خبر باركو من المقسمين أيضا -معاريف

الساعة 10:35 ص|03 أكتوبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: البروفيسور آريه الداد

(المضمون: خطة النائبة عنات باركو لتقسيم القدس تفر من المشكلة الحقيقية – عدم تنمية العاصمة وتجميد البناء فيها - المصدر).

وضعت النائبة من الليكود د. عنات باركو، على طاولة رئيس الوزراء خطة جديدة وجريئة لتقسيم القدس. ثلاث مشاكل جوهرية في هذه الجملة: الخطة ليست جديدة، وهي ليست جريئة وعلى الاطلاق ليس واضحا ما الذي تفعله د. باركو في صفوف الليكود.

المشكلة الديمغرافية في القدس معروفة جيدا. فالبروفيسور سيرجيو دي لا فرغولا يقول انه يوجد اليوم 62 في المئة فقط يهود في القدس، وبعد 15 سنة سيكونون 58 في المئة فقط. وعلى فرض (مدحوض) ان هذا التحليل الديمغرافي صحيح – فهو يعتبر وجع رأس غير صغير. فقد سمحت اسرائيل لعشرات الاف العرب بالدخول والاقامة الدائمة في نطاق القدس. لا « الزيادة الطبيعية » لعرب القدس هي ضعف الزيادة اليهودية (وسجلات الولادة تثبت)؛ وحتى البروفيسور دي لا فرغولا يعرف بان الزيادة الطبيعية العربية آخذة في التناقص وتلك اليهودية آخذة بالتزايد.

ولماذا رغم ذلك تتقلص الاغلبية اليهودية في المدينة؟ لان عشرات الاف اليهود يغادرون المدينة لنقص الشقق. اما العرب فيبنون الاف البيوت غير القانونية وحكومة اسرائيل لا تفرض القانون عليهم. كما انهم مستعدون لان يكتظوا في ظروف صعبة ليس اليهود مستعدين لها. اذا بنى اليهودي بشكل غير قانوني – يهدم بيته، والبناء القانوني يكاد لا يكون موجودا لان حكومة نتنياهو لا تبني في القدس. الاحتياطي من الاراضي للبناء في غربي المدينة استغل تقريبا حتى النهاية. ومن شرقي المدينة هناك اراض واسعة فارغة. ضم معاليه ادوميم الى المدينة والبناء لطوابق عالية في المنطقة التي بين معاليه ادوميم والقدس مثلا، وكذا في ارمون هنتسيف وهار حوما وجفعات همتوس – سيخلق عشرات الاف وحدات السكن في المدينة، غيابها يتسبب بهجرة اليهود من المدينة. بيتار عيليت، بيت شيمش وكريات سيفر بنيت بوتيرة مذهلة فقط لانه لا توجد شقق في القدس. ولكن ضم معاليه ادوميم والبناء في المنطقة E1 أو في شرقي القدس يستدعي قرارا سياسيا. وان كان « سياسيا »، أقل بكثير من تقسيم القدس الذي توصي به د. باركو، عضو الليكود

ليست الخطة لتقسيم القدس بجديدة. فبيرس، باراك وأولمرت كانوا مستعدين لتنفيذها. حاييم رامون يروج لها منذ زمن بعيد. هذيان بيلين وخيالات عامي ايالون تضمنت تقسيم المدينة. ولكن التاريخ يسير في الاتجاه المعاكس. القدس، التي كانت مقسمة، وحدت. تماما مثل بلفاست

 

وبرلين. وبالذات باركو تريد العودة الى أيام المدينة المقسمة، المقطعة. حين كان القناصة العرب يتمترسون على اسوارها. وفقط من لم يتربى، مثلي، في الواقع إياه، يمكنه ان يتطلع اليه.

الخطة ليست جريئة، بل العكس. هي جبانة. هي هروب من المشكلة الحقيقية – عدم تنمية القدس وتجميد البناء فيها. الديمغرافيا في القدس هي وجع رأس. د. باركو توصي قطع نصف الرأس كعلاج. لقد اقام اريئيل شارون سور فصل وقطع عن المدينة مخيم شعفاط للاجئين، كفر عقب وقلنديا فخلق في هذه المناطق جحيما على الأرض من حكم العصابات الاجرامية وغياب كل خدمات بلدية. وحسب خطة د. باركو، تنقل كل الاحياء العربية الى السلطة الفلسطينية، تلك التي هي اليوم لا تزال تحت سيطرة فتح وغدا قد تكون تحت سيطرة حماس. وهكذا تخاطر إسرائيل في خلق واقع قطاع غزة على مسافة 2000 متر عن الكنيست – مدى قذائف الهاون الخفيفة. واذا ما استخدمت قاذفات كهذه، سيتعين على الجيش الإسرائيلي ان يعود ليحتل المنطقة ويحتفظ بها وذلك لان سيطرة الشرطة في القدس والمخابرات والجيش في يهودا والسامرة، تمنعها من أن تصبح قطاع غزة او جنوب لبنان. د. باركو تقترح حل المشكلة الديمغرافية من خلال خلق مشكلة امنية أخطر منها. ولم افهم بعد اين ستجد د. باركو محكمة عليا توافق على سحب مكانة الإقامة من 300 الف شخص فقط لانهم عرب.

لقد طرحت للمشكلة الديمغرافية في القدس حلول إبداعية اكثر بكثير وخطيرة اقل بكثير. احدها هو إقامة مجلس إقليمي للاحياء العربية بسيادة إسرائيلية كاملة، وتنظيمها في اطار بلدي ليس بلدية القدس، لارضاء كل أولئك الذين يخافون من أن يقوم عرب القدس ذات يوم كرجل واحد ويتحدوا حول مرشحهم لرئاسة البلدية.

وفي النهاية ملاحظة عن انتماء د. باركو السياسي. خطط كهذه ميزت في الخمسين سنة الأخيرة الجناح اليساري المتطرف في السياسة الإسرائيلية واستهدفت بشكل عام إقامة « دولة فلسطينية في حدود 1967 عاصمتها القدس ». لا تقلقوا: لن يوافق أي عربي على مثل هذه الخطة بدون البلدة القديمة. د. باركو (لا تزال؟) غير مستعدة للتنازل عن القلب التاريخي للشعب اليهودي، ولكن خطتها تخدم بالتأكيد اليسار الإسرائيلي الذي سيأتي الان ليدعي: « ها هم، في الليكود أيضا يريدون تقسيم القدس أيضا ». د. باركو هي « لاعب تعزيز » جلبه نتنياهو الى الليكود. اذا كان قصد بالفعل تعزيز اليسار الإسرائيلي بمثل هذا التعيين، فان خطته نجحت. اما اذا كان

قصد شيئا آخر وهو لا يقصد تقسيم المدينة، من الأفضل له ان يعلن على الفور رفضه التام لخطة باركو بتقسيم القدس واستبدالها بخطة بناء يهودي متسارع.

 

 

كلمات دلالية