيس الـ (CIA) مايك بومبيو والمبعوث الأمريكي غرينبلات يعتبرانه عاملًا مهمًا ومهدئًا، وشخصًا يمنع ويعمل حسب اعتبارات أمنية تخدم استقرار نظام حكم أبي مازن، وتتناسب أيضًا مع مصالح إسرائيل الأمنية الحيوية، وبشكل مباشر مصالح الولايات المتحدة أيضًا. فرج هو عامل مركزي في المحادثات في غزة، وواحد من أولئك الذين يناقشون الآن يحيى السنوار في القضية المركزية التي وفقها سيتم الأمر: هل ستكون حماس مستعدة لنقل السيطرة الأمنية في غزة إلى أبي مازن؟ إذا حدث ذلك فسيكون تطورًا إيجابيًا من جهة إسرائيل، وسترى الولايات المتحدة في هذا الأمر إزالة عقبة مركزية في طريق بدء المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية؛ وهذا هو السبب في ان إسرائيل والولايات المتحدة أيضًا تردان بطريقة مختلفة.

واشنطن تنتظر لترى هل خطة السيسي ستجتاز اختبار الواقع، مع ان نتنياهو حذر من تهديد أبي مازن، لكن في ذات الوقت ينظر إلى الأمام. أقوال رئيس الحكومة أعدت في الأساس لتسمعها أمريكا، في محاولة لوضع العراقيل في دواليب الخطة السياسية التي يوشك النظام الأمريكي أن يفصح عنها قريبًا.

كلمات دلالية