أمريكا تسعى لسايكس بيكو جديدة في المنطقة

تحليل هل عباس قادر على تنفيذ تهديداته بحل السلطة وتكون المصالحة ضمن صفقة؟

الساعة 06:20 ص|23 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

شهدت الساحة الفلسطينية خلال الأيام الماضية أحداث هامة ومفصلية سواء على صعيد التفاهمات في القاهرة وما سيتبعها من تطبيق لاتفاق القاهرة 2011 الذي ينهي الانقسام، وخطاب رئيس السلطة محمود عباس في الأمم المتحدة الذي تابعه الشارع الفلسطيني باهتمام، وما يجري الحديث عنه من التجهيز لصفقة عربية أمريكية إسرائيلية للتوصل لتسوية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

ولقراءة المشهد وفهم الصورة كان لنا هذا اللقاء مع الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، الذي رأى أن خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة هو الأخير بالنسبة له كرئيس للسلطة الفلسطينية، وإذا قدر له العام القادم أن يكون في الأمم المتحدة سيخطب باسم منظمة التحرير الفلسطينية، والخطاب كان واضحاً جداً أظهر فيه يأسه من المجتمع الدولي وعجزه، وإدراكه أن العالم الآن تحكمه بعض القوى العظمى التي تسيره وفقاً لمصالحها وليس حسب ميثاق الأمم المتحدة، بدليل أنه سرد العشرات من قرارات الأمم المتحدة التي لم يتم تطبيقها، وعشرات المبادرات التي رعتها الأمم المتحدة ولم يكتب لها النجاح.

ورأى سويرجو أن الخطاب من الناحية السياسية والدبلوماسية ناجح وأوصل رسائل عديدة لكل الأطراف، المجتمع الدولي وإسرائيل والداخل الفلسطيني والعالم العربي، وتحمل في طياتها الكثير من المحاذير والتحذيرات، بمعنى أن الفلسطينيين لن يستطيعوا أن يستمروا في سلطة بدون سلطة، واحتلال بدون تكلفة، وأن هناك خيارات فلسطينية.

من جهة أخرى، أشار إلى أن نقاط الضعف في خطاب الرئيس « أبو مازن » تمثلت في أنه لم يلجأ إلى الجماهير الفلسطينية، بل هدد بأساليب أخرى بعيدة عن العنف أو الإرهاب، وكان المفروض أن لا يستخدم هذان المصطلحان، لأن الثورة الفلسطينية هي ثورة شعب من أجل الحرية، وشهدائنا وأسرانا هم مقاتلو حرية وليس إرهابيون. متمنياً أن تكون سقطة لسان من أبو مازن وليس إيماناً منه بهذا الوصف.

ولفت إلى أن حديث الرئيس أبو مازن عن القرار 181 بشكل سردي هو رسالة بأنه في حال فشل خيار حل الدولتين فإن هناك ما يمكن أن نطالب به وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وهو القرار 181 الذي يعطي الفلسطينيين 44% من فلسطين التاريخية و56 للإسرائيليين، وهو أكثر مما هو في قرار حل الدولتين، وهو إيحاء للمجتمع الدولي بان يتحمل مسؤوليته في تطبيق القرار.

وأيضاً أن الرئيس عباس لم يستطع تهديد المجتمع الدولي، بأن القوة الشعبية الفلسطينية والتي ضغط هو عليها لمدة 25 عاماً من أجل إنجاح عملية التسوية والمفاوضات أنها فشلت وأن الشعب قادر على ابتداع الخيارات الجديدة في المواجهة ولن يستسلم ولن يستكين.

ورأى أنه من الواضح أن الرئيس قبل اجتماعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعرض لضغوط أمريكية، بموجبها استجاب لبعض التهديدات من الولايات المتحدة، وكان نوع من التماهي للرئيس مع بعض التهديدات حيث قبل مساعدات تقدر بـ 20 مليون دولار خلال اجتماعه بترامب، غير مستبعد أنه تم حذف بعض الفقرات من خطابه تلبية للضغط الأمريكي.

وأرسل الرئيس أبو مازن رسالة في خطابه، من خلال تعبيره عن ارتياحه لتفاهمات القاهرة وأنه سيرسل حكومته لغزة، وهذه كانت رسالة تهديد وأنه سيذهب للوحدة الفلسطينية وستكون حماس الظهير لمنظمة التحرير الفلسطينية، بمعنى أن خيار الوحدة سيكون موجه في وجه « إسرائيل » والعالم، وهذا الخيار لا يعني الاستمرار في المفاوضات، وإنما يعني استراتيجية وطنية فلسطينية موحدة جديدة.

