خبر بـالـحـبـر الــســري.. خالد صادق

الساعة 12:16 م|21 سبتمبر 2017

فور عودة وفدي المصالحة من القاهرة, خرجت تصريحات بين الوفدين المتحاورين ليشيد كل منهما بالآخر, ويظهرا الجوانب الايجابية في اللقاءات والحوارات بينهما, وقناعة كل طرف منهما بضرورة إنهاء هذه المرحلة المؤلمة من الانقسام والحصار والعقوبات, وتغليب مصلحة المواطن الفلسطيني المقهور على المصالح الخاصة والحزبية الضيقة, والإشادة بدور مصر وجهودها التي بذلت لتقريب وجهات النظر بين طرفي الانقسام, وهو ما رفع من وتيرة التفاؤل لدى الفلسطينيين, ويأملون بإيجاد حلول سريعة ومتزامنة لمشكلاتهم وتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية, وتوفير أدنى متطلبات الحياة لسكان قطاع غزة, من ماء وكهرباء وفتح للمعابر وحل مشكلة الموظفين وإعادة النسب المقتطعة من الرواتب.

نعم عادوا بخطاب تفاؤلي, يؤسس لواقع جديد ينتظره المواطن الفلسطيني بفارغ الصبر, والآمال أصبحت معلقة بموقف رئيس السلطة محمود عباس, والخطوات الواجب اتخاذها فورا لتخفيف الأعباء والرفع عن كاهل المواطنين, لكن الرئيس غادر إلى واشنطن, ولا زال الشعب ينتظر ماذا سيقول عن المصالحة الفلسطينية, وما هي أولى خطواته تجاه المصالحة, والحقيقة ان الاستقبال الفاتر من الرئيس عباس لخطوة حماس بحل اللجنة الإدارية, وعدم التعليق حتى الآن على هذه الخطوة, رغم أنها كانت شرطا أساسيا لمحمود عباس للشروع بخطوات المصالحة الفلسطينية, كان مفاجئا لحماس, ودفع فصائل المقاومة لمطالبة رئيس السلطة بخطوة ايجابية متزامنه مع خطوة حماس, كإدخال الوقود لمحطة الكهرباء دون ضريبة البلو, أو إعادة النسبة المقتطعة بطلب من السلطة من الخط «الإسرائيلي» إلى غزة, أو إعادة رواتب موظفي رام الله إلى ما كانت عليه, أو حتى السماح لحكومة التوافق باستلام مهامها في قطاع غزة فورا.

واضح ان الحوار الثنائي بين طرفي الانقسام والذي لم تشارك فيه فصائل المقاومة الفلسطينية, أفضى إلى نقاط لم تتضح بعد, وبنود لا زالت قيد الدراسة من قيل الطرفين, وأمور عالقة يتم تدارسها مع القيادة المصرية, أما كلمات الإشادة والتبجيل التي خرجت على لسان القيادتين, فهي لا تعدو كونها تطمينات للمواطنين, ومحاولة كل طرف من طرفي الانقسام الإحياء بأنه قدم كل ما لديه, وعلى الطرف الأخر ان يقدم ما لديه أيضا, والغريب ان هذا تكرر في الاتفاقيات الست التي وقعت سابقا بين الطرفين, وانتهت كلها بالفشل, فهل هذه المرة من الممكن ان ينجح الطرفان في تحقيق المصالحة, والاستجابة لرغبات الفلسطينيين؟!.

اتفاق المصالحة بين طرفي الانقسام, لا يجب ان تكتب بنوده بالحبر السري, ولا يجب ان يتم بعيدا عن بقية الفصائل الفلسطينية, لأنها هي أول من دفع الثمن من وراء هذا الانقسام, وقد بذلت جهودا مضنية على مدار أكثر من عشر سنوات لإنهاء هذا الانقسام البغيض, وخاضت حروبا ثلاثاً جنبا إلى جنب مع حركة حماس, وتحملت أعباء هذا الانقسام سياسيا وعسكريا وامنيا واقتصاديا, ودائما عندما يتحاور طرفا الانقسام يكون الحوار منفردا, دون شراكة حقيقية للفصائل الفلسطينية الأخرى, وكأن الواجب فقط يحتم عليها بذل الجهود المضنية حين الخصام والتناحر بين الطرفين, والتصفيق لهما حين التوافق, حتى لو كان تصفيقا قد يتبعه إخفاق كما حدث في مرات عديدة سابقة.

نحن نأمل ان تنجح جهود القاهرة في إنهاء الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس, وإعادة اللحمة إلى الجسم الفلسطيني مرة أخرى, كي نتفرغ للاحتلال الصهيوني الذي يتحين الفرص للانقضاض علينا, وتنصب جهودنا لمواجهته والتصدي لمؤامراته ومخططاته, فان ما يعني الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني أولا وأخيرا, هو إنهاء هذا الانقسام والتخلص من تبعاته, والتوافق على برنامج وطني يجتمع حوله الكل الفلسطيني, فقد تزايدت المسؤولية على طرفي الانقسام, وعليهما ان يدركا ان الفرص ليست متاحة دائما, وان الفلسطينيين تحملوا كثيرا ويلات هذا الانقسام, وانه قد آن الأوان في ظل حالة الترف السياسي التي تعيشها «إسرائيل», ان تجد من يقف في وجهها, ويتصدى لسياساتها, ويعمل على إحباط مخططاتها, فهلا تكونان على قدر المسؤولية؟, حقيقة وصدقا نتمنى ذلك!.

كلمات دلالية