وحول إمكانية تنفيذ الرئيس تهديداته بحل السلطة وغيرها من التهديدات

أعرب المحلل السياسي سويرجو، عن عدم اعتقاده أن الرئيس قادر على الذهاب بالتهديدات التي ساقها في الأمم المتحدة، ولكنه كشخص من النظام السياسي الفلسطيني لن يدوم للأبد، أوضح وجهة الشعب الفلسطيني وخياراته في حال فشلت عملية التسوية، وهو خاطب الفلسطينيين والعرب والعالم، والرسالة أصبحت واضحة، بمعنى أن الرئيس عباس قبل أن يتكرر معه مشهد الرئيس الراحل ياسر عرفات في مقر المقاطعة، سيلقي الكرة في ملعب الشعب وفصائل منظمة التحرير ومعها حركتي حماس والجهاد الإسلامي من أجل ابتداع الوسائل الجديدة في المواجهة.

المصالحة والصفقة السياسية

وعن الجهود التي تبذل لتحقيق المصالحة الفلسطينية وهل هي جزء من صفقة أو تسوية قادمة للوضع الفلسطيني، أوضح المحلل السياسي سويرجو، أن الجهد الخارجي المبذول من أجل إنجاح المصالحة الفلسطينية عليه علامات استفهام كبيرة، وتدلل على وجود دول لها مصلحة في ذلك، لكن السؤال ما هي طبيعة هذه المصلحة؟، وقال:« إذا ما بحثنا عن كل الأدوار التي لعبت فيها، كالدور الروسي والدور المصري والدور السعودي، وحتى رفع الفيتو الأمريكي عن المصالحة، كل هذه الأدوار من الواضح أنها تصب في مشروع ما يسمى بالسلام الإقليمي الذي سيتم فرضه على الفلسطينيين بالقوة في ظل غياب ما يسمى بحل الدولتين.

وأوضح أن السلام الإقليمي سيكون عملياً هو تطبيق ومصالحات تاريخية مع كافة الدول العربية و »إسرائيل« ، وأن يكون الفلسطينيين في المرحلة القادمة في مرحلة انتقالية يتم فيها ما يسمى بالسلام الاقتصادي (خلق حالة من إنعاش الاقتصاد الفلسطيني، والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة)، في تجاه إعطاء »إسرائيل« مزيداً من الوقت لقضم الضفة الغربية بشكل متدرج، وفي النهاية إعلان عن ضم أجزاء كبيرة من الضفة وإبقاء بعض الكنتونات وتتقاسمها مصر والأردن.

ورأى أن مصر لن تقبل أن تلقى غزة في حضنها وتحت مسؤوليتها، وهي قد تدفع أن يكون شكلاً كنفدراليا ما بين غزة وكنتونات الضفة والأردن، وهو ما يخطط له نتنياهو.

كل ما يجري من مصالحات فلسطينية الآن من أجل توحيد الكلمة الفلسطينية تمهيداً لتلك الصفقة التي يعتقد البعض أنها ستنجح، ولكن أقول أن أي تجاوز للحقوق الفلسطينية ستبوء بالفشل ولن تنجح لأن الضمانة الأساسية لكل ما يجري الآن، هو 7 مليون فلسطيني على الأرض في الضفة والقطاع والداخل، وهم يمثلون الضمانة الحقيقية لاستمرار النضال الفلسطيني حتى نيل حقوقه ولا يمكن شطبه أو تجاوزه بأي شكل من الأشكال، والأيام ستثبت أن الشعب الفلسطيني مبدع وسيخرج من هذه المؤامرة بأساليب جديدة في مواجهة »إسرائيل« والعالم.

سلاح المقاومة

سيكون توافق داخلي على حفظ سلاح المقاومة بأي شكل من الأشكال، لأنه لا يوجد ثورة في التاريخ سلمت سلاحها قبل نيل حريتها، ، وهذا لا يعني أن لا يكون هناك استراتيجية موحدة تعتمد على السياسية والدبلوماسية، ولكن في نفس الوقت يجب على المقاومة أن تكون الظهير الدائم لهذه السياسية الجديدة، والاستراتيجية الجديدة في التعامل مع الشعب، مؤكداً أن في ظل مصادرة المقاومة سيتم شطبنا وسنصبح الهنود الحمر رقم 2 في العالم.

إيران

من الواضح، أنه تم خلق عدو وهمي للمنطقة العربية من قبل الولايات المتحدة وأعوانها، مثلاً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو ما يمسى بالبعبع الإيراني الذي يشكل خطر على المنطقة وطموحات الدولة الفارسية في السيطرة على المنطقة العربية، مؤكداً أن هذا الترويج هو وهم كبير غير موجود على الاطلاق، وبالعكس هناك من القواسم المشتركة للعمل مع الإيرانيين بعشرات الأضعاف ما يجري الان مع تحالف مع قوى أجنبية وغربية من أجل السيطرة على المنطقة وإخضاعها لتبعية لمئة عام قادمة كما حصل في اتفاقية سايكس بيكو حيث أدت إلى 100 عام من الاذلال ومصادرة الهوية العربية، والحق العربي في التنمية والتطور، وأبقتنا شعوباً متخلفة لسنوات طويلة.

وأكد على أن الغرب الأن بزعامة أمريكا، يحاولون إعادة تكرار هذا السيناريو من أجل إخضاع الأمة الإسلامية مرة أخرى لعشرات السنوات في خلق حرب وهمية مع جيراننا الإيراني، الذين يجب أن يكونوا شركاؤنا في مواجهة السطوة الامبريالية والرأسمالية العالمية التي تحاول استغلال الشعوب والدول، معرباً عن اعتقاده أن التفاهم والتحالف مع إيران في معاداة العالم الغربي الذي يستهدف المنطقة هو أجدى بألف مرة من التحالفات الجديدة التي تضع إيران هدفاً من أجل إخضاعها.

وشدد على أن هذا السيناريو وجد فقط من أجل أن تستسلم الامة العربية للتقسيمات الجديدة والسياسات الأمريكية الجديدة وهي سياسية خلق الوكلاء في المنطقة، بمعنى أن الولايات المتحدة ضمن سياسية التقوقع الإيجابي التي ينتهجها دونالد ترامب ستلجأ لخلق بعض الوكلاء في المنطقة لتمرير السياسيات الامريكية بالتحالف مع »إسرائيل« ، معرباً عن اعتقاده أن هذه السياسية لن تستمر لسنوات طويلة وستفشل كما فشلت الكثير من الاحلاف في المنطقة.

ورأى المحلل »سويرجو« أن الحل الوحيد الآن هو مسايرة الإخوة الإيرانيين الذين نجحوا في التنمية والتطوير وأصبحت إيران دولة يحسب لها ألف حساب، وعلى العرب أن يقوموا بتقليد هذه الدولة من خلال فتح مجالات التعاون معهم وليس معاداتهم، مشيراً إلى أنه عبر التاريخ معروف أن الثقافة الفارسية والتاريخ الفارسي الذي تزاوج مع الثقافة العربية والفكر العربي لمئات السنين استطاع أن يخلق نوع من العرب الجديد الذين اختلفوا عن عرب الصحراء، وما يجب الاعتراف به هو أن التزاوج مع الحضارات الأخرى وليس فقط الحضارة الإيرانية بل الحضارة الهندية والتركية وغيرها أثبتت أن هذا التزاوج خلق امبراطورية قوية استطاعت أن ترمي سيطرتها على أطراف مترامية وصلت إلى الصين وحدود فرنسا وصقلية وإلى أبعد الحدود.

اعتقد أن التحالف والتفاهم مع الطرف الإيراني هو واجب عربي وليس التحالف مع الولايات المتحدة و »إسرائيل« لكسر هذه القوة التي يجب أن تكون سندا للعرب وليس عدواً لها.

الزيارات العربية لإسرائيل

ورأى أن زيارات بعض الزعماء العرب بشكل سري، تأتي في إطار الاستسلام العربي لما هو آت، لأن الدب الأمريكي الكبير أرسل رسائل واضحة إلى كل هذه المشيخات الصغيرة والسلطات الضعيفة التي جاءت على حساب شعوبها بفرض نفسها، رسالة واضحة وهي »أنه إذا لم تتجاوب مع السياسية الامريكية في المنطقة وعلى رأسها ضمان أمن دولة « إسرائيل » في المنطقة والمصالح الأمريكية، فان الولايات المتحدة سترفع حمايتها عنكم، وضرب أبسط الامثال بأن الولايات المتحدة سترفع الحماية عن طائرات المشايخ التي يتنقلون بها داخل وخارج بلادهم، ليكونوا عرضة للخطر والسقوط في أي لحظة"، وهي رسالة وصلت بوضوح، لذلك هم يلبون الآن شروط الولايات المتحدة للبقاء في السلطة.

 

كلمات دلالية